صفحة الكاتب : خالد محمد الجنابي

ماذا قال الناقوس ؟
خالد محمد الجنابي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

ملاحظة / يروى في احدى ألأساطير الصينية  أن ملكا أراد ناقوسا ضخما يصنع من الذهب والحديد والفضة والنحاس ، ولكن المعادن المختلفة أبت أن تتحد واستشارت كونغاي ، وهي ابنة ذلك الملك العرًافين بالأمر فأخبروها بأن المعادن لن تتحد ما لم تمتزج بدماء فتاة عذراء ، وهكذا ألقت كونغاي بنفسها في القدر الضخمة التي تصهر فيها المعادن ، فكان الناقوس ، وظل صدى كونغاي يتردد منه كلما دق وكأنه يقول : " هياي ، كونغاي ، كونغاي.." ، هياي تعني ، آه .
ماذا قال الناقوس ؟ هل قال هياي ؟ أم هياي كونغاي ؟ أم قال آه ياعراق ؟ في 21/4/2003 ، كان عدد من أفراد القوات المحتلة يتجولون في شارع أبي نؤاس الذي كان يبدوا خاليا من الحياة ، كل شيء فيه تحوًل الى ركام ، صوت خرير دجلة كان حزينا وكأنه يبكي أبي نؤاس ، صمت رهيب كان يخيٍم على الشارع والوقت هو الحادية عشر صباحا ، كل ألأماكن كانت شبه مهجورة ، مقاعد المقاهي والمطاعم كانت تسأل عن جلاسها ، الاحواض كانت خالية من الماء والسمك ، حتى السمك المسكوف لم يكن موجودا ، لكن أميركا أبت أن لايكون هناك شيئا مسكوفا في شارع أبي نؤاس ، فما كان من أفراد قواتها المحتلة الاً أن تطلق عدد من القذائف بشكل عشوائي في جانبي الشارع بما يعرف في ألأعمال الحربية بعميلة ( التمشيط ) سقطت احدى القذائف في حديقة أتخذ منها بعض الصبية ملعبا لكرة القدم ، ثلاثة من الصبية كانوا بديلا عن السمك المسكوف ، حين أحترقت أجسادهم الطاهرة وتفحمت خلال دقائق قصيرة بفعل القذيفة اللعينة ، شاب في بداية العقد الثالث من عمره كانت معه كاميرا ، ذهبَ لتصوير جثث الصبية الشهداء ، والمعروف في مثل هكذا حالات ان كان التصوير ممنوعا فيتم مصادرة الشريط ، أو الكاميرا في أسوء ألأحوال ، ألقوة الغازية رَمَتْ الكاميرا في نهر دجلة وصادرت حياة الشاب من خلال وابل من الرصاص تم اطلاقه عليه نتيجة قيامه بالتصوير ، نُصُب مختلفة كانت تُزَينْ الشارع من جهة النهر تم تحطيمها الواحد تلو ألآخر ، كتعبير عن الخسة والنذالة التي تحملها تلك القوات تجاه شعب الحضارة عبر التاريخ ، خرجت القوات الغازية من شارع أبي نوأس قاصدة شارع السعدون من أحد الشوارع الفرعية التي تؤدي اليه ، خلال سيرها في الشارع الفرعي أطلقت قذيفة من الدبابة المرافقة لهم ، أستقرت القذيفة في واحد من المحال القديمة الموجودة على جانبي الشارع الفرعي ، المحل صار كتلة من ألأنقاض وصاحبه الذي كان ينوي اغلاقه قبل لحظات صار جثة هامدة ظلًت تشتعل حتى غدت فحمة لاملامح تفضي للتعرف اليها ، الدبابة الحقيرة أبت الخروج من الشارع الفرعي دون أن تسجل حادثة أخرى ، فما كان منها الأً أن تذهب نحو سيارة صغيرة قديمة متوقفة على الرصيف فصدمتها بأتجاه الحائط وجعلتها كتلة معدنية مدمرة لايمكن بأي حال من ألأحوال أن نقول عنها سيارة مستقبلا ، شارع السعدون كان على موعد مع قذائف أطلقت بشكل عشوائي سقطت في أماكن متفرقة دمرت عدد من المحال التجارية وألحقت أضرارا بالغة بعدد آخر من ألمحال ، عدد من افراد القوة الغازية كانوا يتجولون قرب المحال التجارية التي كان أغلبها مغلقا ، أطلقوا قذيفة صوتية جعلت زجاج المحال يتناثر في الهواء ، أحد المحال كان يبيع التحف النادرة والقديمة وألأنتيكات ، تجمًع أفراد القوة أمام المحل ، دار الحديث بينهم ، أستقر رأيهم على مداهمة المحل ، أطلقوا الرصاص صوب ألأقفال ، دخلت القوة وعبتث بمحتويات المحل ، ورمت بعدد من التحف على ألأرض وتم سحقها باقدامهم القذرة ، كنا نسمع صوت الزجاجيات التي كانت تتكسر تباعا ، أواني فخارية وأخرى من السيراميك المصنوعة بشكل فني جميل أصبحت خلال لحظات قطع صغيرة لافائدة من جمعها ، ناقوس كبير الحجم كان موضوعا في الواجهة ألأمامية للمحل ، الناقوس قديم الصنع ، ويبدوا من ألأثريات الممييزة التي كانت موجودة في المحل بحيث كان موضوعا في الواجهة ألأمامية كي يشاهده أكثر عدد ممكن من المارة ، أحد أفراد القوة كان يتفحص الناقوس ، ويدور من كل الزوايا لينظر اليه ، بعد ذلك أطلق عدة رصاصات صوبه ، الناقوس ارتطم بالحائط وعاود ألأرتطام أكثر من مرة بفعل الرصاصات المتكررة ، الناقوس كان يرتطم ويدق نتيجة ألأرتطام ، ظل الناقوس يدق لبضعة ثواني ، تعب الناقوس ، ولن تتكرر دقاته الى ألأبد حيث تحطمت قاعدته بشكل كامل ، الناقوس كان يدق ، لكن ماذا قال الناقوس حين ما كان يدق ؟ لقد قالَ ،         آه ياعراق ، آه ياعراق ، آه ياعراق .

 

 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


خالد محمد الجنابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/04/20



كتابة تعليق لموضوع : ماذا قال الناقوس ؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net