صفحة الكاتب : سلمان عبد الاعلى

المشروع الإيراني في المنطقة !
سلمان عبد الاعلى

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لم أكن لأكتب هذا المقال لولا الموقف الذي تعرضت له مؤخراً والذي له علاقة وصلة وثيقة به، إذ كنت في لقاء مع أحد المسئولين لإحدى الشركات الكبرى عندنا في المملكة، والذي افتتح اللقاء بسؤالي: هل أنت شيعي؟ فأجبته بنعم، وما إن سمع جوابي حتى ألحق سؤاله بالسؤال التالي: ما رأيك بالمشروع الإيراني في المنطقة؟ !

 
في الحقيقة ما إن سمعت هذا السؤال حتى داخلي شعور بالاستياء، وذلك لأن هدفي من اللقاء هو أمر آخر بعيد الصلة عن هذا الموضوع، فهو لا يرتبط به لا من قريب ولا من بعيد، ولكن ما جعل الجلسة تنحو هذا المنحى هو ما يثار حالياً في وسائل الإعلام الخليجية عن ما يسمى بالمشروع الإيراني في المنطقة، والذي أنا إلى الآن أجهله ولا أعرف شيئاً عنه، ولم أجد شخصاً يتبرع لي ليبينه ويشرحه فضلاً عن أن يثبته ويدلل على وجوده، فالكثير يحذر من ما يسمى بالمشروع الإيراني، ولكن دون تحديد دقيق لماهية هذا المشروع وأهدافه وأبعاده.  
فنحن نلاحظ أن عبارة المشروع الإيراني في المنطقة -والمقصود طبعاً المنطقة العربية أو الخليج العربي على وجه الخصوص- تتردد حالياً بكثرة على ألسن الكثيرين من المحليين السياسيين والكتاب ورجال الدين السلفيين وغيرهم، ولكن وللأسف الشديد أنهم يرددون هذه العبارة دون أن يقدموا شرحاً ولو موجزاً لها، فنحن نحتاج أن نتعرف على ما هو هذا المشروع؟ وما هي أهدافه؟ وما هي مظاهره ومرتكزاته؟ وهل هو معارض لمصالحنا كدول ومجتمعات عربية أم لا؟ 
 
لكن وعلى كثرة ما سمعت عن هذا المشروع، وعلى كثرة التهويل الإعلامي له لم أجد إلى الآن شخصاً يثبته ويوضحه، مع أنه خطر كما يقول المحذرون منه، ولا أدري كيف يكون بذلك المستوى من الخطورة، والصورة حوله هولامية وينقصها الكثير من الوضوح، إذ كيف تسنى للمحذرين منه أن يحددوا مستوى خطورته، وهم لم يقدموا إثباتاً عليه أو تبييناً له بشكل مثبت وواضح. 
أقول كلامي هذا، لا لأنني أدافع عن إيران، بل لأن البعض أخذ من هذا العنوان فرصة لتنفيذ أجنداته الطائفية، فأخذ يروج بأن ولاء الشيعة لإيران وليست لأوطانهم، وهم يقفون مع المشروع الإيراني في المنطقة ضد أوطانهم، وغيرها من العبارات الموظفة والتي تفوح منها رائحة الطائفية. 
 
فالبعض من الطائفيين السلفيين وجدها فرصة ذهبية بالنسبة له، لمهاجمة الطائفة الشيعية، من ناحية التشكيك في ولائها لأوطانها، ليتسنى له بعدها من محاربة الشيعة ومهاجمة معتقداتهم التي يراها معتقدات باطلة بكل حرية.
وأنا بدوري أتسائل: كيف يقف الشيعة مع المشروع الإيراني وهم لا يعرفونه؟ ! إذ أنني لم أجد أحداً من أفراد الشيعة ولا من قياداتهم وأنا أعيش في أوساطهم يتحدث عن هذا المشروع فضلاً عن أن يتحدث عن آليات تنفيذه وتطبيقه على الأرض، والأمر الآخر، لماذا لا يُركز على المشاريع الأمريكية والصهيونية في المنطقة مع أن لهما مشاريعهما الواضحة، والتي الكثير منها معلن وممثل على الأرض؟! ثم ما علاقة هذا الأمر لو افترضنا وجوده بالجانب الديني؟ أوليس هذا الموضوع من المواضيع السياسية البحتة؟! 
فهذه التساؤلات تثور في ذاكرتي كلما تأملت في هذا الموضوع. فلو فرضنا أن لإيران مشروعاً في المنطقة، فمشروعها هو مشروع سياسي، وليس مشروعاً دينياً أو مذهبياً حتى يتم إطلاق العنان للطائفيين لمهاجمة الشيعة (كل الشيعة) تحت هذه الذريعة، ولو فرضنا كذلك أن هذا المشروع السياسي واضح وهو في غير صالحنا، فما هي الطريقة المثلى لمقاومة هذا المشروع؟! هل يا ترى بالخطب الدينية وبالشحن والتحريض الطائفي كما نرى؟!
 
بالتأكيد لا، فهذا الأمر غير صحيح وغير مقبول، فلو فرضنا وسلمنا بوجود هذا المشروع، فهو مشروع سياسي بامتياز وليس مشروعاً دينياً أو مذهبياً، ولهذا ينبغي أن تكون ردود الفعل حوله ردود فعل سياسية لا ردود فعل دينية أو مذهبية، إذ ينبغي أن يواجه ويتصدى له من قبل السياسيين، وذلك بالطرق والأساليب السياسية، وبحشد سياسي وعسكري رادع إن تطلب الأمر، لا أن يواجه من قبل رجال الدين الطائفيين من خلال الخطب التحريضية في المراكز الدينية أو الوسائل الإعلامية، والتي تشن الهجوم على طائفة بكاملها وتحشد الجماهير ضدها كما يفعل الكثير من رجال الدين الطائفيين، فسياسة دولة ينبغي أن تواجهها سياسة دولة، وذلك حتى تكون المواجهة من جنسها ومنسجمة معها. 
لذلك أقول: أتمنى إعادة النظر في طريقة تعاطينا مع هذه القضية، وذلك بأن نتركها للمسئولين السياسيين في بلداننا لأنها من اختصاصاتهم، ونبعدها قدر الإمكان عن زجها في المجال الديني والاجتماعي، لأن هذا لا يصب في مصلحة أوطاننا، وإذ تطرقنا لها في مجالنا الاجتماعي والديني، فعلينا أن نعي بأنها مسألة سياسية بحتة ولا ندمجها ونخلطها في الموضوع الطائفي المذهبي، وذلك لأنها مسألة لها علاقة بسياسة دولة وليست بسياسة طائفة، لذا ينبغي التفريق.
 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سلمان عبد الاعلى
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/05/13



كتابة تعليق لموضوع : المشروع الإيراني في المنطقة !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net