صفحة الكاتب : مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله)

أسرار زيارة الأربعين (الحلقة الثالثة )
مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله)

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الحسين حاكم القلوب:

فالحسين(ع) الذي قد أستشهد قبل أربعة عشر قرناً لا زال مسيطراً على النظم البشرية وعلى المجتمع البشري أقوى من سيطرة أي نظام في العالم، وهذا ما نشاهده الآن في زيارة الأربعين، حيث يخرج زمام الأمر من يد الدولة ويكون بيد الحسين(ع) وهذا ما قاله بعض المسؤولين من أن الحسين(ع) هو الذي يحكم العراق خلال زيارة الأربعين.

ولو أطلق الفضاء للشعوب الأخرى حتى الغربية إذا أطلق سراحهم عن سيطرة أنظمتهم لرأيناهم ينجذبون وينقادون للحسين وما تمليه مبادىء الحسين وقيم الحسين والجو التربوي لسيد الشهداء لعاشت البشرية في الجنان لأنَّه(ع) يحكم القلوب إلى الصفاء، وليست البشرية وحدها تنقاد له(ع) بل حتى الملائكة فعن أبي عبدالله(ع) قال: ليس من ملك في السماوات والأرض إلا وهم يسألون الله عَزَّ وَجَلَّ أن يأذن لهم في زيارة قبر الحسين(ع) ففوج ينزل وفوج يعرج.

المشي إلى العبادة عبادة:

وهذه قاعدة فقهية وهي أن المشي إلى العبادة عبادة ، فهناك نصوص خاصة تدل على أن السير إلى سيد الشهداء كالسير إلى زيارة أمير المؤمين(ع) وبقية الأئمة وله في كل خطوة حجة وعمرة وهذه بعض النصوص:

عن بشير الدهان عن أبي عبدالله(ع) في حديث له قال: فقال: يا بشير إن الرجل منكم ليغتسل على شاطىء الفرات ثم يأتي قبر الحسين(ع) عارفاً بحقه فيعطيه الله بكل قدم يرفعها أو يضعها مائة حجة مقبولة، ومعها مائة عمرة مبرورة، ومائة غزوة مع نبي مرسل إلى أعداء الله وأعداء الرسول.

وأيضاً عن أبي عبدالله(ع) قال: ما عبد الله بشيء أشد من المشي ولا أفضل منه.

حرمة مناسبة وموسم الأربعين:

وهناك قاعدة شرعية أخرى وهي أن حريم أي مناسبة شرعية لا يقتصر تبجليها وتعظيمها بيوم تلك المناسبة بل ما قبلها وما بعدها أيضاً لهما نفس حرمة ذلك اليوم، وهذا شبيه بحرمة الموقع الجغرافي المقدس مثل الكعبة جعل لها المسجد الحرام حرمة لها ومكة حرمة للمسجد والحرم المكي حرمة لمكة والمواقيت حرمة للحرم المكي.

وهكذا حرم المدينة المنورة جعل لها النبي’ حرم فهي تحيط بالمسجد النبوي.

وهكذا مرقد أمير المؤمنين(ع) حيث ذكر الشيخ الطوسي أن الصلاة عند أمير المؤمنين(ع) من ناحية القصر والتمام كالمساجد الأربعة التي يتخير فيها المسافر بين القصر والتمام، وعلل ذلك إن تمام الصلاة في مسجد الكوفة لأنها حرم أمير المؤمنين(ع) والقبر هو موضع الحرم ومركزه.

 

فعن أبي عبدالله(ع) أنه قال: من مخزون علم الله الإتمام في أربع مواطن: حرم الله وحرم رسوله وحرم أمير المؤمنين وحرم الحسين ابن علي.

 

وأصل حرم أميرالمؤمنين(ع) مرقده وفي شعا عه مسجد الكوفة.

 

وبذلك أفتى الشيخ الطوسي بل السيد المرتضى وابن الجنيد والشيخ حسين العصفوري بالتخيير في النجف الاشرف وكل المشاهد المشرفة للمعصومين(ع).

 

والحاصل أن المكان الجغرافي المقدس يؤخذ ماحواليه حريما له ويتسع هذا الحريم، فكل ميقات جغرافي أو ميقات زماني له حريم والأمثلة في ذلك كثيرة لا يسع المجال لعرضها الآن.

 

ومن خلال كل هذا يتضح أن ما قبل يوم الأربعين وما بعده هو من حريم يوم الأربعين ويعتبر  الأربعين موسما كما هو الحال في موسم الحج، وهذا أمر له دلائل كثيرة لشرعيتها.

 

العلمانية الجديدة وزيارة الحسين عليه السلام:

 

إنَّ البعض من مدعي العلمانية الجديدة يستنكر قضية السير الى الامام الحسين(ع) لأنه يسبب تعطيل وتجميد حياة الكثير من الناس والمواطنين حسب أدعائه، وهذا البعض يرى أن الحضارة والتمدن.

 

سر التركيز على زيارة الحسين عليه السلام:

هناك إثارة يثيرها البعض وهو أنه لماذا هذا التخزين الكثير والتعبئة النفسية، وشحذ الأنفس بنحو الدوام والتكرار لمصاب سيد الشهداء(ع) سنوياً ويومياً «السلام عليك يا صاحب المصيبة الراتبة» بل في كل ساعة وآن، وقد أشار إلى ذلك الإمام الصادق(ع) عندما سئل عن زيارة الحسين(ع) فقيل له: هل في ذلك وقت أفضل من وقت؟

فقال: زوروه صلى الله عليه في كل وقت وفي كل حين، فإن زيارته(ع) خير موضوع فمن أكثر منها استكثر من الخير، ومن قلل قلل له

.

فما هو السر في هذا التركيز والتكرار هل هي تعبئة أحقاد أم هي تعبئة إنفعال وإنفجار؟!

 

هناك أسرار كثيرة للإجابة على هذه الإثارة ومن الطبيعي هذه الأسرار لا نستطيع الإحاطة بها بقدر ما استطعنا أن نفهمها من بيانات القرآن وبيانات مدرسة أهل البيت(ع).

 

السر الأوَّل: إن مشروع أهل البيت من أضخم المشاريع الإلهية، وهذا المشروع يحتاج إلى وقود وطاقة ضخمة، ومرَّ بنا أن هذه الطاقة الضخمة هو الإمام الحسين(ع).

 

إذنْ: هذا التركيز ليس عبطاً بل له غاية كونه مشروعا يهيمن على كافة أرجاء الأرض ويستمر إلى يوم القيامة فلابدَّ أن يؤمن الجهد والطاقة لهذا المشروع اللامتناهي.

السر الثاني: وهو أن الإنسان يحتاج إلى دوام الذكر، ومر بنا سابقاً أن البكاء يكبح الشهوات ويكبح الغرائز ويكبح القوى النازلة للإنسان وفي نفس الوقت ينير القلب ويقوي العقل، فالإنسان دائماً يحتاج إلى توازن وترويض ومسك زمام للغرائز النازلة، ومن هنا فالبكاء على سيد الشهداء(ع) من أقوى الأبواب للوصول إلى هذه الغاية وهو الدوام والسيطرة على الغرائز بشكل متوازن كما ذكرنا، والخلاص من ميول النفس الدائم جذبها للإنسان، فلابد من دوام المثير لها إلى الصعود عن التلوث في نقع الرجاسة وهذا المثير هو سيد الشهداء(ع).

 

فهو(ع) ثورة على النفس في إنحطاطها في براثن الشهوات والغرائز وطيران إلى سماء العلو في الفضائل والسمو إلى النور والصفاء والطهارة القدسية عند الساحة الربوبية وتصوير أوضاع عصره(ع) وكيف تبرثن وتسربل كثير من نجوم ووجوه عصر ذوي الأسماء اللامعة من الصحابة وأولادهم في الدنيا وحب البقاء في الملاذ والوداعة ولو على حساب الدين، فثار من حظيظ السقوط لدى معاصريه وأهل عصره إلى أوج العهد النبوي وإحياء ذكر الآخرة وسرعة الإندفاع في طلاق الدنيا والدنية وكالشهاب الثاقب في الصعود إلى المعالي الروحية والتحرر من أسر الأطماع النفسية والحرص الغريزي وحبس الشهوات والهوى إلى رحاب الخلاص في الخلوص من حب النفس واللذات


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله)
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/12/13



كتابة تعليق لموضوع : أسرار زيارة الأربعين (الحلقة الثالثة )
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 3)


• (1) - كتب : قاسم الخيكاني ، في 2016/11/14 .

لماذا لم يذكر سيدنا العباس في زيارة عاشوراء

• (2) - كتب : نبيل محمد حسن ، في 2013/12/14 .

بسم الله الرحمن الرحيم
لو كان فعلاً الامام الحسين (عليه السلام) هو الذي يحكم على القلوب لما وجدنا هذه المآسي المنتشرة في المجتمع العراقي من زنى وتعامل بالربا وفساد اداري مستشري في كل دوائر الدولة بلا استثناء واختلاط محرم في الجامعات والكليات وتبذل نسبة كبيرة من طالبات وطلاب المدارس الاعدادية ، ووباء الاندرويد اللا اخلاقي الذي ادخل البرامج الاباحية وغير الاخلاقية في موبايلات جميع الشباب والشابات والبنات وداخل جميع بيوت المؤمنين والمسلمين !!


• (3) - كتب : جعفر الحسيني ، في 2013/12/13 .

شيخنا الجليل اعزكم الله وادامكم ذخرا لشيعة علي عليه السلام هي تعبئة أحقاد منذ معركة بدر الى يومنا هذا ابتدوءها بالسقيفة ولن تنتهي الا بعد الظهور المقدس لصاحب هذا الامر عجل الله فرجه الشريف






حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net