عذرًا جريدة الشّروق، حافظي على خطّ الإعلام المحترف والملتزم!!
د . محمد بن قاسم بو حجام
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . محمد بن قاسم بو حجام

عهدُنا بجريدة الشّروق الغرّاء، صحيفة تتحرّك في فضاء التّنوير بحكمة ورصانة، وتسير في مسار التّوعية باحترافية وتحّكم في أزمّة الأمور، ولا تقع في فخّ السّذاجة والعفوية والارتجالية، ولا تنشر بين صفحاتها إلاّ ما يليق بسمعة الإعلام الحقيقي، ودوره في النّهوض بالمجتمع، وما يمنحه مقوّمات الحياة الحقيقية: من ثقافة أصيلة، ووعي عميق، وبناء حضاري لعقله ونفسه.. لكنّ هذه المميّزات وهذه الخصائص وهذه المقوّمات بدأت نغيب عن صفحات الجريدة، وبدأت تفقد مصداقيتها عند قرّائها، ما أدخلها في نفق مظلم، وتيه إعلامي خطير.
الأدلّة على ذلك كثيرة، منها ما تنشره هذه الأيّام الأخيرة عن أحداث غرداية، التي كان دورها يتمثّل في إطفاء الفتنة التي نجمت عنها، بحسّ إعلامي حضاري احترافي، مسؤول عن الكلمة التي تنشر على صفحاتها، لا بإذكائها، بنشر أخبار غير صحيحة عمّا يجري في الميدان، باعتمادها على مراسل ينقل الأحداث عن غرداية، من مكان سكناه البعيد عن مدينة غرداية بما يقرب من ثلاثمائة كلم (300). هل المسؤولية الأخلاقية للإعلام، والعمل الاحترافي يقبلان هذا المنهج في العمل؟ وهل المنطق المعتدل والعقل المتّزن يرضيان بهذا الصّنيع؟
كيف تسمح الجريدة لنفسها بنشر الكذب على صفحاتها، وبقبول نشر ما يسفّه ما نطق به صنّاع الثّورة التّحريرية الجزائريّة، فتردّ شهادات الدّكتور أحمد بن نعمان عن دور الشّيخ إبراهيم بيّوض في قضيّة فصل الصّحراء عن الجزائر، المعتمدة أساسَا على تصريحات رجال الثّورة وقادتها، والأدهى من ذلك أن تنشر القذف والتّجريح والتّزوير والمساس بكرامة المجاهدين، كما ورد في مقال " قسمة المجاهدين ببلديّة متليلي تردّ على الدّكتور بن نعمان". (الشّروق، عدد: 4286) وإن كان الرّدّ سخيفًا، ليست فيه حقيقة ولا ما يغيّر نظرة القارئ في القضيّة. فلو كان فيه جديد، أو ما يرقى إلى المستوى، الذي يصحّح التّاريخ، قد نلتمس للجريدة العذر في نشر هذه السّفاهات والسّفالات، التي تحطّ من قدر الجريدة. وإن كنّا نقول: إنّ الجريدة أسمى من نشر ما يعكّر الصّفوَ، ويغذّي الفتنة، ويثير النّعرات...
أرجو أن تبقى الجريدة في خطّ الإعلام المحترف الملتزم، صاحبة رسالة حضارية، تنشر لتنبي، لا أن تقبل كلّ ما يرد إليها وللطّلب تلبِّي، فتسقط في الرّداءة والرّدّة عن أصول النّشر، وترتدّ عن المبادئ التي تمضي بمسيرة التّطوّر والوحدة والتّضامن قدمًا إلى الأمام، وتعرض عن نشر ما يصدر ممّن هم أضلّ من الأنعام، هذا ما علّمنا خير الأنام.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat