صفحة الكاتب : ماجد عبد الحميد الكعبي

هدم الاضرحة وحرب الايقونات بين البروتستانتية والوهابية
ماجد عبد الحميد الكعبي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لا يخفى ان هناك مشابهة  و مشاكلة واضحتين  بين كثير من المبادئ والعقائد البروتستانتية والفكر الوهابي ، واقل ما يقال عن ذلك هو صلة محمد بن عبد الوهاب بالمستشرق البريطاني البروتستانتي (همفر) حيث الحكاية المعروفة بمذكرات الاخير.  لكن التوافق الكبير والخطير بين الاثنين يأتي من جانب اخر وهو الاتفاق العقائدي في الممارسات والأفعال التي تركز على هدم الاضرحة والمزارات الدينية والحط من شأن المقدسات الاخرى بحجة الشرك بالله. ومن يقرأ تاريخ نشأة البروتستانتية في انكلترا يستطيع ان يدرك ان لا علاقة ايمانية دينية تكمن وراء تلك الحرب على المقدسات الدينية الكاثوليكية والتي خاضها الملك هنري الثامن بنفسه سوى شهوتين واحدة سياسية تتمثل في استحواذه على الملك مطلقا وتنصيب نفسه امبراطورا (لان الاباطرة لا يعترفون بوجود من هو اعلى منهم منزلة في الارض ) واستقلاله عن روما وثانية جنسية تمثلت في زيجاته الست .
لقد قام هنري بتغييرات جذرية في الممارسات الدينية التقليدية ، وأمر رجال الدين بمكافحة مفاهيم الصور الخرافية والآثار الدينية والمعجزات والحج وأزال معظم الشموع. وفي عام 1545م أصدر هنري مراسيم باستبعاد قديسين،  ودمر المزارات الدينية - بما فيها مزار القديس توماس . 
اراد هنري الثامن طمس معالم الكاثوليكية ورموزها ليبقي لنفسه كل رموز العظمة والفخر التي تمجده بوصفه الحاكم الاوحد وظل الله  في الارض . وهكذا كانت سيرة من جاء بعده ، تمجيد الرموز الملكية والاحتفاء بها في حين تهاجم الرموز الدينية والروحية لدى عامة الناس . وتحول الملوك الى ايقونات للعبادة عوضا عن الصالحين و الاولياء ، فظهرت  القصور الفخمة ، المزركشة ، المزخرفة بالأشكال الهندسية الرائعة والصور والتماثيل الايقونية.   بعدما ازيحت كل تلك المظاهر الفنية من الكنائس و الاديرة و الاضرحة وتحولت مظاهر الهيبة والقدسية التي تعكسها تلك الاماكن  الى قصور الملوك. فغدت حيطان الكنائس غابرة خالية من اية لمسة فنية لونية او زخرفية  تدل على جانب روحي او قدسي بدعوى الشرك في حين تزينت القصور بكل اصناف الزينة و اضحت معالم هندسية غاية في الجمال والروعة في التصميم والفن. ان دور العبادة يجب ان تكون خالية وخاوية على عروشها في حين تنتعش قصور الملوك بكل ماله علاقة بالتأنق والفخامة والترف.
فأصبح قبر الولي الصالح الزاهد العابد الذي خرج من الدنيا بكفنه رمزا للشرك ولا يغني ولا يسمن من جوع في حين يشمخ قصر الملك الامر الناهي والمحيي المميت ليكون موطنا لأهواء النفوس من العامة والخاصة. ليس قصر الملك فحسب بل شملت الرعاية الالهية قصور الفقهاء ايضا ، فظهرت دعوات من مثل : ان هذا المقبور لا يفيدك ولا ينفعك ولا يضرك بل الملك والسلطان والحاكم هم  الذين ينفعونك ويفيدونك في الدنيا . والحساب – اذا كان هناك حساب – سيكون في الاخرة وان الله غفور رحيم !. لقد روّج فقهاء السلطان تلك الاحاديث بين الناس في ازمان مختلفة وخاصة في بلاطات الملوك و الامراء وقد كان اول ظهور لتلك الثقافة في زمن بني اميّة الذين حولوا الخلافة من شورى الى ملك عضوض. ونادوا : هلم يا فقهاء الملوك والسلاطين مارسوا دوركم في صناعة الاحاديث التي تمجد الطغاة وترسخ دعائم الملك باسم الدين وتعاليم الرسل.
 لا يحسب احد من اصحاب اللحى السفليّة ان دعوة ابن تيمية الاصلاحية هي من بنات افكاره وان محمد بن عبد الوهاب قد اهتدى اليها بنفسه ، لان تلك الدعوة (محاربة الشرك والقضاء على الوثنية وهدم القبور والاضرحة وغيرها ) ليست جديدة بل هي دعوة ظهرت في البلاط الروماني بدافع امتلاك السلطة الدينية والدنيوية  قام بها رهبان السلطان في الغرب لتحطيم الرموز الروحية الشرقية فعرفت تلك الحركة بـ ( حرب الايقونات ) . ولم يعلم اولئك الرومان ان اخرين سيستخدمون السلاح نفسه في محاربة احفادهم في حركة عرفت بالبروتستانتية.
فجاء الأعراب مدفوعين بشهوتهم الاستنساخية التي تحاكي الغرب في كل شيء ليتبنوا  تلك الافكار ويروجوا لها خدمة لمليكهم وولي نعمتهم النعمان بن المنذر!!. 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ماجد عبد الحميد الكعبي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/05/14



كتابة تعليق لموضوع : هدم الاضرحة وحرب الايقونات بين البروتستانتية والوهابية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net