صفحة الكاتب : عماد يونس فغالي

كمٌّ من الإنسانيّات!
عماد يونس فغالي

كتبت أنجلا خليل روايتَها الأولى "آخرتا"، فحقّ لها اعتراف أنّها "ضربة معلّم". أثبتت نفسها أديبةً في اليفاع سنًّا وعمقَ فكر. وأبدعت! نصّها عجْنُ أحداثٍ بكمٍّ من الإنسانيّات. تواردُ أحوالٍ إنسانيّة في مسار حياة لبيئةٍ مجتمعيّة محدّدة في الزمن والجغرافية، ولكن أيضًا بالأنماط الإيديولوجيّة السوسيودينيّة لوطنٍ لبنان! حقبة زمنيّة ليست بعيدة عن أيّامنا، تنقل الموروثات الضيّقة لعقليّة أمس، لم تعفِ من تفلُّتاتٍ لأجل الشخص البشريّ في كرامته!

التقت الكاتبةُ االشخصيّةَ البطلَ في النصّ، ليطغى ضمير المتكلّم سردًا على امتداد السياق. ولم يَرخَ السبكُ لحظة. ترابطٌ متواصل في الحبكة منذ الأسطر الأولى، يشدّك في تواترٍ وتناسق حتى السطر الأخير، ويذهلكَ تذييل توقيع!
وفي عَودٍ إلى المضمون، أسحرت الكاتبة بحياكة الأحداث في مسارٍ طبيعيّ، وفق المعايير الفكريّة والعقائديّة لموروثات بائدة سادت مجتمعَنا اللبنانيّ في تضيّقه وانغلاقه، لتخرج إلى الرحُب الإنسانيّة المدهشة، فتضع القارئ أمام خيارٍ واحد: تمجيد الله وإكبار الإنسان في ملء قامته. وأبانت الضعف الكامن في الشخصيّات من خلال مظاهر العنف المتجلّي في المواقف، لتنفتح في عَودٍ إلى الذات ربّما قسريّة، على تجلّيات محبّة لا يمكن لشعلتها أن تخبو!
يأسركَ تباعًا في تقدّمكَ عبر الصفحات، إعجابٌ لمكتسبات الكاتبة المبكّرة على الصعد الإنسانيّة والثقافيّة التي سكبتها في السياق. أمِن خبرتها في الحياة استقت هذا الكمّ من التحليلات الراقية للعِقدات المطروحة، وهي بعد لم تطأ العشرين من سنيها، أم من مطالعاتٍ غنيّة بالمرافق الحياتيّة في التشكّلات الاجتماعيّة والنفسيّة للإنسان اللبنانيّ، أم يكون ذلك نتيجة مراقبتها مجرى الأحداث والمواقف برؤيةٍ نقديّة مطعّمة بمكنوزٍ تربويٍّ نشأت عليه؟
وإذا قيل: الإبداع هو النظر إلى المألوف بطريقةٍ غير مألوفة، فالنصّ سَما بشطحاتٍ أدبيّة في الوطنيّات والوجدانيّات، أضفت على السياق تنوّع الإبداع والملَكات الأدبيّة التي تتمتّع بها. هي التي أبت إلاّ أن توجّه الحوارات في الرواية إلى تعلّقٍ بالوطن وتمسّكٍ بالعيش على أرضه. فالحبّ الذي طغى على مدّ الصفحات،
حتى يخال القارئ نفسه في خضمّ أسطورة هيامٍ وغرام، لم يخلُ من ربطٍ صريح بحبّ لبنان، شكّل أعمدة الرواية المفصليّة.
أنجلا خليل، كمال نصّكِ رفعة فكركِ الواضح، أضاء سلاسة الأسلوب في تشكّلاتٍ نصيّة، روت النمطَ السرديّ، فأزهر في أركانه حلاوةَ الإطار اللبنانيّ لزماننا الحاضر. هوذا أدبٌ راقٍ تستعذبه العامّة وتأنس به النخبة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عماد يونس فغالي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/12/02



كتابة تعليق لموضوع : كمٌّ من الإنسانيّات!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net