صفحة الكاتب : حسين باجي الغزي

القصيدة السومرية.قيم انسانية وخلود أبدي
حسين باجي الغزي
حظيت قصائد الحب والغزل في النصوص الادبيه السومرية بمكانه متميزة واحتلت الصدارة لخصائصها الجمالية والعاطفية في الحياة اليومية وارتباطها بالمدلولات القدسية والرؤى الدينية .لقد جرى الحب والغزل في ألقصيده السومرية مجرى الدم في الجسد إذ كانا يشكلان فضاء الحياة ونبضها وما كانت الطقوس أليوميه المترنمة بحب المرأة الإله، إلا تجسيدا لهذه المعاني وتعبيرا عن تجليات الروح السومرية المفعمة بحب الحياة والانوثه والجمال . 
أن وصف مفاتن الجسد الأنثوي بمدلولات مستوحاة من بنى الطبيعة في يومنا هذا ليست بعيدة عن تلك التي وردت في نصوص سومريه قديمه وصلت ألينا في الكثير من الرقم الطينية التي تحمل في كتاباتها نفس الخلجات والاحاسيس الدافئة والمدلولات العاطفية والجمالية ، التي تميز عالم احاسسينا اليوم وتشابه تأثير هذه العاطفة  السامية في حياة الناس في بلاد الرافدين وعلى مر الحقب .إن تمثيل دور الآلة المتيم العاشق المستهام من قبل أعلى سلطه سياسيه متجسدة بالحاكم الأعلى للبلاد فيما تقوم أنثى من كاهنات المعبد بدور الالهه للقيام بشعائر مايسمى بالزواج المقدس يتناجيان فيها باعذب قصائد الحب والغرام، بحوارات هامسة وأهات وزفرات شجيه حزينة، على أصوات القيثارات السومرية وهي تعزف ألحانا تأخذ بلب المشاهدين وتنقلهم إلى عالم الأثير والخيال والصفاء .حيث ينسلخون عن واقعهم المادي الكئيب ،وسط تجليات روحانيه ومآثر صوريه غاية في الإتقان وروعة في الوصف، وقد يتصاعد المشهد وتتعالى الموسيقى ويصل الحوار إلى البوح بوصف دقيق للعلاقة الجسدية و بمشاهد من الاثاره والاباحيه لما يجري على فراش الحب  بين عاشقين هزهما البعد والنوى والتي غالبا ماتقترن بوقائع الزواج المقدس أو الممارسات الحقيقية التي تجري عند تتويج الملك .ولكن لايذهب بنا الخيال بعيدا ففي أور كانت موضوعة الزواج تخضع لقوانين وشرائع صارمة توثقها الرقم الطينية التي تحفل بها الحضارة السومرية. كون إن الزواج ركنا أساسيا في ديمومة وتعاقب المجتمعات وإدامة تجدد العنصر البشري ،سيما إذا  اقررنا من إن الجنس كان 
يمثل ركنا دينيا وعنصرا أساسيا في صلة الفرد بالا لهه.ورغم أن المؤرخ اليوناني هيرودوتس قد سجل صورة مناقضه لذلك بإطراء وتعظيم لممارسات البغايا والمومسات، معتقدا إن تقديم أجسادهن مقابل أجرا(رمزيا) كان يسلم كهبة ونذور لمقام الالهه هو نوع من البغاء المقدس الذي ينعدم فيه انتفاء اللذة والاستمتاع لهدف فردي ولنوايا رخيصة معللا تزاحمهن في فناء المعابد على الدوام ، طلبا( للتبرك والمثوبة) جراء ما يقدمن من( مهام جسيمه وجليلة) ..وتزخر الرقم السومرية برمز( انانا * عشتار) إذ ظلت على الدوام رمزا للبغي ألمقدسه ولها الكأس المعلى في المجون مع حبيبها ( دموزي* تموز) لأنها ووفق المعتقدات السائدة آنذاك مصدرا للإشعاع ومنهل ثر لقوى الخصب والتكاثر يخامرها  الفسق والاباحيه والشبقيه والمجون لتوريث وتفريغ هذه الهبة السماوية . ففي قصيده ( من الأدب المكشوف ) نختطف القليل منها تقول عشتار :
إنا العاهرة الحنون
إنا من يدفع رجلا إلى أمراه ويدفع امرأة إلى رجلا متهيب . ****
ثم تستمر ألقصيده لتصور سيدة السماء وكيف إن عشتار قد امسك بمعصمها وهي تترنم بأغنية جميله وترقص في  جولتها بين نجوم السماء وكم حاولت إن تتملص من ايمائته وحركاته ألمثيره معللة بأنها قد تأخرت!!! ولا تستطيع أن تجد سببا يشفع لها عند أمها. إلا إن حبيبها يجد لها عذرا (كما هو الحال اليوم)!!! بأنها كانت عند صديقتها . لتنتهي هذه الحكاية الجميلة بان يذهب تموز ويخطب عشتار ويكلل هذا الحب بالزواج . ويتفق الكثير من التاريخيون ، إن لوحا سومريا سجل أقدم قصيدة غزل في سفر  الحضارة البشرية في تخوم أور تقول :
(حبيبتي الباسقة
أيتها المرأة المنقوش اسمها على فؤوس المحاربين
عندما أحببتك أيقنت إن النور
سيكتب على بيتي عبارات التمجيد
وسيكتب اسمي على أذيال الشمس
فماذا افعل يا حبيبتي كي أكون  جديرا بك)
(هل انشر أليلك الأبيض على أبواب المدينة وأسوارها
أعاهد نفسي
إن أكون جديرا بك
وان لا احزنك يوما)
***
ستبقى ربوع بلاد الرافدين روضا لكل طائر غريد وصوتا لكل لحنا شجي ومساحات خضراء مفعمة بالحب والأمل والغزل ،،  مهما حاول الظلاميون إطفاء شمعة الإرث السومري  الجميل . 
      

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حسين باجي الغزي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/02/20



كتابة تعليق لموضوع : القصيدة السومرية.قيم انسانية وخلود أبدي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net