صفحة الكاتب : معمر حبار

حملة انتخابية في المقابر
معمر حبار

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الكل يتحدث عن إبعاد أماكن العبادة وأماكن العمل عن الحملات الانتخابية والدعاية السياسية .. بغض النظر عن القائم عليها والمشرف على تسيير شؤونها.. لكن لم يتحدث أحد عن إبعاد المقابر عن السياسة واتخاذ العظام مطية لدعاية أي حزب كان.. 
بدأت الحملة الانتخابية بدخول آلات التصوير إلى المسجد، لتلتقط صور القائمين على الحزب أولا ودائما .. وكأنهم في حفل توزيع الجوائز.. دون مراعاة حرمة صاحب النعش الممدود .. وظلت آلات التصوير تلاحق كبار أصحاب الحزب داخل المسجد وبعد صلاة الجنازة مباشرة، وحينما همّوا بركوب سياراتهم الفاخرة.
وبعد أن تمّ دفن الميّت .. وُضعت على الفور مكبّرات الصوت داخل المقبرة .. مايعني أن الحملة الانتخابية أُعدّ لها سلفا .. وراحت الصور تلاحق القائمين على الحزب .. وتُلتقط  لمن ألقى كلمة تأبينية .. فأذهبت عن الحاضرين المهابة والجلال في مثل هذه الأماكن .. وكأن المشيّع في عرس عوض مأتم .. وأطلق صاحب الكلمة العنان لقريحته .. وراح يمدح المدفون بأنه..
فعّال في حزبه .. وأن الحزب افتقده .. ويظل يبكي عليه .. طالبا من المشيعين الالتزام بمبادئ الحزب كما التزم بها المدفون .. عاهدا إياه أن يبقى وفيا للحزب كما كان المرحوم وفيا لحزبه .. ويخيلّ للسّامع أنه في ملعب أو قاعة متعددة الرياضات .. 
وكانت الكلمة طويلة جدا .. أرهقت الحضور.. لم يراع صاحبها المشيعين الذين جاؤوا من أماكن بعيدة .. والمسافرين الذين قدموا من ولايات الوطن .. فاستغلت المقبرة لغير الغاية التي أنشئت لأجلها .. وأقحمت السياسة عنوة في غير مكانها .. وفرضت على المشيعين .. وهم لها كارهون ..
لايعني البتّة أن صاحب الميت في وظيفة ..أو فكرة له الحق في أن يستغل الموت والميت .. لأغراضه السياسية .. بل يعتبر ذلك استغلالا للنفوذ في غير الوجهة المرجوة ..
 من استغل من هم تحت الأرض لِمَا هو أسفل.. فلن يصعد بمن هم فوقها وسَيُرْدِيهم أرضا .. لأنه لم يكن في يوم من الأيام الموت وسيلة لتسلّق السّلطة .. وإنما فرصة للكفّ عن التسلّق .. لأن سلطة العظام تعلو سلطة التاج .. والقبر أقرب لصاحبه من كرسيه الذي يجلس عليه .. ويحلم به .. ومن امتطى الأموات .. فهو أبعد من أن يفيد الأحياء.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


معمر حبار
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/12/16



كتابة تعليق لموضوع : حملة انتخابية في المقابر
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net