صفحة الكاتب : مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله)

الحلقة السابعة (تضخم تراث عاشوراء)
مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله)

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
نتفٌٌ عاشوريّة (7)
 
السؤال:
ما رأيكم في نظرية التضخم لتراث عاشوراء أعني إنّ الذوق الشيعي له أثره البارز والواضح في تضخم تراث عاشوراء .
كعدد قتلى جيش أبن سعد بكل هجمة من آل البيت (ع) أو إنّ الحسين (ع) يقدّم فرسهُ على نفسهِ ويمتنع الفرس عن شرب الماء وبالتالي لم يشرب الماء الحسين (ع) ، أو إنّ أم وهب تَقتِل برمي رأس ولدها عدداً من الجيش أو إنّ الأسد يأتي إلى زيارة مضجع الحسين (ع) ليلة الحادي عشر وغيرها مما وردنا من تاريخ عاشوراء .
فالشيعة على مر القرون حالوا إثراء قضية عاشوراء بالفن والذوق .
فما هو تعليقك مولانا المُُحقق :
 
إجابة سماحة الشيخ “دام ظله الشريف” :
 
المهم في تحري هذه الاقوال والوقائع نفياً وإثباتاً ، هو التحري والتتبع والإستقصاء ، فإن مصادر واقعة كربلاء وحادثة عاشوراء :
 
1- ليست كما يظن وينساق الكثير مصادرها تاريخية بحتة ، بل هناك مصادر حديثية من الفريقين بل وقرآنية أيضاً ، سواء بحسب التأويل أو النزول والتنزيل ، ومع هذه السعة للمصادر يصعب إستقصاءها بهذه السرعة وحسم النتائج ، بل يجد المتتبع الفاحص إن روايات الفروع في الأبواب المختلفة بمناسبة وأخرى تتعرض للقطات من حادثة عاشوراء ، لاتجدها في مصادر أخرى ، لاسيما وإن عدسة المعصوم (ع) التي هي عدسة من علم لدني مرتبط بآليات ملكوتية لرصد الوقائع مالاترصده إنتباه الحواس البشرية بقوتها المحدودة في قدرة الإحاطة ، كما يرصد القرآن كثير من الوقائع التاريخية وحوادث سير الأنبياء والأوصياء والأولياء بلقطات وقصاصات لم ترصدها كتب التاريخ ، ولا حواس البشر ، بل وكذلك رصد القرآن والحديث النبوي وحديث المعصومين من آله كثير من مشاهد سيرة النبي (ص) ، وحوادث صدر تاريخ الإسلام لم يعلم بها المسلمون الصدر الأول آنذاك ، فضلاً عن أجيال المسلمين اللآحقة ، ولقد وجدت مثلاً لقطات وقصاصات في أحاديث كتاب كامل الزيارات لزعيم الطائفة في زمانه الشيخ الأجل المتقدم أبن قولويه أُستاذ الشيخ المفيد في الفقه والحديث ، لاتوجد في مصادر أخرى ، وينذر تعرض الخطباء الأجلاّء لها .
 
2- إن واقعة كربلاء من الحوادث الحسّاسة في المشهد الإسلامي ، من القرن الأول ، وإستمراراً قرناً بعد قرن إلى يومنا هذا ، ولم يَخلُ قرن عن تأليفات من أرباب المقاتل تتناقلها الأمة جيلاً بعد جيل ، فليس هناك إنقطاع وإرسال في تلقي أحداث عاشوراء على النحو الأجمالي .
 
3-لابد من الألتفات إلى الحدث والمشهد بطبيعته المادي ، فضلاً عن الأحاسيس الروحية والأمواج النفسانية والخواطر القلبية ، لايمكن رصدها والإحاطة بها من قبل مراسل خبري تاريخي ، ولامراسلين كثر ، وذلك لأن كل شخص هو بنفسه حدث وأحداث ومشهد ومشاهد ، ولا يحيط بها تماماً الملكان الكاتبان الحافظان ، فضلا عن البشر كما ورد في بيانات القرآن و أهل البيت (ع ) ، فكيف تتوقع من عدم تعرض راوي تاريخي للحدث والمشهد نفي زاوية وزوايا من الحدث ، وهو لايستطيع رصد كل ذلك في شخص ، فضلاً عن أشخاص  بالعشرات والمئات والآلاف .
 
4- إنه دائما هناك مشهد مادي في الحدث و فيه مشهد نفساني أخلاقي أيضاً ، ومشهد روحي ثالث ، ومشهد رابع عقلي وقلبي وفكري ، ومشهد خامس غير مرئي غيبي عن إدراك البشر ، يتدخل في الحدث والمشهد ، لان كل حدث ليس مفوضاً كله للبشر ولا هو قدر الجائي جبري على البشر ، بل هم أمر بين أمرين إختيار بين تقدير وقضاء ، آليات الغيب والسماء غير مرئية ، وبين آليات يقوم بها البشر ، ومن ثم نلاحظ إن القرآن في أي حدث ومشهد يوازن بين رصد والإحاطة ، بين المشهد المرئي الحسي والذي لايحيط به كله البشر كما مر ، وبين المشهد الغير مرئي الغيبي الذي يتدخل في رسم الأحداث ومصير المشهد ، فلاحظ كلام القرآن حول واقعة بدر وأُحد والأحزاب وخيبر ووو … ، يوازن ويركز على كل من الجانبين .
 
5- إن عامل الإخفاء والتعتيم والتكتم على الحقائق قد مارسته الحكومات المعادية لاهل البيت (ع) ، بدءاً من السقيفة ثم الأمويّة والعباسية وإلى يومنا هذا من الحكومات المعاصرة التي يزعجها شعار الحق والعدالة والحرية الذي يرفعه اهل البيت (ع) ، فكل هذه الإمتداد والقدرات وظفت لإماتة أوراق ومستندات حقائق الأحداث والمشاهد في صدر الإسلام وكربلاء ، فهاهو اليوم نشاهد كيف يقلبون الحقيقة راساً على عقب ويجعلون من صدام بطل المقابر الجماعية إلى شهيد الأمة ، وإن المقابر هي من فعل خصوم صدام ، فكيف بك بما مر في عصور لم تكن آليات وأجهزة إعلام ورصد كالموجود اليوم ، فالمنهج بدل أن يقال عن  التضخيم يجب أن ينتبه إلى عوامل التعتيم .
 
6- ومن كل ذلك ههنا مقترح لإنشاء موسوعة سيدية حاسوبية تجمع فيها آلاف المصادر المختصة بعاشوراء من الفريقين ، فضلاً عن مصادر الأمم والملل الأخرى التي تتحدث عن واقعة كربلاء ، ولقد أنبرت بحمد الله بعض المؤسسات لإقامة هذا المشروع ، كي يكون البحث مستندياً معلوماتياً وثائقياً .
 
7- كما إن من اللازم رصد وجدولة المصادر في مشجرة ضخمة وقوائم مطولة ومقسمة بما يسمى ببليوغرافيا ، كي يكون التتبع منظوميّاً بنظم وقواعد علمية في البحث تخضع لدقة في الإستنتاج ، ونكون بذلك قد خدمنا الحقيقة والحق .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله)
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/11/03



كتابة تعليق لموضوع : الحلقة السابعة (تضخم تراث عاشوراء)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net