حقوق الإنسان ليست اعتقادا أو مجرد فكرة بل هي أصالة مستمدة من القضية الإنسانية بشكل عام الذي نالت اهتمام المجتمعات البشرية ومحور حياتها وتكوينها ، فمنذ بدء الخليقة تعرض الإنسان إلى الكثير من المحن والصعاب ، إذ بدأ الصراع بين حقوق الإنسان وانتهاكها متمثلا بقتل قابيل أخيه هابيل واستمرار هذا الصراع إلى يومنا هذا بين قيم الخير والتسامح والسلام والعدل والإحسان والرحمة والحوار والمحبة واحترام الآخرين والعيش المشترك والتفاني من جهة أما الجهة الأخرى فتمثلت بالشر والتعصب والحقد والظلم ونفي الآخرين والعدوان والتحجر والتجاوز على كل ما وهبه الله من خير للإنسانية ، فالإنسان الذي كرمه الله على سائر مخلوقاته الذي باهل به الباري ملائكته ، كان الهدف منها إيصال الكائن البشري إلى أعلى مراحل الكمال من خلال تعامله مع إخوته في الخلق لتوفير السعادة والرفاه بين أفراد الاسرة البشرية كون الإنسان كائن اجتماعي لا يستطيع العيش بمعزل عن الآخرين من مكونات اسرته ، إذ تباينت تصرفات الأفراد تطورا أو تراجعا فيما يخص دور تعاملات الأفراد حسب التطور التأريخي باختلاف الأزمنة والأمكنة التي مرت بها وتأثرت بالأفكار السائدة في المجتمعات الذي قيست من خلالها تطور الأمم او تراجعها .
تمثل حقوق الإنسان كلمة النجاة ورسالة الإنقاذ والسلام والهداية من أجل أن يعمر الإنسان هذه الأرض ويصنع وجودها الإنساني بما يتمتع به من طاقات وما يمتلكه من أفكار وقابليات ، كرمه الله تعالى بها وفضله على كثير ممن خلق تفضيلا ، وخلاف ذلك عاشت الإنسانية منذ ظهور الطاغوت على الأرض هدرا لكرامة الإنسان والتجاوز على حقوقه من خلال الطغيان والطواغيت وجور السلاطين والحكام المستبدين الذي أوصلوا الإنسان إلى المآسي الدموية التي أسفرت عن قتل آلاف بل الملايين من إخوتهم في الخلق وهتك أعراضهم وتشريدهم والاستيلاء على ممتلكاتهم مخالفين بذلك تشريع الله من خلال الرسل والأنبياء ودعواتهم إلى الأديان السماوية السمحة حيث انبثقت هنا إرادة البشر وإرادة الخير بصورة قوية تطالب بحقوق الإنسان وكانت هذه الإرادة تعبيرا صادقا عن معانات الكائن البشري الطويلة والتجربة المريرة التي خاضتها الشعوب من خلال الحروب التي عمت المعمورة فتمثلتا بحربين كبيرتين عالميتين مأساويتين ومن أكبر مآسيها إنها جرت في العصر الحديث أي عصر التطور والتكنولوجيا وبعبارة أخرى عصر المدنية و التحضر حيث حصدت هذه الحروب كثيرا من دماء الأبرياء والأطفال والنساء والشيوخ فضلا عن الممتلكات ، ومن خلال تلك المآسي جعل العالم يفكر بجدية ماهي الفائدة من هذه المآسي والويلات التي أحاطت بالمجتمع الدولي فحصل انسجام وتوافق حول حقوق الإنسان وإيقاف انتهاكها وإيقاف الظلم والاضطهاد من خلال إصدار قوانين ومعاهدات ومواثيق لحماية حقوق الإنسان وعدم التجاوز عليها إذ أخذت الدول تتسابق قي سبيل هذا الهدف وهذه السمة التي تعيد للبشرية كرامتها ، إذ أخذت الحكومات والدول تفعيل دور حقوق الإنسان من خلال تفعيل برامج تربية وتعليم حقوق الإنسان ، إلا أنه في مجتمعنا العربي أو مجتمعات العالم الثالث تفتقر هذه المواضيع إلى الكثير من الاهتمام من قبل الحكومات ومؤسساتها التي تعاني من ثغرات كثيرة وحقيقية في تطبيق حقوق الإنسان بسبب أنظمتها الجائرة وحكوماتها المستبدة ، كون معايير حقوق الإنسان ليست مسألة نظرية أو إعلامية بل هي عملية تطبيقية على الحكومات إتباعها ودعمها بكل الوسائل المتاحة من أجل خلق مجتمع متحضر تسود فيه القيم الإنسانية السمحة ، ونحن في العراق العظيم بحاجة إلى نشر هذه المبادئ السمحة المتمثلة بالحب والتسامح ونبذ الفرقة وتقبل الآخر من أجل العيش بسلام وأمان في بلدنا الطيب وان تحقيق تلك المكاسب من خلال نبذ الطائفية والوثنية والعصبية بدوافع الحقد القومي أو المذهبي البغيضين على حساب قدسية الإنسان ، فالغرض من نشر ثقافة حقوق الانسان لأنها تحمل المبادئ السامية التي ينعكس تطبيقها إلى رقي المجتمعات والأوطان والوصول بها إلى المراحل المتقدمة من المدنية والتحضر ومن ثم تأثيرها الايجابي على رفاهية الاسرة البشرية وسعادتها من أجل العيش بسلام ومودة وتآخ وتحقيق الغرض السامي من الخلق .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat