صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

بابيلون ! ... ح2
حيدر الحد راوي


ينامي الحكيم يتدارس الوضع مع قادة الثوار , يركز على المرحلة القادمة , قال احدهم :
-    القائد ينايفس وصل بجيوش جرارة الى مدينة تفوكلا ... لقد عاث فيها فسادا ! .
-    لا يمكننا مواجهته ... حتى وان التحق بنا حالصبيعش مع كل ما لديه من الثوار ! .
-    سنلجأ الى الحيلة ... الحرب خدعة ! .
-    كيف سيدي ! . 
استرسل ينامي الحكيم بشرح خطته , والجميع كان يصغي بانتباه شديد , حالما انتهى من سرد التفاصيل , قال احدهم :
-    فلنشرع بالتنفيذ الان ... ليس لدينا وقت كافي ! .
-    حسنا . 
قسم جيوش ثواره الى قسمين , قسم بقيادته ويبقى في المدينة , والقسم الاخر اوكلت قيادته الى خنفر , متوجها نحو مدينة تبعكلا البعيدة , حيث اشاعوا انه ظهر هناك , ولابد من اللحاق به , ووضع الجيش بقيادته .
وصلت الاشاعات الى القائد ينايفس , الذي انزعج لسماعها , فقرر ارسال عشرة آلاف مقاتل بقيادة خنسيس :
-    خنسيس ... خذ جيشك والحق بخنفر ... اسحقه وجيشه ... ثم واصل مسيرك الى تبعكلا ... واقضي عليه هناك .
-    امرك سيدي ! .
 اعترض احد الضباط قائلا :
-    سيدي ... نحن في امس الحاجة للجندي الواحد هنا ! .
-    لا عليك ... ان المتمردين تمردوا آملين ان يلحق بهم ... فان قتلناه في تبعكلا ... سيندحر المتمردين من تلقاء انفسهم ! . 
                    ************************
سلك خنفر طريقا صحراويا , ثم خبأ الجيش جيدا في الاكام والوديان , وجلسوا ينتظرون هناك مرور جيش خنسيس , الذي كان ينطلق بسرعة بما لديه من الوسائل المتطورة , مرت امامهم قطعات الجيش , كأنها في استعراض , ابهرهم التسليح والعدد , فقال احد المقربين من خنفر :
-    هل ننقض عليهم ... سيدي ؟ .
-    كلا ... لم نأت لذلك ... بل يجب ان نسمح لهم بالمرور الى تبعكلا من غير عوائق ! . 
بعد ان ابتعد خنسيس بجيوشه , قرر خنفر ان يسير جيشه الى ما خلف مدينة تفوكلا , تاركا خلفه خنسيس يسلك الصحراء , بعد معارك ضارية , تمكن خنفر من الاستيلاء على اراضي ومدن صغيرة , لكنها مهمة , من شأنها ان تقطع المدد القادم من مدينة الاسوار الى مدينة تفوكلا , بعد ان غنم المزيد من السلاح من حاميات الوحوش , والتحقت به افواجا من الثوار .
                      ***************************
جاء النداء من خنياس ذو العيون الخمس الى القائد ينايفس :
-    ماذا فعلت يا ينايفس ... كيف ترسل جيشا من جيوشك في حين انك في امس الحاجة اليه ! .
-    سيدي ... انه هناك ... فأرسلت من سيقضي عليه ! .
-    غبي ... لا شأن لك به ... انه من شأننا نحن في القيادة العليا .
-    سوف اصدر أوامري بإعادتهم ! .
-    غبي ... الم تعلم ان خنفر حال بيننا وبينك ... قطع الطريق بين مدينة الاسوار وتفوكلا ! .
قال ينايفس بدهشة :
-    خنفر ... الم يكن ذاهبا الى تبعكلا ! .
-    لقد خرفت وحمقت يا ينايفس ... لقد خدعوك ... اصلح خطأك ... او نقرر اعدامك ! .  
ارتعب ينايفس لسماع ذلك , وقرر اعادة توزيع و تنظيم جيوشه في تفوكلا .
                  *************************
وصلت اخبار انتصار خنفر والثوار الى حالصبيعش , واعجب كثيرا بخطة ينامي الحكيم , فقرر ان يقوم بخطة مماثلة , اشار على مخطط امامه , مكلما قادة الثوار حوله :
-    هنا تفوكلا ... نحن نحدها من الجنوب ... ينامي الحكيم والثوار معه من الغرب ... خنفر ومن معه من الثوار اطبقوا عليها من الشمال ... جهة الشرق لا تزال مفتوحة .
-    فهمت ما تصبو اليه ! .
-    فلنرسل جيشا من ثوار مدينتنا ليحيطوا بها من الشرق ... ثم نعمل على التنسيق لهجوم مشترك ! .
انطلق جيشا من الثوار بقيادة وردنياس , ليتخذوا لهم مكانا شرقيا من تفوكلا , سرعان ما حققوا انجازات مهمة في الطريق , فلقد كان ينايفس وقادة جيشه مشغولين بإعادة التوزيع والانتشار والتنظيم .
                         **********************
اجتمع حالصبيعش بينامي الحكيم , ليتدارسوا الوضع الراهن والمرحلة الجديدة , قال حالصبيعش مستخبرا :
-    متى سنشن الهجوم على ينايفس ونحرر تفوكلا من قبضته ؟ .
-    لا داعي للعجلة ! .
-    ظننت ان الوقت مناسب ! .
-    كلا ... تأخير الهجوم فيه عدة فوائد : 1- ننتظر كي يلحق بنا المزيد من الثوار  , 2- نعيد تنظيم الثوار وتوزيع السلاح , 3- نرفع المعنويات حتى تصل الى الدرجة المطلوبة  , 4- لا يزال ينايفس يحتفظ بجيش كبير حوالي عشرون الف جندي , اكثر منا بكثير , ولو هجمنا بشكل مباشر فسوف نتكبد المزيد من الخسائر , سنحاصرهم حتى تنفد مؤونتهم وتضعف معنوياتهم , ثم نقاتلهم على شكل دفعات , سرية بعد سرية , حتى تحين ساعة الهجوم الشامل .
-    فهمت ... وماذا عن الوحوش الطائرة ؟ ! .
-    انها تخشى الدخان ... سنضرم النيران ... ونملأ السماء بالدخان ... عند ذاك تكون عديمة الفائدة .
-    وماذا عنه ؟ .
-    سألتقي به في تفوكلا بعد تحريرها ... ليقودنا لفتح مدينة الاسوار .
-    حسنا ... وكيف سيكون الهجوم ؟ .
-    على شكل دفعات ... يخرج كل منا بألفي مقاتل ... ونترك البقية في المدن .
-    من كل جهة الفي مقاتل فقط ... لكن عددنا اكثر بكثير ! .
-    يجب ان لا ندخل الحرب بكل ثقلنا ... يجب ان نترك قوات احتياطية .
-    لماذا ؟ .
-    لعدة اسباب ... 1- نحن في مواجهة ينايفس ومن خلفه خنياس الماكر اللعين , لا نعرف ما يخططون اليه , 2- في حالة انكسار الدفعات الاولى تتدخل قوات الاحتياط للدعم والاسناد , 3- الدفعة الاولى تشارك في الحرب , بعدها ستدخل الدفعة الثانية لترتاح الاولى وهكذا .
-    فهمت ! .
-    بقي يجب ان تعلم ان تحرير تفوكلا يجب ان يكون من الداخل ! .  
                                ****************************
كان ينايفس يعاني من كوابيس تلاحقه , لم ينم منذ يومين , بسبب تهديد خنياس له , فقد الشهية للطعام , وظهرت عليه اثار المرض , يمسي ويصبح خائفا مذعورا , كان جالسا عندما دخل احد جنوده ليعلمه بخبر هام , بمجرد ان فتح الباب ذعر ذعرا شديدا واصفر وجهه من شدة الرعب , وكأنه كان ينتظر امر الاعدام في حقه  :
-    سيدي ... الفي مقاتل من كل جهة زحفوا نحونا ! .  
لاحظ الضباط ما اصاب ينايفس من الهلع , لم يقو على الكلام , فاقترح احد الضباط :.
-    جيشنا عشرون الفا ... نضع في كل جهة خمسة الاف جندي ... ثم نسحقهم ! .
لم يتكلم ايضا , لكنه اشار بالإيجاب , انصرف الضباط لتنفيذ الخطة .  
تقدم الفي مقاتل من كل جهة , اطبقوا على تفوكلا , بعد ان اضرموا النار وملأت سحابات الدخان الافق , ما منع جيش ينايفس من اطلاق الوحوش الطائرة , شنّ الهجوم , التقت الاسنة بالأسنة , السيوف بالسيوف , الرماح بالرماح , اكل الحديد من اللحوم , وما شبع , وشرب من الدماء , وما ارتوى , صرخات تردد صداها في الافاق , صرخات موت , صيحات نجدة , استبسل كلا الطرفين في القتال .
كان خنياس يراقب الهجوم من مقره في مدينة الاسوار , بقلق وارتياب , قاطعه احد قادته مستفسرا :
-    هل سنترك ينايفس وحيدا ؟ ! .
-    كلا ... هناك في تفوكلا عشرون الف جنديا من خيرة جنودنا ... أتظن اننا سنسلمهم للموت ! . 
-    اذا ... بماذا تآمرنا ... سيدي ! .
-    انتظر قليلا ... فلا زالت المعركة في بدايتها .    
قبل ان ينتصف النهار , بدأت جيوش ينايفس بالتراجع والتقهقر , لكن الثوار يتقدمون , تنسحب سرية من سراياهم , لتحل مكانها سرية اخرى , برشاقة وسرعة فائقة , حالما تنال الاولى قسطا من الراحة , يعيدوا تنظيم سريتهم , لينطلقوا الى ميدان الحرب مرة اخرى , فتنسحب احدى السرايا للراحة واعادة التنظيم ايضا , بينما جيش ينايفس مستمرا بالحرب من غير راحة واعادة لملمة صفوفه .
اعجب خنياس بطريقة حرب الثوار , فقال لقادته الحاضرين :
-    لا استغرب ولا اندهش من طريقتهم في ادارة المعارك ... يكمن خلفهم قائدا حكيما ... ينامي الحكيم ... يا له من عبقري ! .
-    اذا استمر هذا الحال فسوف يدخلون تفوكلا عند مغيب الشمس ! .
-    سنتدخل الان ! .
-    كيف ذلك ... سيدي ؟ ! .   
                  *****************************  يتبع
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/05/22



كتابة تعليق لموضوع : بابيلون ! ... ح2
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net