صفحة الكاتب : علي حسين كبايسي

سر تخلف العرب و المسلمين
علي حسين كبايسي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
التساؤلات في سوق الكلام عن أسباب تخلف العرب من المحيط إلى الخليج ، دفعت كل من يحمل القلم علماني أم إسلامي ليدلو بدلوه عساه يكشف الأسباب ويضع شروطا للنهضة !! ، وفي هذا المضمار لفت انتباهي كتاب " سر تأخر العرب والمسلمين" ، فدفعني الفضول بكل شغف لأطلع على هذا السر !!! ، وما عرفته في صغري من الحكايات الشعبية أن السر هو أن سيدنا جبرائيل كلف الغراب الذي كان مزهوا بريشه الأبيض يوم ذاك !! ، أن يرمي بكيس الذهب (1) إلى العرب وكيس الجراد و القمل على الغرب، ولكن الغراب أخطأ وحدث العكس ، فتخلف العرب وتقدم الغرب وجزاءًا لفعلته مسخ ريشه إلى اللون الأسود !!، و هذه الحكاية على سياق أن جبرائيل أخطأ في تسليم الرسالة فبدلا أن يسلمها إلى الإمام عليه السلام سلمها إلى الرسول الأعظم (ص) ولكنه بقي بلا عقاب حسب الحرب الدعائية ضد الشيعة (2)، ومن الحكايتين نستخلص أن قصور العقل والمنطلقات الواهية عند الإسلام السلطوي غيب اللغة العلمية وحل محلها الحرب الدعائية من منطلق أكذب ثم أكذب فيصبح كلامك مأثورا لا يعتريه الباطل لا من بين يديه و لا من خلفه !! .
بعد التصفح العابر للكتاب ما وقفت على سر !! ، فكلما رجحت الظن في فقرة أنها تخفي سرا ، أجده سرابا ، فمثلا قلت السر هو : "إن الدب الروسي سوف يضغط من الغرب والفيل الهندي سوف يضغط من الشرق . وسوف تختفي باكستان ... إن أمريكا لا تريد بقاء روسيا في أفغانستان . ولكنها كذلك لا تحتمل قيام حكم إسلامي في أفغانستان" .
من البديهيات في عالم السياسة الهند و الاتحاد السوفياتي ليستا دولتان استعماريتان ، فالهند عضو مؤسس لعدم الانحياز وساند القضية الفلسطينية إلى أن باع العرب القضية ، و السوفيات هم من فضحوا وثيقة سايكس- بيكو ، وساندوا الحركات التحررية في كل العالم و منها القضية الفلسطينية ، و المستنقع الأفغاني كان مصيدة للروس شارك فيها السلفية و الإخوان بتجنيد الشباب العربي و إقحامهم أتون حرب الرابح الوحيد فيها هي أمريكا !! ، و ها هي سايكس – بيكو  تعود من جديد ويٌجَند السلفية والإخوان ليخوضوا حربا بالوكالة في الملعب السوري هدفه القضاء على المقاومة وتشكيل خريطة الشرق الأوسط الجديد (3) .
أسطوانة أن الأمريكان يرفضون الحكم الأسلاموي !! ، تسقطها إيصال الإخوان إلى الحكم في كل من تونس و مصر !! ، و الأمريكان برجماتيين لا تهمهم إلا المصلحة ، حيث كانت كانوا ، فلا عداوة دائمة و لا صداقة دائمة ، المصلحة دائمة .
إذن فهذا السر سراب !!، فقلت ربما يكون السر هو :
" رواية أبى خيثمة : إني لأحسب عمر قد ذهب بتسعة أعشار العلم !! " .
من العجب أن عمر يمنع رواية وتدوين الحديث ثم يحرم الأمة من تسعة أعشار العلم ولا يترك لهم سوى العشر !!، أليس هذا إجحاف بحق الأمة ؟! ، ثم نتساءل أليس الرجل يعترف جهارا إن الصفق في الأسواق حرمه العلم ، لولا أبا الحسن لهلك عمر ، الكل أفقه من عمر ، أصابت امرأة و أخطأ عمر..... !!! ، كان من المفروض على الباحث عن سر تأخر العرب و المسلمين أن يكون سلاحه العلم و ليست الدعاية ، وجعل الأوهام مسلمات!! .
إذن ليكن السر هو :
" جاء الخليفة الأول وليد شورى حرة وبيعة نزيهة . ..... وجاء الخليفة الثاني بعد استطلاع للرأي العام لم يكن منه بد ...... وجاء الخليفة الثالث وليد شورى من كبار الصحابة !! " .
هل سقيفة بني ساعدة تولدت منها شورى حرة وبيعة نزيهة ، وإن كانت كذلك فلماذا يقول عنها الثاني أنها كانت فلتة !! ،ويقول لما رأيت فرسان أسلم أيقنت بالنصر ، ولماذا محاولة حرق دار فاطمة بضعة رسول الله (ص) و اغتيال سعد بن عبادة ، أي استطلاع للرأي العام يتحدث عنه !! ، الخليفة الأول في حالة احتضار و يكتب كتابا يلزم توريث صاحبه !!! و لا يقولون إنه يهجركما حدث في رزية الخميس !!، و الثالث جاء بمسرحية لا يتخيلها عاقل!! ، هل عدد كبار الصحابة ينحصر في العدد 6، هل الرقم 6 لغز؟! ، لماذا لا يكون الرقم 7 !!! ، و أية شورى تستدعي قتل الممتنع عن المبايعة !!! ، و هل الممتنع عن التصويت في الديمقراطية الحديثة يعدم !! .   
إذن سنسلم أن السر هو :
" التماثيل اليونانية والرومانية تنحت مكشوفة السوءة للرجال ، والنساء عموما على عكس الأدب والحياء الظاهرين في تماثيل قدماء المصريين " .
يقول التاريخ أن في زمن القدماء المصريين في الأسرة المالكة الأخ يتزوج أخته لإبقاء الدم الملكي نقيا !! ، و كليوباترا شاركت أخاها الملك و كانت زوجة له ! و لما ذهبت إلى روما بصحبة يوليوس قيصر تعجبت نساء القصر من تبرجها الفاضح !! وكانت توسم بالعاهرة فمن أحضان يوليوس إلى أحضان أنطوني الذي لقي حتفه بسبب غدرها !! ، وما علاقة تأخر العرب بالقدماء المصريين و تماثيلهم ؟؟!! .
إذن السر هو :
"وكان يوصي أمراء الجيوش بجمع الناس على كتاب الله . والإقلال من الأحاديث النبوية. والسبب في ذلك أمران: أولهما خوفه من رواية الواهيات والترهات. والآخر خوفه من عدم فهم الحديث على وجهه . واختلاف الأنظار مع اختلاف المرويات."
 الذين يوصيهم الخليفة الثاني هم الصحابة العدول !!! ، يوصيهم لكي لا يروون الواهيات والترهات!! ، كيف نأخذ ديننا من أناس يروون الواهيات والترهات!!، وكذالك عندهم مشكل في فهم الحديث على الوجه الصحيح !! ، و العجب كيف يفهمون كتاب الله على وجهه الصحيح وهم عاجزون عن فهم سنة رسوله (ص) ، ما هذه الترهات و التناقضات، و السر الغريب الذي سَبب تخلف العرب و المسلمين !!! .
ثم يقول في موضع آخر: "والسنة النبوية مهرب رحب لمريدي العبث . وناشري الفوضى! فهناك أحاديث موضوعة مرت . وأحاديث ضعيفة قويت . وأحاديث صحيحة حرفت عن موضعها . وسيقت في غير محلها!" نتساءل ما سبب هذا ؟! أليس منع تدوين السنة الشريفة ، والغريب أنه يغدق ابن الخطاب مدحا لفعلته !!، و العجب انه غارق إلى النخاع : بتقويته الضعيف و تحريف الصحيح انتصارا للموروث المذهبي .  (4) 
إذن السر هو :
"السلفيون بالجزائر يقولون عن مالك بن أنس:إنه يفضل عمل أهل المدينة على حديث رسول الله . قلت لهم : هذا كذب . إن مالكا !! يرى عمل أهل المدينة أدل على سنة رسول الله من حديث واحد قد يحفظ أو ينسى. قد يخطئ أو يصيب!! ... ليس في ديننا عقائد تقوم على حديث آحاد !! عقائدنا كلها ثابتة بأدلة قاطعة . ولا داعي للجدال!!"
عمليا يقر ما يقولون !، فلماذا التكذيب ! ، ماذا بقي لأهل المدينة بعد واقعة الحرة ، يوم استبيحت الحرمات وولدت ألفامرأة دون أن يعرف لأبنائهم نسبا ، وحُوِلت شوارع المدينة إلى مخامر و مراكز للهو و الغناء ، ومالك نفسه في صغره أراد أن يكون مغنيا لولا أمه التي حرفت مساره !! ، هل عمل أهل المدينة أدل على سنة رسول الله (ص) !!! ، من الواضحات أن كثير من العقائد تبنى بأحاديث الآحاد، ويتضح جهل الشيخ بعلم الحديث .
إذن ماذا بقي لنا هو :
".....قال الخزنة : قط قط حسبنا! أي اكتفينا اكتفينا.....المعية هنا معية صفات . لا معية ذات .فهو معنا بعلمه وسمعه وبصره وقدرته..... وأنظُر إلى ابن تيمية والأشعري على أنهما سواء في الإيمان الصحيح. والغيرة على الإسلام"
هل التأوليل يدفعنا إلى جعل الملائكة تهرج مع الله تعالى عن ذلك بقولها قط قط !! ، هل الصفات زائدة عن الذات و هل هي من القدماء !! ، أراد الهروب من التجسيم فوقع في شرك تعدد الآلهة !! ، ابن تيمية يقول أن الأشاعرة مخانيث المعتزلة وكتب ابن تيمية تثبت بالقطعية أنه على طرفي نقيض مع الأشاعرة ، فكيف يكون ابن تيمية والأشعري سواء في الإيمان الصحيح . والغيرة على الإسلام !!! . (5)
ختاما بعد ملاحقة السر تيقنت بعدم وجوده ، كل ما في الأمر كلام دعائي وتباكي على الأوهام يفتقد للروح العلمية و الأسس المنطقية ، و المثال المضاد الذي فيه فصل المقال : هل يمكن اعتبار إيران ، ماليزيا ، و تركيا دول متخلفة ؟!! ، و بعد خروج كل من الهند و البرازيل من مستنقع النفايات و مآسي التخلف، وأصبحتا من الدول الرائدة اقتصاديا ، هل بقى لنا أن نتحدث عن الأسرار !!! .
 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الذهب الأصفر كان وراء تخلف الأسبان و البرتغال زمن النهضة الصناعية في الغرب ، و الذهب الأسود حول الخليج العربي إلى حديقة خلفية للأمريكان .
(2) سلسلة الافتراءات في مسلسل الحروب الدعائية الكاذبة للإسلام السلطوي .
(3) طَرحُ لويس دي برنارد يقضي بتقسيم المقسم و تجزئ المجزأ - خارطة العالم العربي- ، لإحياء الاستعمار القديم و تقسيم الثروات العربية باستخدام الحرب الناعمة .
(4) أنظر كتابه فقه السيرة - تحقيق الأحاديث الألباني - ، الألباني السلفي يفحمه في كثير من الأحاديث ، الرجل جاهل بعلم الحديث أو جاحد به!!، فكيف له بفقه السيرة !!! .
(5) مشكلة صاحب السر أنه سلفي ومرجعيته ابن تيمية عن طريق أستاذه رشيد رضا ، بينما السلفية الحديثة فطريقهم إلى ابن تيمية هو محمد بن عبد الوهاب !! ، المنبع واحد و المشرب واحد .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين كبايسي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/10/11



كتابة تعليق لموضوع : سر تخلف العرب و المسلمين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net