صفحة الكاتب : ماجد عبد الحميد الكعبي

تصنيع .. ثقافة القطيع
ماجد عبد الحميد الكعبي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تمارس الايدولوجيا دورا كبيرا في تصنيع ثقافة القطيع وبوسائل شتى ، من ابرزها : الاعلام  ووسائله ،  والتي تمارس بدورها دورا اخطر مما تمارسه الايدولوجيا نفسها ، فتخلق - عن طريق تلك الثقافة - طبقة اخرى من القطيع  تمارس الدور المنافق وتتقمصه بوعي او دون وعي . وتنتشر تلك الثقافة بين الامم البدائية والمتقدمة على حد سواء لكن بتفاوت شديد بين الاثنين . لان الامم المتقدمة تعطي العقل دورا اكبر في الاختيار والتأمل والتدبر في حين تمارس  الغرائز دورا طاغيا على سلطة العقل في المجتمعات البدائية عندما تعيش حياة اشبه ما تكون بحياة المجتمع الطفولي الذي تجسده  رواية ( وليام غولدن ) : ( أمير الذباب ) ـ والتي  يتحول فيها  أغلب الصبية الى اشرار بدافع غريزة القطيع .

. وخير مثال  يمكن ان ينطبق على ثقافة القطيع في المجتمعات المتقدمة هو نزوعها نحو (شهوة الاستهلاك) ، حيث تشتهر هذه النزعة بين اوساط المجتمعات المتقدمة في وقتنا الحاضر ، كما يمكن ان يتخذ ( الربيع العربي) مثالا دالا على انتشار ثقافة القطيع في المجتمعات العربية. فالناس يهرولون ويهتفون ويزمجرون ويرددون العبارات نفسها ، فما يقال في طنطا تجد صداه في الحويجة . بدءا بعنوانات ايام الجمع (جمعة الرد السريع ، وجمعة الفعل القبيح ، وجمعة الولد الوكيح ، وهكذا دواليك )  وانتهاء بجملة (الشعب يريد اسقاط النظام).

 ولا شك في ان الايدولوجيا الرأسمالية  هي التي تصنع  وتروج تلك النزعات والصراعات ، غير ان المجتمع الغربي يستفيد منها فيستمتع برفاهيتها وبوسائل الراحة التي توفرها له ، فيطول عمره ويتجدد شبابه ، اما في المجتمعات الأعرابية فان تلك الثقافة تسهم في ازدياد معاناة الناس وقلة اعمارهم واستباحة دمائهم ، فهم كقطعان الخراف التي تتبع فحلها الاكبر اما نحو الجحيم ! او نحو الحور العين !. 

فهم يؤمنون بـ ( حشر مع الناس عيد) و(وما أنا إلاّ من غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشد)

لانهم "همج رعاع ، أتباع كلّ ناعق ، يميلون مع كلّ ريح ، لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجئوا إلى ركن وثيق" وهم شعب يستنسخ بعضه بعضا وأعظم افكارهم تعد محاكاة سيئة لأفعال الاخرين ، وأما اقوالهم فهي  اجترار لما انتجه الاسلاف من جعجعة الالفاظ وقرقعة العبارات ، هم متميزون بالنعيق والنهيق والزعيق ، ومشهورون بالتفاخر والتنابز والتباغض ، قلما يشعروا بالأمان ، وهم الذين  وصفهم القران الكريم : ( أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً).

وعلى الرغم من شهرتهم بالغناء والطرب والشعر والسوالف وكل الفنون القولية الاخرى إلا ان فضائياتهم تستوحي افكار برامجها الشهيرة  مثل ( أعراب بايدن ) و( من سيقتل المليون ) من برامج الفضائيات البريطانية والأمريكية . 

هؤلاء هم الذين وصل مدحهم الى غايته القصوى  لدى المستشرقين في نهاية القرن الثامن عشر، لان المستشرقين وجدوا ضالتهم  في تلك القطعان من تلك الازمان ، وتوقعوا ان حفيدهم ( لورنس الأعراب) سيقود القطعان زحفا لإسقاط  دولة الخلافة في دمشق ، ثم أعادوا الكرّة مرة اخرى في حقبة اخرى مع ابنهم الآخر البار ( برنار)  ليعيد لهم مجد الخلافة الأموية .. وهكذا يعيش القطعان راكضين خلف الفحل ذهابا وايابا ، مرّة من اجل هدم  دولة الخلافة وثانية من اجل اقامة الخلافة. مرّة ضد تركيا العثمانية واخرى مع تركيا الاردوغانية . 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ماجد عبد الحميد الكعبي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/04/30



كتابة تعليق لموضوع : تصنيع .. ثقافة القطيع
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : said ، في 2013/08/12 .

******






حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net