العراقيون وتقديس الماضي
عامر هادي العيساوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
إن أي مراقب لبيب يستطيع بسهولة أن يكتشف بان العراقيين يقدسون الماضي ويزدرون الحاضر ويخافون المستقبل ,, ولو انك سألت احد المتصدرين للمشهد الاجتماعي عن أفضل مراحل التاريخ لأجابك بلا تردد بأنه (الماضي ) وحين تتظاهر بالرضا عن جوابه فانه سيجبرك على الاستماع إليه قائلا (لقد كان إباؤنا وأجدادنا مدارس غنية بالعبر والدروس ,,لقد كان جدي مثلا وأنت تعلم (يعني أن الذي يعلم هو أنا وأنا في الواقع لا اعلم شيئا ) جوادا كريما شجاعا وكان عندما يركب الفرس تخط قدماه الأرض( (إن الطول عند العراقيين مفخرة كبيرة ولذلك فهم يهابون الطنطل ) وعندما يحل عليه ضيف كان يملا الأرض( لحما وطبيخا) وكان يصر على سقاية معيته القهوة بيده الشريفة رغم مكانته وكان يرن في مجلسه (الفلس ) وكان حريصا وأمينا على أعراض معيته وقد شارك في ثورة العشرين مقاتلا مغوارا )انتهى حديث صاحبنا ولكنك عندما تتظاهر مرة أخرى بالسعادة لسماع هذه الأخبار فانه سيسترسل وسيتحدث عن شجرة العائلة التي تناسلت بطلا عن بطل وكيف أن احد أجداده استبسل في معركة (الرحل)التي وقعت مع إحدى القبائل المجاورة (علما أن الرحل لمن لا يعرفه هو غطاء ظهر الحمار) إلى أن يصل بك إلى جده الأول(الملوح ابن عبد الدار).
ولا أكتمكم سرا باني عاجز عن استنباط أي درس من رواية بطلنا باستثناء الحرص والأمانة على أعراض الناس لأني اعرف بصراحة بان اغلب الذين على شاكلة أبطال رواية صاحبنا كانوا يسطون على نساء معيتهم عندما يحل الظلام ..أما ثورة العشرين فهي من الأحداث المقدسة التي لا يجوز إثارة الشبهات او التساؤلات حولها فيما إذا كانت صحيحة في زمانها ومكانها ودقيقة في تحديد أهدافها وبعيدة عن أي أجندة إقليمية ومن كان يقف وراء اندلاعها او وراء فشلها ومن هو الذي وظفها لمصالحة والى آخر مسلسل التساؤلات ..أما ذلك (الملوح ابن عبد الدار )فلم يذكر التاريخ شيئا عنه وقد يكون قاطع طريق او صعلوكا او هو واحد من الذين ساهموا في قذف جسد الشهيد زيد ابن علي ع بالحجارة عندما كان معلقا في كناسة الكوفة ..
لقد استغلت قوى رأس المال العالمي هذه الحقيقة فاستحضرت لنا الحلقات المريرة من تاريخنا ثم قسمتنا شيعا وأحزابا وأسندت لكل فرقة منا دورا من ادوار أجدادنا ثم تركتنا بعد ذلك لنخوض صراعا مريرا أيسره أن تتطاير الرؤوس والأجساد في كل الاتجاهات وسيبقى هذا الصراع قائما ومستمرا في ديار المسلمين ما دام الماضي موجودا وهو غني بالمخازي...
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
عامر هادي العيساوي

إن أي مراقب لبيب يستطيع بسهولة أن يكتشف بان العراقيين يقدسون الماضي ويزدرون الحاضر ويخافون المستقبل ,, ولو انك سألت احد المتصدرين للمشهد الاجتماعي عن أفضل مراحل التاريخ لأجابك بلا تردد بأنه (الماضي ) وحين تتظاهر بالرضا عن جوابه فانه سيجبرك على الاستماع إليه قائلا (لقد كان إباؤنا وأجدادنا مدارس غنية بالعبر والدروس ,,لقد كان جدي مثلا وأنت تعلم (يعني أن الذي يعلم هو أنا وأنا في الواقع لا اعلم شيئا ) جوادا كريما شجاعا وكان عندما يركب الفرس تخط قدماه الأرض( (إن الطول عند العراقيين مفخرة كبيرة ولذلك فهم يهابون الطنطل ) وعندما يحل عليه ضيف كان يملا الأرض( لحما وطبيخا) وكان يصر على سقاية معيته القهوة بيده الشريفة رغم مكانته وكان يرن في مجلسه (الفلس ) وكان حريصا وأمينا على أعراض معيته وقد شارك في ثورة العشرين مقاتلا مغوارا )انتهى حديث صاحبنا ولكنك عندما تتظاهر مرة أخرى بالسعادة لسماع هذه الأخبار فانه سيسترسل وسيتحدث عن شجرة العائلة التي تناسلت بطلا عن بطل وكيف أن احد أجداده استبسل في معركة (الرحل)التي وقعت مع إحدى القبائل المجاورة (علما أن الرحل لمن لا يعرفه هو غطاء ظهر الحمار) إلى أن يصل بك إلى جده الأول(الملوح ابن عبد الدار).
ولا أكتمكم سرا باني عاجز عن استنباط أي درس من رواية بطلنا باستثناء الحرص والأمانة على أعراض الناس لأني اعرف بصراحة بان اغلب الذين على شاكلة أبطال رواية صاحبنا كانوا يسطون على نساء معيتهم عندما يحل الظلام ..أما ثورة العشرين فهي من الأحداث المقدسة التي لا يجوز إثارة الشبهات او التساؤلات حولها فيما إذا كانت صحيحة في زمانها ومكانها ودقيقة في تحديد أهدافها وبعيدة عن أي أجندة إقليمية ومن كان يقف وراء اندلاعها او وراء فشلها ومن هو الذي وظفها لمصالحة والى آخر مسلسل التساؤلات ..أما ذلك (الملوح ابن عبد الدار )فلم يذكر التاريخ شيئا عنه وقد يكون قاطع طريق او صعلوكا او هو واحد من الذين ساهموا في قذف جسد الشهيد زيد ابن علي ع بالحجارة عندما كان معلقا في كناسة الكوفة ..
لقد استغلت قوى رأس المال العالمي هذه الحقيقة فاستحضرت لنا الحلقات المريرة من تاريخنا ثم قسمتنا شيعا وأحزابا وأسندت لكل فرقة منا دورا من ادوار أجدادنا ثم تركتنا بعد ذلك لنخوض صراعا مريرا أيسره أن تتطاير الرؤوس والأجساد في كل الاتجاهات وسيبقى هذا الصراع قائما ومستمرا في ديار المسلمين ما دام الماضي موجودا وهو غني بالمخازي...
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat