وتعود المدارس تفتح أبوابها لعامٍ دراسيّ جديد. ويعود التلاميذ إلى صفوفهم في "أوّل يوم مدرسة". واليوم الأوّل من السنة الدراسيّة يختلف عن الأيّام اللاحقة كلّها. فالتلميذ ارتفع صفًّا، نتيجة نجاحه العامَ المنصرم. وهذا من دواعي سروره، لأنّه يشعر بمكافأة جهوده تتجسّد. وفي هذا أيضًا عاملُ مفاجأة: كلّ شيءٍ جديد، وهو هنا يريد الاكتشاف. هذا صفّي الجديد. غرفة الصفّ يدخلها للمرّة الأولى، والمعلّمون جدد يريد التعرّف بهم، معرفة أسمائهم، طريقة تعليمهم. ثمّ يودّ معرفة من سيكون في صفّه من رفاق السنة الماضية. وهذا أيضًا مدعاة فرح، في ما لو وجد صديقًا في صفّه، أو أدرك أنّ رفيقًا لا يحبّه افترق عنه.
ناهيك عن فرح اللقاء. لقاء الأحبّة في المدرسة. والمدرسة مجتمع قائم بذاته. وقلْ إنّ تلميذًا أسّس له صداقات وعلاقات، قد تفتر بسبب البعد بين الأشخاص خلال العطلة الصيفيّة. لقاء الأحبّة يعود فيُنعِش هذه العلاقات، ويعِدُ بأخرى جديدة.
من ناحية أخرى، يمكننا التكلّم على اللقاء بين المعلّمين. لقاء الزملاء الذي ينطبق عليه المبدأ نفسه. فالزملاء يجمعهم مركز العمل. من هناك ينطلقون في صداقاتهم إذا وُجدت بينهم. ومن مكان عملهم ينظّمون لقاءاتهم الخاصّة، عائليّة كانت أم اجتماعيّة. وفي المدرسة، يعرف المعلّمون أحوال بعضهم البعض، فيقيمون الواجبات المتبادَلة، ويشاركون في المناسبات الخاصّة بكلّ واحدٍ منهم.
ويسأل الزملاء في بداية السنة عن معلّمٍ جديد سيشاركهم التعليم. وكم يهمّ البعض أن يكون صديقَه، خصوصًا إذا كان أستاذًا للمادّة نفسها التي يعلّمها. ويهتمّ المعلّمون أيضًا لبرنامج عملهم الأسبوعيّ، فينشغلون خلال الأيّام الأولى في ترتيب ساعاتهم بما يتوافق مع راحتهم، واهتماماتهم الشخصيّة والعائليّة. فيطلبون تبديل ساعة أو أكثر، مع زميلٍ لهم لا يزعجه الأمر.
ناهيكَ أخيرًا عن وضع المدير والموظّفين الإداريّين الذين يكونون في هرجٍ ومرج، لترتيب الأمور الداخليّة كلّها، فتطمئنّ الإدارة إلى سلامة العمل، وتأمين المستلزمات الضروريّة ، ماديّةً كانت أم إداريّة.
ويبقى تبادلُ الآمنيات العِذاب: "دخلة مباركة، سنة جديدة مباركة، سعداء لرؤيتكم من جديد...". أمنياتٌ تعبّر عن أشواق وعواطف من جهة، وتنعش الروح الأخويّة بين الرفاق والزملاء من جهةٍ أخرى.
وهكذا نجدنا في ركبِ سنةٍ جديدة وأفواجٍ جديدة لجيلٍ، كم نتمنّى أن يكون على مستوى الإنسانيّة الراقي.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat