المستشارة بثينة والاشباح
عباس العزاوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عباس العزاوي

الغباء السلطوي في اغلب البلدان العربية كان واضحاً جداً للكثير من المتابعين وطرق معالجتهم للاحداث وذلك من خلال استنساخ حكومات هذه الدول السياسات بعينها وبنفس الاخراج والاداء الهزلي بعد كل حراك شعبي ناقم ضدها , استنساخ مدهش ربما يصل في بعض الاحيان حد التطابق ـ كما تستنسخ الكثير من دول العالم البرامج التلفزيونية الامريكيةـ , كفكرة المؤامرة الخارجية والعناصر القادمة من خارج الحدود او وصفها بالفتنة الطائفية التي تسعى لزعزعة الامن في البلاد, وان بلادهم ليست كباقي الدول وهي مختلفة وبعيدة عما يحدث في الدول الاخرى..... وهكذا, حتى لو وصل عدد المحتجّين في المدن الى اكثر من مليون مواطن.
ومن المثير حقاً انهم يكررون ايضا نفس سيناريو المواجهة مع المتظاهرين وبنفس اسلوب القمع التصاعدي من خراطيم المياه الى الرصاص الحي بأستثناء القذافي الذي اختصر الطريق ليضرب للعالم مثل مخزي ومخجل في التعامل مع المواطنين العُزّل منذ بداية الازمة في ليبيا , ليتنافس مع قرينه المقبور صدام في الوحشية والعنف المفرط ضد شعبه ...رغم معرفة هؤلاء القادة النتائج الطبيعية للاحداث لاسيما والعبر الناجزة على ارض الواقع في تونس ومصر.
السيدة بثينة شعبان المستشارة الاعلامية في القصر الجمهوري في سوريا, اعادت الى اذهاننا هذه الايام وزيراعلامنا التحفه محمد سعيد الصحاف وطريقته الهزلية في تعامله مع الاحداث وكذبه المستمر خلال تصريحاته للصحفيين خلال حرب اسقاط النظام 2003 مع الكمية الهائلة من الاستحمار والاستهتار بارواح العراقيين وحتى اخر لحظة قبل فراره من ارض المعركة مخلفاً وراءه موجة من الضحك والاستهزاء والتي استمرت لايام طويلة كمادة للسخرية في الاعلام العربي " الشقيق".
حيث تقول السيدة بثينة في معرض حديثها عن احداث مدينة درعا (إن هذه الاضطرابات عبارة عن مخطط خارجي يرمي إلى زعزعة استقرار سوريا والمنطقة، إذ أن هنالك العديد من المجموعات التي تعمل وفقا لمخططاتها الخاصة) واضافت في لقاء مع "بي بي سي" ان بعض المجاميع هجمت على مراكز للشرطة واستولت على الاسلحة, ومن ثم هجمت على مراكز الامن وسرقت الاسلحة والعتاد وانها قامت بقتل الكثير من المواطنين ورجال الشرطة ).
هؤلاء الساسة يحاولون بكل امكانياتهم الاعلامية أقناع العالم بان ابناء سوريا الذين خرجوا بطريقة عفوية واستجابة لنداء الحرية في مدينة درعا وغيرها من المدن السورية وللتعبير عن نقمتهم وسخطهم من نظام الحكم البعثي ,هم عبارة عن مجاميع من الارهابيين ...لااحد يعرف من اين اتوا؟ ولااحد يعرف أهدافهم ؟ ولا الجهات التي تقف ورائهم؟ وكل هذا يحدث في سوريا الامن والجيش الشعبي والمخابرات الاسطورية المعروفة التي كانت تلتقط حتى الطير في السماء مهما بلغ صغر حجمه عند دخوله الاجواء السورية , ويخضع الوافدين اليها عبر الحدود من العراقيين وغيرهم لتحقيقات مرعبة في زنازين السلطة قد تستمر لاشهر بل ربما لسنوات للتأكد من هوياتهم الشخصية بطرق واساليب أجرامية يعرفها من كان زبون لديهم, حتى يعترف الاسد الهصور بحموريته ويبدأ النهيق اثباتاً لبرائته!!! هذا يحدث مع الغرباء المشكوك بهم وحسب !! فكيف بالمحتجين والمطالبين باسقاط النظام البعثي !. بالتاكيد سيكون الاحتفاء بهم اكثر دموية ووحشية !!! فلايمكن لعاقل ان يصدق ان هذه الاجهزة القمعية الجبارة قد فقدت سيطرتها وقدرتها على الامساك بزمام الامورفي البلاد!!!.. وان بامكان هذه المجاميع "الفضائية" التحرك بحرية كاملة؟ داخل المدن لسرقة مركز شرطة هنا ومركز امني هناك كما تدعي هذه السيدة !! بل السؤال الاهم هو... اين ذهبت عناصر هذه المراكز ؟ ان افترضنا وجود هذه الاشباح التي تشير اليها المستشارة وانهم من يطلق النارعلى المواطنين وافراد الشرطة الابرياء على حد سواء!! هذا والحكومة البعثية "المسكينة" تحاول بكل طاقاتها المتواضعة!! الحيلولة دون وقوع المزيد من الضحايا واعمال العنف بين المواطنين!!.وشارك المستشارة وزير الاعلام السوري محسن بلال مهرجان الكذب والتهريج من خلال تصريحه حيث قال " أن الوضع هادئ تماما في جميع ارجاء سوريا......والسلام التام يسود المدن السورية وقد تم اعتقال الارهابيين.... وسنكشف عن هوياتهم للعالم كله "!!!
ربما يبررالكذب احيانا في عالم السياسة لاغراض دعائية تفرضها ضرورة المرحلة وفي فضاء مقبول نوعاً ما ولاجل تحقيق مصلحة معينة للجهة الكاذبة لكن على ان يكون في حدود المعقول ويمكن للانصار والاتباع على اقل التقديرات تصديقه ...... لكن في قضية خروج تظاهرات في الشوارع وبهذه الاعداد الكبيرة لايمكن لاي قوة في العالم ان تمنع احداثها من الوصول للاعلام الخارجي اوعالم الانترنت لاسيما والتطورالتكنلوجي الحاصل ,فان الامر أشبه بالمستحيل.
انها ارادة الشعوب يابثينة!!! فلاتجعلني من نفسك مادة للضحك في المقاهي والاعلام العربي والعالمي ,فكم من الوقت تستطيعون دفن وتغييب الحقائق وحجب الصورة الحقيقية للشعب السوري المنتفض ضد سياساتكم القمعية ؟ فقد مارست من قبل حكومات عربية ساقطة واخرى منتظرة ذات الاسلوب فماذا كانت النتيجة؟ السقوط عاجلاً ام آجلاً !..... فحاجز الخوف من بعبع البعث قد تحطم وتلاشى !!! وانطلقت نسور الشام ( الابضايات) تحلق في الفضاء الواسع , فلا بعث الاسد ولاالمخابرات ولا الامن الخاص ولا الجيش الشعبي بقادرة على اصطياد هذه الطيور والارواح الحرّة الثائرة, التي كسرت القيد وخرجت من اقفاصها وحياتها المدجنة وراحت تغني في فضاء الحرية..... للشمس والامطار والسنابل.
2.4.2011
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat