نثار الافكار 65(زيارة الاربعين بين التشكيك والتحقيق)
الشيخ حيدر الوكيل
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
زيارة الاربعين من الزيارات التي أخذت مأخذها من الوجدان الشعبي حتى صارت من اهم المواسم الدينية , وفي عراقنا الحبيب تخلو البلاد من ساكنيها فلا تكاد تجد من لا يهتم بها بلون من الاهتمام , من خدمة الزوار في الطريق وفي الدور , ومن بذل للمال ومن مشي الى زيارة سيد الشهداء صلوات الله عليه , وقد هال الخصوم هذا التجمع الديني الاكبر في العالم الذي برز فيه شيعة ال محمد صلى الله عليه واله باروع اشكال العطاء والرقي الاخلاقي , ومن هنا فاننا نجد ان الخصم يحاول جاهدا التشكيك في امر الزيارة ومشروعيتها وتثبيط المؤمنين عنها , ولكن بائت محاولاتهم بالفشل والحمد لله رب العالمين .
ومن هنا فان البحث حول بعض تفاصيل الامور المتعلقة بالزيارة الاربعينية قد يحسب على تيار التشكيك بالشعيرة , ولكن الصحيح ان اثارة بعض المواضيع العلمية امر مهم لئلا يكون عنوان الحفاظ على الشعيرة غطاءا لدخول الاخطاء العلمية او الشرعية او التاريخية في ما هو مهم في حياتنا الايمانية .
ولعل من الاخطاء الكبيرة التي تجذرت في الوجدان الشعبي وتسربت الى الاعلام بشتى صنوفه هو ان يوم الاربعين هو يوم رجوع السبايا الى كربلاء , فنجد ان المؤمنين يصورون رجوع السبايا وياتي بعضهم بتشابيه العودة المزعومة , وغير ذلك , بل وجدنا في التقويم الشرعي ( مواقيت الاهلة ) الصادر عن مكتب سيدنا الاعظم المرجع الاعلى السيد السيستاني ( دام ظله ) العبارة التالية : " العشرون منه ( صفر ) ورود السبايا من ال بيت الرسول صلى الله عليه واله ارض كربلاء , سنة 61 هـ " , والظاهر بطلان هذه الدعوى , وعدم امتلاكها الرصيد التاريخي المؤيد لها , وذلك لامور :
الاول : ان النصوص التاريخية القديمة ولعل اقدمها ما عن المفيد قدس سره في مسار الشيعة , والطوسي قدس سره في مصباح المتهجد التي ذكرت رجوع السبايا الى المدينة ولم تذكر رجوعهم الى كربلاء بل نصت على ورود جابر بن عبد الله الانصاري رضوان الله تعالى عليه الى كربلاء وانه اول من زار الحسين صلوات الله عليه من الناس , واليك النصان عن الشيخين :
النص الاول : عن الشيخ المفيد :" وفي اليوم العشرين منه كان رجوع حرم سيدنا ومولانا أبي عبد الله عليه السلام من الشام إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وآله ، وهو اليوم الذي ورد فيه جابر بن عبد الله بن حزام الانصاري - صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله ورضى الله تعالى عنه - من المدينة إلى كربلاء لزيارة قبر سيدنا أبي عبد الله عليه السلام ، فكان أول من زاره من الناس ". مسار الشيعة للشيخ المفيد ص 46 .
النص الثاني : عن الشيخ الطوسي : " وفي اليوم العشرين منه كان رجوع حرم سيدنا أبي عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام من الشام إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وآله وهو اليوم الذي ورد فيه جابر بن عبد الله بن حرام الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله ورضي عنه من المدينة إلى كربلاء لزيارة قبر أبي عبد الله عليه السلام فكان أول من زاره من الناس ، ويستحب زيارته عليه السلام فيه وهي زيارة الأربعين . مصباح المتهجد ص 787 .
الثاني : ان مدة اربعين يوما كيف تكفي لوقوع كل تلك الاحداث من السبي الى الكوفة ثم الى الشام والحبس في الشام شهرا كما في الاقبال لابن طاووس ج3 ص 101 .
تنبيهان :
التنبيه الاول : قال ابن طاووس ره :" فصل : ووجدت في المصباح ان حرم الحسين عليه السلام وصلوا المدينة مع مولانا علي بن الحسين عليه السلام يوم العشرين من صفر ، وفي غير المصباح انهم وصلوا كربلاء ايضا في عودهم من الشام يوم العشرين من صفر ، وكلاهما مستبعد لان عبيد الله بن زياد لعنه الله كتب الى يزيد يعرفه ما جرى ويستأذنه في حملهم ولم يحملهم حتى عاد الجواب إليه ، وهذا يحتاج الى نحو عشرين يوما أو أكثر منها ، ولانه لما حملهم الى الشام روي انهم اقاموا فيها شهرا في موضع لا يكنهم من حر ولا برد ، وصورة الحال يقتضي انهم تأخروا اكثر من اربعين يوما من يوم قتل عليه السلام الى ان وصلوا العراق أو المدينة ". اقبال الاعمال ج3 ص 100 ـ 101 .
اقول : قد اصاب في الجواب , ولكنه اشتبه في الاستفادة من نصوص المتقدمين فانهم ما ذكروا رجوع السبايا الى كربلاء ...
التنبيه الثاني : قال ابن طاووس ره :" ولم اذكر الى الآن انني وقفت ولا رويت تسمية احد ممن كان من الشام حتى اعادوه الى جسده الشريف بالحائر عليه افضل السلام ، ولا كيفية لحمله من الشام الى الحائر على صاحبه اكمل التحية والاكرام ، ولا كيفية لدخول حرمه المعظم ولا من حفر ضريحه المقدس المكرم حتى عاد إليه ، وهل وضعه موضعه من الجسد أو في الضريح مضموما إليه" . الاقبال ج3 ص 99 .
اقول : أ ليس من العجيب بعد اعترافه رحمه الله تعالى بعدم اي مؤشر على عودة الرأس المقدس او العائلة الكريمة الى كربلاء كيف يحكم به ؟!
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
الشيخ حيدر الوكيل

زيارة الاربعين من الزيارات التي أخذت مأخذها من الوجدان الشعبي حتى صارت من اهم المواسم الدينية , وفي عراقنا الحبيب تخلو البلاد من ساكنيها فلا تكاد تجد من لا يهتم بها بلون من الاهتمام , من خدمة الزوار في الطريق وفي الدور , ومن بذل للمال ومن مشي الى زيارة سيد الشهداء صلوات الله عليه , وقد هال الخصوم هذا التجمع الديني الاكبر في العالم الذي برز فيه شيعة ال محمد صلى الله عليه واله باروع اشكال العطاء والرقي الاخلاقي , ومن هنا فاننا نجد ان الخصم يحاول جاهدا التشكيك في امر الزيارة ومشروعيتها وتثبيط المؤمنين عنها , ولكن بائت محاولاتهم بالفشل والحمد لله رب العالمين .
ومن هنا فان البحث حول بعض تفاصيل الامور المتعلقة بالزيارة الاربعينية قد يحسب على تيار التشكيك بالشعيرة , ولكن الصحيح ان اثارة بعض المواضيع العلمية امر مهم لئلا يكون عنوان الحفاظ على الشعيرة غطاءا لدخول الاخطاء العلمية او الشرعية او التاريخية في ما هو مهم في حياتنا الايمانية .
ولعل من الاخطاء الكبيرة التي تجذرت في الوجدان الشعبي وتسربت الى الاعلام بشتى صنوفه هو ان يوم الاربعين هو يوم رجوع السبايا الى كربلاء , فنجد ان المؤمنين يصورون رجوع السبايا وياتي بعضهم بتشابيه العودة المزعومة , وغير ذلك , بل وجدنا في التقويم الشرعي ( مواقيت الاهلة ) الصادر عن مكتب سيدنا الاعظم المرجع الاعلى السيد السيستاني ( دام ظله ) العبارة التالية : " العشرون منه ( صفر ) ورود السبايا من ال بيت الرسول صلى الله عليه واله ارض كربلاء , سنة 61 هـ " , والظاهر بطلان هذه الدعوى , وعدم امتلاكها الرصيد التاريخي المؤيد لها , وذلك لامور :
الاول : ان النصوص التاريخية القديمة ولعل اقدمها ما عن المفيد قدس سره في مسار الشيعة , والطوسي قدس سره في مصباح المتهجد التي ذكرت رجوع السبايا الى المدينة ولم تذكر رجوعهم الى كربلاء بل نصت على ورود جابر بن عبد الله الانصاري رضوان الله تعالى عليه الى كربلاء وانه اول من زار الحسين صلوات الله عليه من الناس , واليك النصان عن الشيخين :
النص الاول : عن الشيخ المفيد :" وفي اليوم العشرين منه كان رجوع حرم سيدنا ومولانا أبي عبد الله عليه السلام من الشام إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وآله ، وهو اليوم الذي ورد فيه جابر بن عبد الله بن حزام الانصاري - صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله ورضى الله تعالى عنه - من المدينة إلى كربلاء لزيارة قبر سيدنا أبي عبد الله عليه السلام ، فكان أول من زاره من الناس ". مسار الشيعة للشيخ المفيد ص 46 .
النص الثاني : عن الشيخ الطوسي : " وفي اليوم العشرين منه كان رجوع حرم سيدنا أبي عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام من الشام إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وآله وهو اليوم الذي ورد فيه جابر بن عبد الله بن حرام الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله ورضي عنه من المدينة إلى كربلاء لزيارة قبر أبي عبد الله عليه السلام فكان أول من زاره من الناس ، ويستحب زيارته عليه السلام فيه وهي زيارة الأربعين . مصباح المتهجد ص 787 .
الثاني : ان مدة اربعين يوما كيف تكفي لوقوع كل تلك الاحداث من السبي الى الكوفة ثم الى الشام والحبس في الشام شهرا كما في الاقبال لابن طاووس ج3 ص 101 .
تنبيهان :
التنبيه الاول : قال ابن طاووس ره :" فصل : ووجدت في المصباح ان حرم الحسين عليه السلام وصلوا المدينة مع مولانا علي بن الحسين عليه السلام يوم العشرين من صفر ، وفي غير المصباح انهم وصلوا كربلاء ايضا في عودهم من الشام يوم العشرين من صفر ، وكلاهما مستبعد لان عبيد الله بن زياد لعنه الله كتب الى يزيد يعرفه ما جرى ويستأذنه في حملهم ولم يحملهم حتى عاد الجواب إليه ، وهذا يحتاج الى نحو عشرين يوما أو أكثر منها ، ولانه لما حملهم الى الشام روي انهم اقاموا فيها شهرا في موضع لا يكنهم من حر ولا برد ، وصورة الحال يقتضي انهم تأخروا اكثر من اربعين يوما من يوم قتل عليه السلام الى ان وصلوا العراق أو المدينة ". اقبال الاعمال ج3 ص 100 ـ 101 .
اقول : قد اصاب في الجواب , ولكنه اشتبه في الاستفادة من نصوص المتقدمين فانهم ما ذكروا رجوع السبايا الى كربلاء ...
التنبيه الثاني : قال ابن طاووس ره :" ولم اذكر الى الآن انني وقفت ولا رويت تسمية احد ممن كان من الشام حتى اعادوه الى جسده الشريف بالحائر عليه افضل السلام ، ولا كيفية لحمله من الشام الى الحائر على صاحبه اكمل التحية والاكرام ، ولا كيفية لدخول حرمه المعظم ولا من حفر ضريحه المقدس المكرم حتى عاد إليه ، وهل وضعه موضعه من الجسد أو في الضريح مضموما إليه" . الاقبال ج3 ص 99 .
اقول : أ ليس من العجيب بعد اعترافه رحمه الله تعالى بعدم اي مؤشر على عودة الرأس المقدس او العائلة الكريمة الى كربلاء كيف يحكم به ؟!
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat