صفحة الكاتب : خليل إبراهيم عبد الرحيم

ماضي ومستقبل العلاقات الإيرانية الأمريكية ... 1
خليل إبراهيم عبد الرحيم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

القسم الأول
في تطور ملفت في صفحات ملف العلاقات الإيرانية الأمريكية دعا 29 من المسئولين السابقين في الإدارة الأمريكية الرئيس باراك اوباما لتعديل سياسة واشنطن بالتعامل مع حكومة الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني.
و اكد هؤلاء في رسالتهم المفتوحة لاوباما ضرورة اختبار مدى جدية و قدرة روحاني على تحسين العلاقات بين البلدين و حل ازمة الملف النووي الإيراني.
و في تطور مماثل وقع أكثر من 130 من نواب الكونغرس الأمريكي( من الجمهوريين والديمقراطيين) على رسالة طالبوا فيها اوباما بدعم نهج الاعتدال والإصلاح في ايران والتمهيد لاجراء مفاوضات معم حكومة الشيخ روحاني.
و كان عدد من السياسيين والعسكريين في الإدارة الأمريكية قد دعوا الرئيس اوباما ايضاً بعدم إضاعة ما وصفوه الفرصة الذهبية التي سنحت لواشنطن وطهران بالحوار المباشر وكسر القيود الحالية وإذابة التوتر في العلاقات بين الطرفين ، هذا في وقت كان فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو الحليف الأساسي لأمريكا قد حذر ادارة اوباما من تطبيع العلاقات مع الحكومة الإيرانية واصفاً الرئيس الجديد حسن روحاني بالذئب الذي يختبأ وراء جلد حمل!.
و كانت إدارة اوباما ايضاً قد شددت قبل أسبوعين من ضغوطها التجارية والاقتصادية على إيران من خلال منع ذهاب وإياب أي من السفن الى الموانئ الإيرانية في خطة لحرمان طهران من بيع نفطها او تصدير و استيراد السلع والمستلزمات.
هذا القرار قد أصدرته أمريكا قبل أكثر من 6 اشهر ويقول مراقبون لا دخل له بسياسة أمريكا وتعاملها مع حكومة روحاني بل انه قرار كان قد صدر ضد حكومة احمدي نجاد لعدم التزامها بالقرارات الصادرة بشأن الحد من النشاط النووي و وقف تخصيب اليورانيوم وان القرار كان انطلق كالسهم منذ عدة اشهر من امريكا ولكنه وصل الان الى هدفه في ايران!.  
بالمقابل أعلنت لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني انها درست بجدية دعوات مسئولين أمريكيين لتحسين العلاقات بين طهران وواشنطن ، ولكن هذه اللجنة لم تصدر أي بيان او قرار بهذا الشأن لأسباب منها: ربما انها غير قادرة على اصدار مثل هذا القرار في الظروف الراهنة او ان الدعوة الأمريكية موجهة بالأساس الى حكومة روحاني و ليس لأركان النظام الإيراني الأخرى وهذا يعني بالتحديد ان واشنطن ربما تريد فتح باب الحوار فقط مع روحاني والجماعة التي ينتمي لها باعتباره صرح ولو بالإيماء والتلويح انه يريد علاقات حسنة مع الغرب لاسيما أمريكا التي وصفها بعمدة العالم او على الأقل عمدة العالم الغربي.
 
ملف العلاقات على مدى التاريخ
في عهد شاه ايران السابق كانت لطهران أفضل العلاقات وأكثرها متانة مع واشنطن وبما ان امريكا كانت في تلك الفترة تعتمد على أنظمة و حكومات لتحقيق مصالحها دون الاتكاء على نهج التدخل المباشر الذي اعتمدته واشنطن خاصة بعد احداث 11 سبتمبر 2001، فانها كانت تصف نظام الشاه بالصديق الوفي والحليف الأساسي لانه ظل يحقق مصالح الطرفين في منطقة الخليج من جهة و ربما انه ساعد ايضاً في إضعاف جبهة المقاومة العربية والإسلامية لعدة عقود لانه كان يشكل ضلع كماشة في الشرق الأوسط ضلعها الآخر كان في إسرائيل!.
الأمريكيون كانت لهم سلطة و قدرة واسعتين في ايران وحتى انهم حصلوا على قانون الحصانة الدبلوماسية والقضائية لكافة رعاياهم في ايران بموجب قانون اعترف فيه البرلمان الوطني الإيراني آنذاك.
وتعود حقبة العلاقات بين البلدين الى عام 1883 حيث تبادل الطرفان المقدمات الدبلوماسية مع ظهور امريكا كقوة لايستهان بها بعد الدول الاستعمارية الكبرى آنذاك وفي عام 1944 تبادلت ايران وأمريكا السفراء وإقامة العلاقات الدبلوماسية الرسمية وفي غمرة الحرب العالمية الثانية طلب رضا شاه ايران في العام 1946 من أمريكا وبريطانيا مساعدته على طرد السوفيت الشيوعيين الذين كانوا قد احتلوا شمال إيران. وساعدت أمريكا نظام محمد رضا شاه على إسقاط حكومة محمد مصدق الوطنية عام 1953 اثر خلافات بينه وشاه إيران الذي اعتمد على امريكا دون بريطانيا وقدمت أمريكا في عام 1956 قرض بقيمة 45 مليون دولار لنظام الشاه لمساعدته في إنتاج وتصدير النفط. و في عام 1978 زار الرئيس الأمريكي جيمي كارتر ايران واكد على دعمه لنظامه ضد الثورة الفتية التي بدأت بالاتساع على يد رجال الدين وقوى يسارية الا ان كارتر فشل في نظريته التي اعتمد عليها بدعم نظام الشاه والوقوف ضد الثورة.
و ظل الإيرانيون قبل الثورة ولعقود من الزمن يعتمدون على سياسة الغرب ويرون أنفسهم جزءاً من المجتمع الغربي وحتى ان طهران تنافست مع أنقرة وتل ابيب وعواصم اخرى لنيل رضاء وثقة أمريكا وتطبيق سياستها الشرق الأوسطية.
القوات المسلحة الإيرانية أنشأت وتدربت بواسطة المستشارين الأمريكيين وحصلت هذه القوات على أسلحة هجومية متطورة جداً وحتى ان آخر صفقة وقعتها طهران مع واشنطن كانت في سياق شراء طائرات مقاتلة و أسلحة أخرى بقيمة 15 مليار دولار وتقول طهران بعد الثورة ان واشنطن رفضت إرسال هذه الأسلحة او إرجاع ثمنها.
و نظراً لأهمية لإيران بالنسبة للسياسة الأمريكية العامة في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج لاسيما الحفاظ على مصادر النفط ومواجهة النفوذ السوفيتي آنذاك فان أمريكا سعت كثيراً للحفاظ على نظام الشاه والحيلولة دون سقوطه من خلال إبداء العداء العلني للثورة الإيرانية التي اندلعت منذ عام 1978 ونجحت في بداية العام التالي ومع هذا لم تبادر طهران بعد الثورة بقطع العلاقات فورا مع واشنطن نظرا لاختيار قيادة الثورة وجوها ليبرالية موالية للغرب لكن بعض التيارات الأصولية واليسارية في ايران ظلت تنادي بقطع العلاقات مع أمريكا ومطالبتها باعتقال وإعادة الشاه لمحاكمته في ايران. 
الموج الثوري والشبابي المنفعل في ايران تخطى آنذاك حدود الأعراف الدبلوماسية من خلال مهاجمة واحتلال السفارة الأمريكية بطهران واعتقال جميع الدبلوماسيين الأمريكيين ال 66 واعتبارهم رهائن حتى تذعن واشنطن لمطالب قيادة الثورة الإيرانية. 
وحاولت واشنطن إنقاذ رعاياها من خلال عملية عسكرية فاشلة في صحراء طبس الامر الذي عقّد الأمور وتدهورت العلاقات بين البلدين اثر قيام النظام العراقي آنذاك بشن غزو شامل على ايران متهماً إياها بالتدخل في شئونه وانها تريد تصدير ثورتها الى دول عربية.
و اثر هذه التطورات بادرت أمريكا بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع ايران مما ادى ذلك الى إسقاط حكومة مهدي بازركان المعتدلة والشغفة بالغرب ولم تنته أزمة الرهائن الأمريكيين المعتقلين في ايران الا بعد مرور 444 يوماً من اعتقالهم و قد أفرج عنهم بواسطة جزائرية ومن خلال توافق سياسي عرف آنذاك باتفاق الجزائر ينص اساساً إلزام الطرفين بالاحترام المتبادل وعدم التدخل في شئون كل طرف والحفاظ على مصالح البلدين من خلال تعيين وتوكيل طرف ثالث.
هذه الاتفاقية هي الأولى من نوعها بين أمريكا وإيران بعد الثورة وهي الاتفاقية التي يعتقد الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني انها اللبنة الأولى التي يمكن من خلال بدأ الحوار الدبلوماسي لحل الأزمات المستعصية والشائكة والمزمنة التي لا يمكن حلها او تبديد إشكالاتها الا من خلال إرادة واقعية وعزم مشترك وإبداء حسن نوايا قد يفتقدها حالياً الطرفان اللذان يهتم كل واحد منهما الآخر بانه يهدد مصالح الطرف الثاني و انه لا سلام ولا مصالحه بين البلدين الى يوم الحساب او بعد سقوط أي طرف منهما!.
ويعتقد الكثير من المراقبين ان ايران دفعت ثمنا باهظا اثر احتلال السفارة الأمريكية بطهران منها اندلاع الحرب الإيرانية العراقية بعد أشهر فقط من أزمة السفارة ومن ثم تدهور علاقات إيران ليس مع امريكا فحسب بل مع معظم الدول الغربية وفقدت إيران عشرات مليار دولار من مدخراتها المالية التي دفعت كتعويضات للرهائن الأمريكيين وان جميع الأزمات التي تعقدت وتفاقمت بين ايران وامريكا سببها الأساسي احتلال السفارة الأمريكية الذي ظل يصفه المرشد الاعلى السابق روح الله الخميني انه أهم وأفضل من الثورة الإيرانية التي قام بها الشعب الإيراني ولازالت الحكومة الإيرانية تحتفل حتى الان بيوم احتلال السفارة الأمريكية وتعتبره عيدا وطنيا وعطلة رسمية.
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


خليل إبراهيم عبد الرحيم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/07/24



كتابة تعليق لموضوع : ماضي ومستقبل العلاقات الإيرانية الأمريكية ... 1
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net