صفحة الكاتب : علي فاهم

لماذا لا يكون الانسان من المقدسات ؟
علي فاهم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 تشتعل أوار الحروب و تقتل الرجال وتستباح الاعراض وتغتصب النساء و تيتم الاطفال و تهجر العوائل تحت عناوين و يافطات إما إزاحة اللامقدس أو الدفاع عن المقدس ، و تجد الرجال يتسابقون للموت من أجل المقدس أو النيل من اللامقدس بحسب الزاوية التي ينظرون اليها أو بحسب زاوية من ينظّر لهم ، فتكون الارواح و الانفس أرخص سلعة في هذه المعركة تبذل بلا بخل في ساحة المقدسات فلماذا لا يكون الانسان من ضمن هذه المقدسات ؟

هل يمكن أن نتصور مقدساً ما بلا أنسان يقدسه ؟ فقدسية أي شيء هي من أجل الانسان و ليس العكس و لكن ما يحصل هو فناء الانسان من أجل المقدس ، لقد نظر الاسلام الى الانسان كقيمة عليا حتى وضع حرمته أفضل من حرمة افضل المقدسات و هي الكعبة بيت الله الذي يحج اليه كل المسلمين في العالم كما ورد في الحديث الشريف (روي ان رسول الله (ص) نظر الى الكعبة فقال: مرحبا بالبيت ما أعظمك، وما أعظم حرمتك على الله، والله للمؤمن أعظم حرمة منك، لأن الله حرم منك واحدة، ومن المؤمن ثلاثة: ماله، ودمه، وأن يظن به ظن السوء. عندما قام التكفيريون بتفجير مرقد الاماميين العسكريين في عام 2006 أشتعلت حرب أهلية في العراق و ان لم تكن معلنة أستنزفت الالاف من الناس من طرفي النزاع من السنة و الشيعة على حد سواء و مازالت تبعاتها الى اليوم و ولدت لنا بالاضافة الى جيوش الايتام و الارامل و المعاقين جيوش و قوى تمتهن القتل بدم بارد و تعتاش على الجريمة اكتظت بهم الكهوف المظلمة والسجون التي تحولت الى مدارس لتعليم و تدريس الفكر التكفيري و فن القتل الجماعي بواعز الانتقام من الاخر المختلف مذهبياً ، واليوم أعيد بناء المرقدين العسكريين أفضل مما سبق و لكن لم يستطع أحد أعادة الحياة الى عائلة فقدت أحد أبنائها أو يعوضهم عن خسارة سعادتهم بلا عودة ؟

قد يكون هو الصراع الأزلي بين الانسانية و المادية الذي أسقط بظلاله على رؤيتنا حتى لطبيعة المقدسات و الاطر التي تدور في فلكها والتي يفترض أن تكون حالة معنوية بحد ذاتها و لكن ميلنا الى المادية بفعل الثقافة المادية المعاصرة التي أفقدت الانسانية معانيها السامية جعلنا نقدس الماديات الملموسة و المحسوسة و هذا هو الاختبار في ايمان المرء من سموه و رقيه في المعاني أو تسافله و أنحطاطه نحو المادة و ينعكس هذا الصراع بين الروح التي هي جزء من الاله (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) و بين الجسد المخلوق من التراب والذي يمثل الغرائز و الشهوات و لا يمكن اهمال تأثير الثقافة الغربية  والتي كانت تنادي بالإنسان كقيمة عليا و غاية في شعاراتها و لكن الواقع أثبت أنه ( الانسان ) تحول الى وسيلة للكسب المادي و محطة لقضاء الشهوات و سلعة للمتاجرة تباع وتشترى عند قلة من المترأسين الرأسماليين ، علينا نحن البشر ان نعرف اننا أقدس المقدسات لأننا خليفة الله في الارض (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً)  فما لله سبحانه و تعالى من قدسية هي للإنسان بشرط أن يلتزم بمسؤولية الخلافة الالهية في الارض .
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي فاهم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/07/03



كتابة تعليق لموضوع : لماذا لا يكون الانسان من المقدسات ؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : زائر ، في 2014/07/04 .

الا تقدس انت اليعقوبي حد الثمالة
لاتتكلم عن التقديس والمقدسات فانتم اخر من يتكلم عنها عندما منعتم زيارة انتم وشيخكم زيارة النساء للامام الحسين عليه السلام




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net