صفحة الكاتب : مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله)

أسرار زيارة الأربعين (الحلقة التاسعة)
مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله)

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

نعم لتسيس الشعائر، لا لتسييس الشعائر:

 

هناك إثارتان متقابلتان:

 

الأولى: لماذا تسيس الشعائر الحسينية وتأخذ صبغة السياسة وبالتالي سوف تفقد روحيتها وصفائها ونورها وخلوصها.

 

الثانية: لماذا تجعلون الشعائر الحسينية جوفاء وليس لها أي مؤدى ينعكس على واقعنا السياسي.

 

الجواب الأوَّل:

 

في البحوث السابقة كنا نذكر جواب وسطي لهاتين الإثارتين وهو: أن المعصوم عدل القرآن فهو القرآن الناطق، ومن هنا فإن المعصوم حاله حال القرآن وحال الوحي وحال الشريعة إن عزلت الشعائر عن الواقع التطبيقي فهو كعزل القرآن عن الواقع البيئي الحياتي، فإذا لم يكن للشعائر الحسينية أي أداء لواقعنا المعاشي وعزلت تماماً ـ كما في القول الأوَّل ـ فسوف تكون الحياة معزولة عن الدين وكأنما الدين شيء والدنيا شيء آخر.

 

ونفس هذا الجواب أيضاً نقوله على الاعتراض الثاني وهو أنَّ إخلاء الشعائر الحسينية عن مضمونها الأصلي وتصبح بحث عن الشجون، وهذا أيضاً عزل للوحي عن الواقع المعاشي ولكن بصورة شعار وهو أن نعالج الشؤون المعاصرة ونغفل حينئذٍ عن رؤى وأنوار الوحي التي نستمدها من القرآن الناطق والقرآن المجسم الذي هو سيد الشهداء(ع).

 

إذنْ الطريقة الوسط هي الطريقة المألوفة والمعهودة منذ القديم أنه يستمد من الوحي بشكل مفاد عام، قالب عميق، كبروي، وأيضاً ينقح الموضوع كصغرى وكواقع تطبيقي ليستمد الحلول مع رعاية ودراسة الواقع الموضوعي من الوحي.

 

إذنْ هو نوع من المواكبة ولكن لمنهل ونمير العين الوحيانية لسيرة المعصوم ومن ثم تطبق على واقع علاجنا.

 

الجواب الثاني:

 

وهناك جواب آخر أعمق وأوسع من الجواب السابق، فنقول نعم لتسييس الشعائر وفي نفس الوقت لا لتسييس الشعائر، بمعنى أن نجعل الشعائر أو القرآن أو الوحي المجندة والمسيسة إلى سياسيات لأشخاص أو فئات فتكون قالب بيد اتجاهات، فإنه مهما تكون الفئات البشرية المعاصرة ليست هي بأفق المعصوم أو بأفق الوحي فسوف تكون لها خصائصها الشخصانية المحدودة التي تتناولها أو تتجاذبها النزعات الذاتية والنفسانية، والتي ليست لها سعة بسعة الخلوص عن الذاتيات وعن الأنانيات والعرقيات والقوميات والفئويات إلى رحاب خلوص وخلاص إلى رحاب النظرة التوحيدية الخلوصية الإخلاصية الواسعة الأفق بحسب آفاق الخلقة الإلهية جمعاء. فإن لون الحسين(ع) لونه التوحيد، والشعائر لونها لون الدين كله ولجميع البشر والفئات.

 

أمَّا إذا أريد أن تجير الشعائر الحسينية إلى سياسات ضيقة وقزمة بقامة الفئات والجماعات والأشخاص ومن ثم توظيفها لآفاقهم ومآربهم المحدودة بحدودهم وأغراضهم المؤقتة بنزعاتهم الذاتية فسوف تلوث الشعائر الحسينية بتلوث الأنانية الفئوية، لأن هذا نوع من البرثنة لها ـ الشعائر ـ في حضيض ذاتيات وانانيات وفئويات ضيقة، فإن الشعائر الحسينية وسيعة بوسع الدين، ووسيعة بوسع البشرية وبوسع كل الفئات والجماعات، فإذا كانت هذه الشعائر المقدسة تتخذ لأجل جعلها سلاح يتخذه بعض الفئات لتمرير أهداف ونظرات محدودة لهم فلا لتسييس الشعائر الحسينية بسياسات جزئية وضيقة.

 

نعم الدين يعالج الكلي والجزئي، الوسيع والضيق ولكن حصره في الأفق الضيق فهذا غير صحيح إطلاقاً، فإذا كان التسييس بهذا المعنى فنقول لا لتسييس هذه الشعائر المقدسة.

 

التسييس الإلهي:

 

ولكن من جهة أخرى نقول نعم لتسييس الشعائر إذا كانت بسياسات إلهية واسعة الأفق بسعة المبادىء، وبشفافية خالصة من كدورة العصبيات وتمصلح الفئات، بسياسة يكون مركزها المعصوم وبرنامج مدرسة أهل البيت(ع) وبرنامج الثقلين، فإن المشروع الكبير الذي لدى الثقلين أضخم من مشروع الفئات أو مشروع القومية الخاصة والفئة الخاصة، فإن مشروع أهل البيت(ع) يمتلك برمجة للفئات وبرمجة للقوميات بل لكل الجماعات ولكن في ضمن المشروع الكبير والضخم لسعادة كل المؤمنين وكل المسلمين وكل البشرية بل لكل الموجودات التي تنفتح على مشروع الإمام المهدي(ع) وينفتح على مشروع وأنوار أهل البيت(ع) في أصقاع الأرض. فبهذا المعنى نقول نعم لهذا التسييس الذي يسعى لإرساء العدالة والعقل والتعقل والرقي العقلي والروحي والمعنوي في سائر الأرجاء ضمن شعار أهل البيت(ع) كشعار المشروع المهدوي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً أي توحيدا ونبوة وولاية وعدلا. أما في ظل سياسات ضيقة ومحدودة فلا لهذا التسييس.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله)
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/12/31



كتابة تعليق لموضوع : أسرار زيارة الأربعين (الحلقة التاسعة)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net