موفق الربيعي: حاورنا شخصيات سُنّية مؤثرة وليست
بغداد / وائل نعمة 
 
رأى موفق الربيعي، المستشار الأسبق للأمن الوطني، ان الحكومة العراقية فرطت بانجازات 2009، منتقداً اهمال قادة الصحوات والشخصيات الذين ساهموا في صنع الأمن، بعد إصدار أوامر اعتقال بحق الكثير منهم. كاشفاً عن تراجع العنف خلال بضعة شهور بنسبة 90% بين عامي 2008-2009 عازياً ذلك الى المصالحة الوطنية وإقناع "المجتمع السُنّي " بعزل القاعدة ومقاتلته لخلاياها في المحافظات الغربية.
والربيعي احد اعضاء مجلس الحكم الذي تشكل بعد الاحتلال الاميركي عام 2003، وشغل منصب مستشار الامن الوطني من 2004 الى 2009 وتركه اثر خلافات حادة مع رئيس الوزراء نوري المالكي آنذاك.
وذكر المستشار الاسبق للامن الوطني، في مقابلة اجرتها معه "المدى"، للحديث عن ما يعرف بـ "الأمن النسبي" الذي تحقق في البلاد في عام 2009، ان "الحكومة والقوات الامنية سيطرت على الامن بعدة عوامل يومذاك"، مضيفا "لايمكن القول بان المتسبب في خلق جو امني هادئ نسبيا، هو التحشيد العسكري فقط".
واوضح ان "الحكومة و القوات الأمنية في تلك الاعوام اعتمدت اسلوباً جديداً، فوجدت ان المشكلة الامنية كانت لها جذور سياسية- طائفية وان الطريق الافضل للسيطرة على العنف كان من خلال المصالحة الجادة".
واشار المستشار الاسبق للأمن الوطني الى ان "حزب البعث كان ملتحماً مع القاعدة في الاعوام التي سبقت مرحلة الهدوء الأمني وكانا يتلقيان الدعم من شريحة في المجتمع السُنّي وحين لفظهما المجتمع في مناطق غرب وشمال العراق انعزلت القاعدة ولم تعد تملك السلاح والامتدادات اللوجستية كما خسرت رجالها".
ويضيف الربيعي ان "القاعدة بدأت لاتلبّي مطامح المجتمع السُنّي ووجد الأهالي ووجهاء تلك المناطق ان الطريق الاخر وهو الانتخابات والمشاركة في العملية السياسية اقل كلفة وانه يلبي ما يطمحون له"، ويتابع "كما ان الحكومة العراقية وصلت الى قناعة في تلك المرحلة الى ان الحل الأمني العسكري لوحده غير كافٍ لينهي التمرد والارهاب، لاسيما وان المشكلة طائفية-سياسية"، مشيرا الى ان "الحكومة استمعت الى آراء قادة عسكريين اكدوا ان دورهم لوحده لن يؤدي الى تحقيق الامن، وانما يحتاجون الى دعم سياسي واقتصادي".
ويؤكد المستشار الأسبق للأمن الوطني بالقول "يخطئ من يعتقد انه يستطيع الخلاص من الارهابيين والمسلحين بشكل كامل عبر الاجراءات الامنية واستخدام التحشيد العسكري"، معتبرا ان "ما حدث بين عامي 2008-2009 كان نتيجة اقناع 120 الف شخص في المناطق الغربية والشمالية للانضمام الى الصحوات، وتشكيلات ابناء العراق لذا فان العنف تراجع خلال اشهر بنسبة 90%".
ويصف الربيعي ولادة الصحوات بانه "انقلاب داخل المجتمع السُنّي على القاعدة، وانه يمثل درساً كبيراً يجب التعلم منه في كل الاوقات"، ورأى ان "الحل تمثل آنذاك بالتفاوض مع شخصيات حقيقية، وليست كارتونية، تمثل المجتمع السُنّي ومؤثرة فيه بشكل كبير، وخلق فرص عمل للشباب ودخول قيادات سُنّية في العملية السياسية بشكل فعال وليس صورياً".
ويؤكد ان "ما شهدته المناطق السُنّية كانت بطولات حقيقية حين تحولت من عدم تأييد القاعدة كمرحلة اولى الى مقاتلتها، اذ ان قادة السُنّة ابدوا حرصا على العملية السياسية وديمومتها اكثر من اي وقت سابق"، وذكر ان "تلك الحلول يمكن اتباعها اليوم مع المتظاهرين والمعتصمين في المناطق الغربية والشمالية، من خلال عقد صفقة مع شخصيات حقيقية مؤثرة"، مطالبا الحكومة بـ"شجاعة التنازل من خلال التفاوض مع المعتصمين ومراجعة المادة 4 ارهاب والمخبر السري وقانون المساءلة والعدالة، بالاضافة الى ضرورة اشراك قيادات السُنّة في العملية السياسية بشكل حقيقي".
ويستذكر الربيعي ما حدث بين عامي 2008 و2009 بالقول "كانت في تلك الاعوام جبهة التوافق تمثل المجتمع السُنّي، واستطعنا الحوار معها واشراكها في الحكم وفي الدولة وحرصوا على العملية سياسية وعلى استقرارها"، معتبرا ان "اهم خطوة تم تحقيقها في تلك المرحلة هو ان يقوم المجتمع السُنّي بالحديث ضد القاعدة ويفكر بالاندماج في العملية السياسية وان يرفض مد العون لأية جماعة مسلحة".
من جانب اخر يتحدث المستشار الأسبق للأمن الوطني عن اسباب انهيار الأمن المتحقق في 2009، بالقول "استطعنا في تلك الفترة ان نصنع سوراً اجتماعياً عالياً ومنيعاً بين القاعدة ومصادر الدعم الشعبي والمالي والسياسي والاعلامي من خلال إقناع المجتمع السُنّي بالانضمام الى العملية السياسية ومحاربة الارهاب". لكن الربيعي يستدرك بالقول "منذ 2009 حتى اليوم بدأ هذا الجدار يتحطم بشكل تدريجي، بسبب إهمال الحكومة للصحوات، متخيلة ان العنف اصبح من الماضي، كما صدر عدد من أوامر الاعتقال ضد المساهمين في صنع انجازات 2009".
ويتحدث الربيعي عن الدور الامريكي في مد جسور التفاوض مع قادة المجتمع السُنّي، بالقول "الجانب الاميركي كان جهة تضغط على جميع الأطراف في حالة الوصول الى طرق مسدودة، اذ لعبت الولايات المتحدة دور الوسيط المستقل الذي كان يدفع الاكراد والسُنّة والشيعة الى الحوار والتفاهم".
وينصح الربيعي الحكومة "بقطع الاوكسجين عن الارهاب حتى يتم يتخلص منه، من خلال تجفيف الموارد المالية والاعلامية والسياسية وحتى الدعم الشعبي"، معتبراً ان "قطع الاوكسجين عن الجماعات المسلحة يتم عن طريق اجراء مصالحة وطنية حقيقية والسيطرة على مظاهر الفساد المالي المستشري والداعم لارهاب".
ويشدد الربيعي على "ضرورة دعم جميع القوات الامنية، من قبل الحكومة والنواب والشعب لانه سيعطي دفعاً نفسياً ومعنوياً للقوات الامنية، على عكس اذا ما وجدت ان الجميع يحاربها وانها بدون حماية سياسية او شعبية"، ويردف بالقول "هذا لايعني ان نسكت على انتهاكات حقوق الانسان او اختراق المليشيات والأحزاب للمنظومة الأمنية".
ويرى المستشار الاسبق للامن الوطني ان "جذر الارهاب اقليمي وعلى الحكومة كسب الدعم الاقليمي من خلال استخدام سياسة العصا والجزرة وتبادل المعلومات الامنية واستخدام بعض اوراق الضغط للسيطرة على العنف ودعم المسلحين القادم من خارج الحدود"، ورأى ان "استعداء دول الاقليم بدون التعاون في المجال الامني والاستخبارات لن يحقق أمناً اقليمياً".
وبشأن متطلبات مكافحة العنف المتصاعد في البلاد، يقول الربيعي ان "مكافحة الارهاب تحتاج الى عمل امني – استخباراتي وليس فقط الاكتفاء بنصب السيطرات في الشوارع او حتى استخدام طائرات اف-16"، مشيرا الى ان "العراق يمتلك اربعة اجهزة استخباراتية هي المخابرات، واستخبارات الجيش، واستخبارات الداخلية، واستخبارات مكافحة الارهاب، وهذه اجهزة لايمكن ان تعمل بفعالية الا في حالة التنسيق العالي بينها والتعامل الدقيق بالمعلومة الأمنية والاستخباراتية".
ويقترح المستشار الأمني السابق حلولاً ممكنة واخرى "صعبة الحصول" للعودة الى امن 2009، بالقول "يجب مراجعة أوامر القاء القبض الصادرة بحق بعض الشخصيات المهمة التي ساهمت في تراجع العنف" لافتاً الى ان "الحكومة تغاضت عن شخصيات لامعة كانت لها يد في العنف ودعم المسلحين اذ من الضروري ان تتصالح مع اعدائك وليس مع حلفائك"، مشيرا الى ان "من العوامل التي اثرت على تراجع الامن هو غياب الوسيط الامريكي وتأزم الوضع الاقليمي وعدم انسجام الحكومة". وعلى صعيد ذي صلة لا ينفي موفق الربيعي الدور الذي لعبه القادة العسكريون العراقيون في تلك المرحلة في تثبيت الأمن، مؤكداً "خسارة البلاد والمؤسسة الأمنية لعدد من الشخصيات الكفوءة"، لكنه يعتبر "عودة بعض الضباط السابقين الى الخدمة لن يعيد الأمن الذي تدهور كثيرا بعد عام 2009"، مشددا على "اهمية الاستفادة من الخبرات واستشارات الضباط السابقين بالتزامن مع إعادة النظر بالخطط والستراتيجية الأمنية".
وكانت اوساط سياسية تداولت نقلا عن مصادر رفيعة في مكتب القائد العام للقوات المسلحة، أن القائد العام أقر "ستراتيجية جديدة" لإدارة ملف الأمن في البلاد، وأن الخطة الجديدة تعتمد الهجوم ومباغتة عناصر تنظيم القاعدة، فضلا عن إحداث تغييرات في القيادة العسكرية العليا وإعادة ضباط كبار إلى الخدمة من القادة الذين تم عزلهم في السنوات الماضية.
الى ذلك عد المستشار الاسبق للأمن الوطني الاعتقالات التي تجري منذ ايام في حزام بغداد وبعض المحافظات الشمالية والغربية بانها "تظهر الحكومة بمظهر قوة وتظهر بان القوات الأمنية لاتتلقى الضربات فقط بل تبادر الى الهجوم على المجاميع الارهابية"، لكنه يحذر في الوقت نفسه من خطورة "الاعتقال على اساس الظن والشبهة لأنها ستخلق أعداء جددا بعد زجهم في المعتقلات مع ارهابيين حقيقيين".

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/08/18



كتابة تعليق لموضوع : موفق الربيعي: حاورنا شخصيات سُنّية مؤثرة وليست
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net