تقلّبات عادل عبد المهدي..!
محمد الحسن
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
محمد الحسن

"فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (78)"}الأنعام{.
لم يكن إبراهيم (ع) مشركاً؛ إنما هذا المبدأ القرآني الذي يتحدث عن تجربة النبي (ع), يؤسّس لمفهوم "التدبّر". إنّ هذه الجدلية تّنطلق من الذات وتستهدف الحقيقة, وتعد درساً في كيفية الوصول إلى الحق, والمفاضلة بين الأشياء. بمعنى أن الإنسان معني بإستخدام العقل, بغية إكتشاف السبيل الذي يمكّنه من خدمة الإنسانية, وتوافق هذا السبيل مع إرادته العقلية من جهة, ومنطقية الأشياء من جهة ثانية.
منّطق كفيل بإنشاء مجتمع متطور, قائم على الفكر الجدلي التجريبي, الذي لا يقتنع بما جاءه جاهزاً عبر الأسرة أو المجتمع. وبالتالي, غياب المنهج الواراثي التعصبي, وإشتراك الناس في طريقة تفكير واحدة, توصلهم إلى ذات النتيجة, مهما إختلفت الأسباب والوسائل.
إنّ أساليب العمل الحزبي والسياسي, تعد جزءاً من تلك الوسائل الجدلية, وهي لا تقتصر على السياسية؛ إنما تختزل رؤيتها للمجتمع, الإقتصاد, والسياسية, في محتوى واحدة؛ فتنتج آيدلوجية مقوّلبة. غالباً, تضم في صفوفها قناعات ثابتة, لم تفكر حتى بمناقشة المسافة بينها وبين أحقية ما تؤمن به!..
طبيعة نقاش الذات, تؤدي إلى تغيير القناعات, أو على الأقل تضفي تغييرات على أصل المشروع سواء كان حزب أو مؤسسة. صفة نادرة, بيد أنها واجبة التواجد لدى المثقف الإنساني. ومن هذه النوادر, الحالة التي عاشها السياسي عادل عبد المهدي..
تنقّل عادل عبد المهدي بين القومية التي أعتنقها في الخمسينات من القرن الماضي, والشيوعية في بداية الستينات, ثم إستقر أخيراً في النصف الثاني من الستينات, على الفكر الإسلامي..ظاهرة غريبة نوعاً ما, وغرابتها تكمن في كونها تناقض "الإنتهازية"..قومي في أوج المد الشيوعي, وفي ظل الحكم الملكي, وشيوعي في سطوة الحكم القومي ومليشيا "الحرس القومي", وإسلامي رغم قسوة القمع البعثي!..الواحدة منها مهلكة.
هذه الظاهرة الفريدة, والمعاكسة لــ"الإنتهازية" عاشت معارضة للإنظمة طيلة خمسة عقود, لذا صار هذا التميّز, مع غرابته, هاجساً مخيفاً لبعض زملاء العمل السياسي, فالرجل لا يخاطب شعب بأساليب ملتوية؛ إنما يُقنع ساسة, ويُحدث تغييرات إيجابية إينما يحل, ولعل من الأسئلة المحرجة: لماذا في الدورة السابقة كان لرئيس الجمهورية نائبين, والآن ثلاثة؟!..
ببساطة, لإنّ من يمتلك صفة "التقلّب الإيجابي" يستطيع فرض نظرته وقلب الواقع , وعبد المهدي كان نائباً أولاً فأستقال, بينما لم يستطع أياً من الموجودين الآن التعاطي مع هكذا مسؤولية!..
كثر الحديث عن التقشف, ورغم مشاكل الإقتصاد؛ بيد أن وجود عادل عبد المهدي في إدارة ملف النفط, كفيل بعبور هذه المرحلة وقلب تداعياتها المرعبة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat