صفحة الكاتب : تحسين الفردوسي

دموع اليقين في عيون الأربعين
تحسين الفردوسي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

للدموع لغةً, يُبصِرُ فهمها عقيدة البكاء, ولأن فيها الحياة فهي تسمعُ وترى, وتُحَدِثُ أخبار النفوس, لِتتَرجم بإختصار الكلام الكثير, إنها ثورة الإحساس, ترتقي بقداسة المحسوس, لتستحي منها مزيد جهنم فتطفي لهيبها, كرامةً لسيد شباب أهل الجنة.

 في سفر زيارة الأربعين, لم ترَ عيني الأرض أبداً, من أصطفاف السرادق كالبنيان المرصوص, وخدامها الذين أستبقوا صراط الخدمة وفنونها, وخدورٍ حملت رضعانها, وشيبةً متكئين بشبانهم, مسرعين إلى الجنَّة, لا يستطيعون منافسة المعاقين والمقطعة أرجلهم, فأسود لون الأرض بملابسهم, ورسموا لوحة الحداد بمسيرتهم, هنا كانت لدموعي كلمة, أرادت أن تنزل, لتريني سفر بنات الرسالة, التي أمسى خدورها صِبغَ رماد الخيام المحترقة.

رَمقتُ السماء بنظري, فوجدت الشمس بازغةٌ, غير خجلةً من ذلك اليوم, الذي لامست أشعتها, تلك الوجوه المقدسة, فسالت دموعي مشاهدةً قلوباً, تسابقت مع الطائرات في الهواء, متخذةً قبلها من مطارات بلدانهم, حسينيات لإقامة العزاء, مستغلين أوقات الإنتظار, بتسبيح اللطم وتهليل البكاء, لتتعالى الصلوات بهبوط, طائرات النجاة للحاق بركب التحدي, فطارت قلوبهم قبلها في السماء, محلقةً فوق قبة جذب القلوب المحترقة, بحرارة المصيبة التي لا تنطفي.

عندما جنَّ الليل, لم أرَ نوراً في طريق الزائرين, فإنهارت دموعي لترى ذلك الليل, الذي سار مع ركب السبايا, ليستر بظلامه بنات الرسالة, ثم إنتبهت دموعي مندهشةً, فرأت فوقها النور يطلب نوراً من مصباح الهدى, لينير القلوب التي يسكنها الدجى لتستنير بعشقه, لأن الزائرين لا يحتاجون إلى النور في طريقهم, فخطواتهم سبقت أرجلهم بالمسير مستبشرةً بالوصول قبلها.

عند وصولي إلى الجسر, لم أرَ الفرات في نهره, فتفجرت دموعي لتروي ظمأ المصيبة, فرأت الفرات عطشاناً بمائه, وأخذ يشرب من ماء جبينه خجلاً ولم يرتوي, وعلى ذلك النهر, وقف الوفاء متحيراً, يسأل وفاءاً من وفاء أبي الفضل (عليه السلام), والصبر أخذ يبكي, ويرتجي صبراً من صبر, ذلك التل الذي بقي شامخاً بوقفةِ ملهمة الصبر والشموخ, الحوراء زينب (عليها السلام).

وصفوا كربلاء بالجنة, وعند وصولي هناك لم أرَ الجنَّة! لكن دموعي رأت جنة العشق في حضرة المعشوق, أفقدتني بعدها نشوة كل الجنان, كما أنها رأت خلوداً عبر ملحمة الخلد, جسد خلودها لسان العشق الخالد, على مدى الخلود, فخلدت واحدة الدم المنتصر, الذي هزَّ عروش الطواغيت, ليرتجف جبروتهم تحت أقدام زوار أبا الأحرار (عليه السلام), ليسحقوا بجحافلهم أنوف الظلم والفساد, والذل والهوان.

لقد إنهارت سدَّة المخططات, التي وضعت على خليج الحرية, فتدفق منها الأحرار, من كل أنهار الأرض, ليُغرِقوا العالم بدروس التضحية والإباء, باعثين شلل الخوف للأيادي التي إرتعشت, خلف كاميرات فضائياتها, قلقةً خائفةً, فغطت خزيها, بتغطية نكرانها لهذه الملايين, التي نقل فضاء الكون, مسيرتهم المدوية, إلى عالم الملكوت الأعلى, ليفخر بصولتهم سُرادقاتِ عرش الباري عزَّ وجل.

 

كلما كانت القلوب صادقة, كانت الدموع ناطقة, فما بالكم بتلك القلوب التي صدقت ما عاهدت ربها عليه, فإن دموعها نطقت, فسمعها الملايين بمختلف لغاتهم, لينادوا بلغةٍ واحدةٍ, لبيك يا حسين.                 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


تحسين الفردوسي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/12/16



كتابة تعليق لموضوع : دموع اليقين في عيون الأربعين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net