صفحة الكاتب : عماد يونس فغالي

... وهو يبتعد!
عماد يونس فغالي

 

أزعجني اتّصال والدي الهاتفيّ عصرَ ذلك السبت، يُبلغُني فيه ارتحال "رامز نحّاس"! وفي طريقي إلى لقاء الوالد، حضرني "عمّو رامز" في شريط لقاءات وعلاقات لم يتوقّف!
وحضرتني في تذكّراتي هذه، مواقف الرجل. هي مواقف رجليّة بامتياز! مواقف العارف ماذا يريد، والمدرك نقطةَ الوصول! وفي كل هذا، تهيمن صورة الصديق الوفيّ، بل صورة الإنسان المحبّ. ولا يُمكنني  تصوّر "عمّو رامز" الجمركيّ، بامتياز، صاحب القرارات الصعبة والتواصليّ القاسي، إلاّ مُحبًّا، صاحبَ القلب الكبير والعطاء الوافر. وهو متى أحبّ، فتح ذاته فالشًا عنديّاته لأجل الآخر!
أحبّ الحياة، أحبّها بملئها. وراح فيها تعمّقًا حتى انكشفت له مفاصلها زواجًا وأبوّةً وحاجاتٍ عائليّة وعلائقيّة! راح يبحث عن طبيعة الإنسان في حقيقته الإنسانيّة، فكان تعاطيه مع أخصّائه أوّلاً، ملؤه التجاوب مع واقعهم وتلبية دفائنهم اللاواعية أحيانًا. ما ملّكه مكانًا خاصًّا عندهم لا يُستغنى عنه! عائلته هي الأغلى. لها كلّ شيء. لها ذاته بكليّتها. أمامها هو الرجل، وهو الكبير. لأجلها هو رجلٌ وكبير!
يوم رحيله، كانت حلقةٌ تنكسر في جمع أحباب وربط زملاء! فهو إلى الزمالة وعلاقة العمل، نديم ارتشاف ورفيق سمَر. وفي هذا أبدع. نقطة القوّة عنده وصال الأتراب! 
من ناحية أخرى، عرفتُه يقدّر الطاقات الخاصّة عند الآخر، ويحفظ جميل من يؤدّي له خدمة. لا يهتف تملّقًا لأحد، ولا يُحابي الوجوه. فهو إذا وثق، اقترب، وإلاّ يتلافى المواجهة. يُعطي نفسه الموقعَ الذي له، يلامس الكبرياءَ دون التكبّر. حسبُه يدركُ موقفَه من هو في القدْر نفسه.
في ضعفاته وآلامه، بقيت صورة الحبيب يقابل فيها الغوالي. يواجه تكسّراته الجسديّة بنفسيّة الأبطال. يجابه المرض بإرادة عيشٍ تحطّم التفلّتات والتداعيات. ويضحك! يرمي النكات صائبًا حاله وحالته، ويُصارع! يؤاسي المتحسّرين عليه بعزيمة الأصحّاء، ويعدهم بالمستقبل وهو يبتعد!
وفي بالي أنّه لم يغِب. أقول هذا وأنا على بُعد سنةٍ قبل رحيله، وموعد لقائنا مبتور. وفي ظنّي الداخليّ أنّه سيتواصل. لأنّ رامز ركنٌ أساس في تعرُّفي والدي حيث لا يعرفه إلاّ الأصدقاء. مَن حلّوا في أولويّات حياته، وسبَروا أغوار نفسه الدفينة!
                                                                                   عماد يونس فغالي    
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عماد يونس فغالي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/07/17



كتابة تعليق لموضوع : ... وهو يبتعد!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net