(البيان الختامي)المؤتمر الدولي السابع للتقريب بين المذاهب الاسلامية –لندن(دور التقريب في مواجهة الطائفية وحماية المجتمع)
بسم الله الرحمن الرحيم
(البيان الختامي)
المؤتمر الدولي السابع للتقريب بين المذاهب الاسلامية – لندن
(دور التقريب في مواجهة الطائفية وحماية المجتمع)
يوم السبت 21/9/2013م – المصادف 14 ذي القعدة 1434هـ
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)(سورة الانفال: 45-46).
هكذا يخاطب القرآن الكريم الذين آمنوا بالصبر والثبات أمام العدو، والنهي عن التنازع والاختلاف كي لا نضعف وتزول قوتنا، ويتجسد ذلك كله بأطاعة الله ورسوله، بالجهاد والدفاع عن الدين.
لقد عقد المركز الاسلامي في انجلترا على مدى ست سنوات مؤتمرات دولية سنوية، عالجت مسائل هامة وضرورية تعلقت في أصل التقريب، وهو حاجة حياتية للأمة الإسلامية بشكل خاص، ولم تكن هذه المؤتمرات ترفاً فكرياً، ولم تجنح بعيداً عن طبيعة التحديات التي تواجهها الأمة وعن تطلعاتها لمستقبل أفضل.
ومن هنا لابد ان يكون للتقريب خطاب المحبة والعفو والتسامح قبال خطاب التكفير والكراهية، لما للتقريب من دور مؤثر في بناء الانسان والمجتمع والمؤسسات، للدفع باتجاه تنمية هذا المجتمع وتطويره بتذليل التحديات وايجاد الفرص المشتركة التي يلتقي عليها المسلمون لمواجهة سياسات الاقصاء وفتاوى التكفير والجهل، التي لم ترجع على الأمة والانسانية إلا بالمزيد من المعاناة والألم والخسارة. فالطائفية لم تعد سلاحاً عادياً بيد أعداء الأمة إنّما هي أخطر أساليب تدمير المسلم والمجتمعات الإسلامية وحتى الانسانية بشكل عام.
ان مشروع التقارب بين المسلمين بات أمراً ملزماً لكل من يتبنى سلامة هذه الأمة، لمواجهة التحديات والأخطار وتداعيات الطائفية على سلامة الانسان والمجتمع، وهذا لا يأتي إلا من خلال الجهود العملية والبرامج والاعمال وبناء المؤسسات التي تخدم الحوار والتقارب والوحدة الاسلامية، فالتقريب مشروع للبناء من أجل تنمية قدرات الأمة، ولابد ان يمارس كلّ منا دوره في البناء وتجسيد تيار التقريب سلوكاً وعملاً وبرامج ومؤسسات، وليس خطاباً فحسب من أجل حماية الانسان والمجتمع وتنميتها في ظل أجواء الوئام والتقارب الذي هو رسالة ذوي المشاريع التغييرية الكبرى لما يوفر لهم من وحدة الصف. ومن هنا تتأكد الحاجة لتعميق الدور العملي للتقريب في مواجهة المشروع الطائفي المقيت الذي يراهن عليه أعداء الأمة لتشتيتها واضعافها، فالطائفية شعار يروجه داعموا أنظمة الاستبداد وهي وسيلة للتجهيل ولا تمت بصلة الى التنوع والتعددية الفكرية بالمرّة، ولا تعالج بالعاطفة، وانما بالعقل والتدبر ، ولابد أن يأخذ الجميع دورهم في بناء مؤسسات التقريب وترجمة أفكاره وثقافته وقيمه سلوكاً وبرامج عمل، لذا عقد المركز الاسلامي في انجلترا هذا العام المؤتمر الدولي السابع للتقريب بين المذاهب الاسلامية تحت عنوان: (دور التقريب في مواجهة الطائفية وحماية المجتمع) بحضور تيار التقريبيين من السادة العلماء والمفكرين والاساتذة المتخصصين من بقاع مختلفة، باهتماماتهم المتنوعة والحريصة على انجاح هذا المشروع الاسلامي في حفظ وحدة الأمة وسلامتها من الأخطار. وقد أقرّ المجتمعون في هذا المؤتمر ما يلي:
1-ضرورة المضي قدماً وبثبات في طريق التقريب والوحدة الاسلامية رغم كل المعاناة والايذاء الذي يواجهه تيار التقريبيين في المجتمع. ولا تتحقق أهداف هذا المشروع القرآنـي بالخطابات وحدها. لذا يؤكد المؤتمرون على تفعيل الاساليب العملية من خلال (وثيقة تعاون) بين التقريبيين أنفسهم على ان تطور هذه الوثيقة بأمرين مهمين:
الأول: طرح الاساليب الكفيلة لتحقيق الجانب العملي من التقريب.
والثانـي: تأييد الوثيقة ودعمها من قبل علماء الامة ورموز التقريب، فهي خطوة كبيرة في طريق تأمين الأمن الاجتماعي للبلدان الاسلامية.
2-أخذت الطائفية أبعاداً خطيرة تهدد سلامة العقيدة والوحدة الاسلامية، بعد ان استخدمها اعداء الامة وجهّالها أسلوباً لتمرير المصالح الاجنبية والضارة على حساب مصالح الأمة، ولابد من موقف مشترك لفضح هذا المشروع التدميري ومن جهة أخرى الارتفاع بوعي الأمة ودرء الأخطار عنها من خلال برنامج عملي فاعل، يعتمد التنسيق بين مختلف الاطراف الذين يتضررون بالطائفية.
3-ضرورة تشكيل لجنة من المتحدثين في هذا المؤتمر وممن يرغب بذلك أيضاً من خلال الامانة العامة للمؤتمر، ومهمة هذه اللجنة تقديم الحلول العملية للمشكلة الطائفية بعد بيان اسبابها ومعرفة من وراءها، وكذلك بيان البدائل المؤثرة التي تمنع من اتساع آثار الطائفية واخطارها، ويدخل هذا النشاط ضمن سياسة تطوير وسائل التقريب العملي.
4- الاعلام المتطرف بمختلف وسائله لا سيما بعض الفضائيات التي تثير الفتنة بين المسلمين، لابد من رفع الغطاء عنها بالاعلان عن عدم شرعيتها، ومخالفتها لثوابت الامة الاسلامية وطموحها في بناء اواصر الاخوة بين المسلمين، وان الحديث الصريح لسماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي مؤخراً حول هذا النوع من التشيع الغريب في الغرب، يضع الجميع من المسلمين الآخرين امام مسؤولياتهم للحديث بصراحة وبأِدانة واضحة للفضائيات الطائفية والخطاب الاعلامي الفتنوي المضلل وما اكثره اليوم للاسف الشديد، وهذه مسؤولية شرعية لابد ان يتصدى لها العلماء والمفكرون والقادة والاعلاميون المنصفون وكافة شرائح الامة.
5-ان ظاهرة الاستقواء بالاجنبي على أهل البلاد الاسلامية أمر مشين، يكشف عن خطورة هذا الاتجاه الذي تغذيه رؤوس اموال بلاد المسلمين والتي بها يتعاظم خطر الدور الاحتلالي للشعوب الاسلامية، كما حصل ويحصل هذه الايام، بينما الحل الانجع إنما يكون بالحوار والتفاهم والتقارب بين ابناء هذه الأمة شعوباً وحكومات بعد منع الاجنبي من ان يطمع بثروات البلاد الاسلامية واحتلالها.
6-يبارك المؤتمرون كل خطوة ومبادرة من شأنها تعزيز الصف ووحدة الكلمة، في ظل تحديات تستهدف وجود هذه الامة، لا سيما وثيقة الشرف التي صدرت الخميس الماضي وصدّقت عليها المكونات العراقية على أمل ان تلتحق مكونات أخرى، وهذا يكشف عن وعي وحرص ومسؤولية، ولابد ان تتكرر هذه الظاهرة في كافة البلدان الاسلامية الأخرى، لأنها تسحب الورقة الطائفية من يد المتطرفين، وهذه غاية مقدسة من غايات التقريب والوحدة بين المسلمين.
7-بناء على توصية المؤتمر الدولي السادس للتقريب في بيانه الختامي والذي نصّ بفقرته (12-أ) على: (أن يعرّف هذا المؤتمر ككيان اسلامي مستقل له رسالة وأهداف وأمانة ولجان عمل) فأن المقترح الذي قدّم لهذا المؤتمر بتأسيس مجمع التقريب بين المذاهب الاسلامية في بريطانيا طرح ينسجم وذلك القرار، ويبارك المؤتمرون هذه الانطلاقة الواعية والواعدة لتطوير اعمال التقريب والوحدة انطلاقاً من هذه الجهود ذاتها.
8-الأسرة: ذلك الكيان المؤثر في المجتمع له دور كبير في إشاعة ثقافة التقريب وتربية الابناء والشباب عليها، وللمرأة دور مؤثر في بناء الثقافة التقريبية في الأسرة والمجتمع، ولذا يوصي المؤتمرون بعقد ندوة دراسية وعمل احصائي لدراسة افضل الاساليب التي تجعل الاسرة تتحمل مسؤولياتها التقريبية في الأمة، على ان تتصدى لذلك الاخوات الكريمات المعنيات بجهود التقريب والوحدة الاسلامية.
9-فلسطين قضية المسلمين الأولى، ومسؤوليتنا جميعاً ان نقف بوجه الممارسات اللاانسانية ضد ابناء فلسطين لا سيما في الداخل، وان لا تمرر التوافقات على حساب مصالح هذا الشعب الذي يسعى للعودة وبناء دولته على أرضه، فالمؤتمرون يؤكدون على الدفاع عن الحق الفلسطيني في الحياة، وشجب التجاوزات الاحتلالية المتكررة ضد المدنيين العزل وان يعي الأخوة الفلسطينيون ما يدبّر لهم هذه الايام.
10- على الحكومات الاسلامية والعربية مسؤولية التصدي للطائفية بعد ان طالت أخطارها التدميرية البنى التحتية للبلدان والانسان نفسه، وبها اقتحموا على الأمة أسوارها فعبث الطائفيون كيفما أرادوا، فمواجهتهم لا يضطلع بها الا الجميع، والحكومات الاسلامية عليها ان لا تنحاز لطرف على حساب طرف آخر، وان تعمل بصدق وجدية بالغة للقضاء على هذا المرض الخطير الذي احرق الحرث والنسل وأجاز لعتاتهم التكفير والقتل على الهوية ظلماً وكفراً. وان تنظر الحكومات بايجابية الى حقوق مواطنيها ولا يحق لأحد الاقصاء والتهميش، وبالخصوص المطالبات السلمية يجب ان تحظى باهتمام الانظمة الرسمية في هذه البلدان.
11-هناك بعض التوصيات التي أكّد عليها المؤتمرون يأتي في طليعتها:
أ-تأسيس مواقع الكترونية فاعلة وشبكات تواصل اجتماعي في كافة المؤسسات الدينية لايصال المعلومة والخبر السريع للجالية، وتفعيل التواصل فيما بينها.
ب-العمل على اصدار كتاب تدريسي يتناول التقريب والوحدة الاسلامية، والسعي الحثيث لأدخاله في المناهج التدريسية للمدارس والجامعات الاسلامية.
ج-تأسيس قناة تلفزيونية تلتزم قيم التقريب وتسعى لتحقيق أهدافه، ولتنطلق من اوربا ابتداءً ويمكن ان تبدأ بشركة تساهمية يتحمل مسؤوليتها المخلصون من المؤمنين.
د-ضمن (مسابقة كتاب): يمكن دعوة الكتّاب والباحثين لتأليف كتاب عن: (التقريب: فلسفته وأساليبه العملية)، وتخصص مكافآت للباحثين في ندوة فكرية فاعلة تعقد في لندن.
12- كلمة شكر وتقدير لمن أسهم في إحياء هذه الجهود التقريبية وممن تجشم السفر وشارك في الحضور لا سيما الجهات الاعلامية التي شاركتنا مشكورة هذاالمؤتمر التقريبي، متطلعين وإياهم للمزيد من الاعلام المبرمج في إشاعة قيم التقريب والوحدة ومواجهة التطرف والطائفية.
والحمد لله أولا وآخراً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المؤتمر الدولي السابع للتقريب بين المذاهب الاسلامية-لندن
21/9/2013م الموافق 14 ذي القعدة 1434هـ
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat