صفحة الكاتب : علي محمود الكاتب

حين لا نفهم الانتفاضة !
علي محمود الكاتب

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 تمر الذكرى السادسة والعشرون لانتفاضة الحجارة "عام 1987 م" ،  تلك الصفحة الثورية والغالية على قلوبنا ، من صفحات نضالنا والتي جمعت كل أطياف الشعب ومازال ملف المصالحة الوطنية ،يعاني من حالة موت سريري بل وربما قرر البعض دفنه سريعاً بتعليمات خارجية للخلاص منه وللأبد ومن جهة أخرى للحفاظ على مصالح شخصية وفئوية ضيقة !

فلم يحاول البعض من القادة والذين يدعون حرصهم على الوحدة وتارة على المقاومة مراجعة ضمائرهم الوطنية و أخذ العبر والدروس من تاريخ قضيتنا وفي مقدمة ذلك ، فصول انتفاضتنا المباركة والتي حيرت وحتى تاريخنا هذا الكيان الصهيوني فكان وكالمعتاد أكثر ذكاء منا فراح يقرأ ويحلل عن أسبابها ونتائجها ونحن بلا حراك ، نتذكرها فقط على هامش نشرات أخبارنا البلهاء !

لقد كانت الشرارة الأولى لهذه الانتفاضة المباركة ، قيام مغتصب صهيوني بدهس عمال من قطاع غزة فانفجرت الأرض تحت أقدام الاحتلال لتعم هذه الشرارة كل الأراضي الفلسطينية المحتلة عاكسة بذلك الوجه القبيح لإسرائيل أمام العالم، والذي ظهر في سياسته القمعية والوحشية التي تبعها جيشه لإخماد هذه الثورة العظيمة حتى وصل بها الأمر لاستخدام سياسة تكسير عظام الفلسطينيين في محاولة فاشلة لإرهابهم ووقف الانتفاضة بالحديد والنار ولكن هيهات ، فقد هبت هذه الانتفاضة لتنتصر وتحقق الأهداف السامية التي قامت من أجلها كل جموع الشعب ، ولعل من أهم ميزاتها بسنواتها السبعة هو ذلك المشهد الوحدوي بين الفلسطينيين كافة وفصائل العمل الوطني ، بالإضافة للعامل الأساسي الذي ساهم في استمرارها لهذه الفترة الطويلة من احتضان المواطنين لها ….

لقد كانت انتفاضة الحجارة عام1987م ، أنبل وأنجح ظاهرة عرفها ليس تاريخنا الوطني وحسب بل والتاريخ العربي والعالمي كله ، فقد كانت بحق ربيعاً وطني لا يشابه أياً من الربيع الفوضوي الحادث عند العرب ، ربيع حقيقي لم يقوده لا الغرب ولا أمريكا ، ربيع وضع أقدام الشعب الفلسطيني فوق رؤوس الكيان الصهيوني وجعلته مرغما ومضطراً  للاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد لامتنا ، والجلوس معها على طاولة المفاوضات على قدم المساواة ….

فقد جسدت هذه الانتفاضة ذروة وبراعة العقل الفلسطيني بفضل الأيادي البيضاء لأطفال الحجارة والتي  جعلت رغم ضعفها ، الجندي الإسرائيلي وهو يفر هائم على وجهه يتخبط في شوارع وأزقة المخيمات، أضحوكة أمام شاشات التلفزة العالمية  وكانت كذلك طوق النجاة للقيادة الفلسطينية بعد الخروج من بيروت ، هدية السماء التي أعادتنا لمواقعنا الطبيعية فوق الخريطة الدولية وجعلت من قائدنا الراحل الشهيد أبوعمار قائدا لجيش قوي منتفض يضم في أركانه الشعب كله ….

انتصرت الانتفاضة بكل المقاييس ولكننا وللأسف لم نتعلم منها الدروس ولم نفهم معنى وقيمة أن نكون موحدين وراح بعضنا ينقلب وينقسم بدعوى شرعية المرة الوحيدة ،شرعية انتهت صلاحيتها منذ زمن وظهر للجميع عيوبها ، بل ولفظها الشعب جملة وتفصيلا بعد الممارسة على الأرض وثبات زيف نواياها !

فالشرعية ليست حفل زواج بختامه يرحل المحتفلون والمهنئون وإنما هي عرس دائم ومتجدد قوامه الديمقراطية والاحتكام المنطقي لإرادة الشعب ومن هنا نقول ، عار على قادة يتلون الآيات بكل مجالسهم وخطبهم الرنانة من فوق المنابر ، ليل نهار الآ يتذكروا ويعملوا بقول الحق (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) و الآ يتفقهوا دروس الانتفاضة والتي استفاد منها العدو قبل الصديق !


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي محمود الكاتب
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/12/15



كتابة تعليق لموضوع : حين لا نفهم الانتفاضة !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net