محافظ بدون حزب يحيى الناصري محافظ فتي لمحافظة عتيقة
حسين الميالي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
حسين الميالي

رغم ان الاحزاب تعتبر حالة متقدمة في مضمار العلم الاجتماعي واحد بنات النظام الديمقراطي حيث تسعى الى انشاء سلطة موازية للحكومة ومنح سلطات للمجمتمع توازي قوة الحكومة نفسها الا انها في العراق اتجهت اتجاها مغايرا لما كان متوقعا لها واصبحت احد المعوقات الرئيسية لتطور بنية المجتمع من جهة واداة لفرقته و تشضيه كما انها تحولت الى هدف رئيسي للمشاركة في عملية المحاصصة السياسية والطائفية والاثنية المعترف بها بشكل شبه رسمي في البلاد ، لاشك ان وضع بذرة الديمقراطية كنظام متطور في
البيئة العراقية ومجتمعه الذي يفتقر الى البناء المديني خاصة بعد مروره بعقود من الحروب والصراعات والديكتاتورية الدموية تعتبر السبب الرئيسي الذي ارتكب من خلاله الامريكان خطأ فادج مازال يرزح تحت مضاعفاته المجتمع العراقي .
في اقصى الجنوب العراقي وبعد مرور اكثر من عشرة اعوام على اسقاط النظام الديكتاتوري يبدو ان تجربة فتية بدأت تظهر في محافظة ذي قار ، محافظ يافع تمكن حتى الان من استثمار ظروف سياسية معقدة ليكون خياره توافقيا ويصبح محافظاً! رغم ان الكتلة التي ينتمي اليها لا تمتلك الا ثلاث مقاعد في مجلس المحافظة سرعان ما خط المحافظ لنفسه خطاً مستقلا عن تناحرات مجلس المحافظة واحزابه بما فيه الكتلة التي ينتمي اليها هو نفسه ولم يمر اكثر من ثلاثة او اربعة اشهر حتى اصبح المحافظ متواجدا في كل مكان تقريبا في المدينة وربما يعود ذلك الى انه من المحافظين القلائل الذي لم يستغل منصبه حتى الان للسفر خارج العراق فلم يبتعد عن مدينته الا مره واحدة طوال عام كامل وذلك لايطاليا ليحقق في سفرته تلك مشروع طالما كان يحلم يحققه لاقدم مدينة في التاريخ كما يحلو له ان يسمي مدينته الناصرية وريثة مجد الحضارة السومرية وتمكن من اقناع الفاتيكان بارسال وفد بابوبي رفيع الاول من نوعه في التاريخ العراقي الحديث لزيارة النبي ابراهيم في مدينة اور الاثرية لتستمر بعد ذلك ما قد اسميه " دهاء " سياسي متواصل ليقنع
الحكومة المركزية بتمويل مشروع احياء مدينة اور الاثرية بكلفة تصل الى 600 مليار.
يعتقد محافظ ذي قار يحيى الناصري سليل بيت ديني معروف في الناصرية ان الاستثمار الاهم في محافظة تعتبر من اكثر المحافظات العراقية فقرا رغم انها الرابعة عراقيا من حيث عدد السكان هو استنهاض مراكز القوة في المحافظة وهو السياحة وتشجيع الحركة الاقتصادية دون الاعتماد كليا على الموارد النفطية التي لا يمكن مقارنتها بجارتيها ميسان والبصرة .
في زيارتي الاخيرة للمحافظة مبعوثا من قبل وزارة الثقافة العراقية للتحضير لمشروع ذي قار عاصمة للثقافة العراقية فوجئت بالعديد من القضايا لم يكن اولها ان ذي قار اختطفت المشروع من محافظات اخرى كانت تعول على احتضان تلك الفعاليات وقد يعود ذلك مره اخرى الى ما اسميته " دهاء " سياسي متواصل ولكن المفاجأة الثانية كانت ان ذي قار لديها من المباني الخصصة للثقافة ما يوازي خطة الوزارة نفسها لبنائه في المحافظة وانها فعلا لديها مهرجان شعري يعتبر من اشهر المهرجانات على مستوى القطر وهو مهرجان مصطفى جمال الدين الشاعر العربي المعروف .
يعيد الناصري فرض سطوته في المحافظة من خلال التواجد في الشارع والاستماع
الى مشاكل المواطن البسيط دون الاعتماد على الارتال العسكرية و افواج
الحماية التي قلصها حتى بات موكبه لا يحوي الا سيارتين فيما لم ينقطع
طوال الاشهر الاحدى عشر التي تسنم فيها منصبه عن ارتياد عددا من المقاهي
وتشجيع منتخب القطر مع السكان العاديين في مقاهي المدينة . لم يكن لاي
محافظ اخر ان يحقق نجاحا بسيطا واكتساب الكاريزما التي امتلكاه الناصري
دون تشغيل اله اعلامية جباره او تجنيد قواعد الحزب الذي ينتمي اليه
المحافظ وجمهوره لهذا الغرض الا ان الامر يختلف في الناصرية تماما فالحزب
الذي ينتمي اليه محافظ ذي قار اعلن اندماجه مع دولة القانون واصبح
المحافظ تقريبا بلا كتله حتى انه لم يشارك في الحملة الانتخابية التي
نظمها حزبه خلال فتره الانتخابات النيابية الاخيرة في احد لقائاتي به
خلال فتره تواجدي في المحافظة قال : ( طموحي ليس حلم وانما حقيقه اراها
كل يوم امام عيني وارى مقدماتها تنمو وتكبر يوما بعد اخر فمن حق طموحك
عليك ان تحوله على حقيقه وان تراه دون ان تعبأ للمشاكل التي لن تراها الا
اذا رأيتها اكثر مما ترى حلمك نفسه )
فهل نرى حلم تجربة فتيه في الجنوب العراقي قد تمثل مستقبلا اخر يكون
بديلا للمستقبل المتشائم الذي مازلنا نراه في بغداد كل يوم على وقع
المفخخات والازمات السياسية ؟
حسين الميالي
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat