ابن تيميّة شيخ الاسلام الأعرابي
ماجد عبد الحميد الكعبي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ولد ابن تيمية في منطقة ( حرّان ) الوثنية والمعروفة قديما بمدينة ( الأعراب ) . وقد وضح مؤلف كتاب ( صابئة حران و اخوان الصفا ) : محمد عبد الحميد الحمد ، سبب تسمية المدينة بلقبها الثاني استنادا الى وصف المؤرخ البيزنطي (مارسيلنوس اميانوس: 330-400م ) لأهلها الذين ( لم يقبض اي منهم سكة محراث ، ولم يزرع شجرة على الاطلاق ، بل لم يسع اي منهم الى العيش من الحراثة ، بل كانوا يتجولون فوق سهب لانهاية لها ، لا بيت لهم ، ولا سكن ولا قانون ).
و يقول الكاتب الفرنسي ميشيل تارديو في كتابه ( صابئة القران وصابئة حرّان : ترجمة سلمان حرفوش ): ان حران لها منزلتها الاثيرة في نظر المستشرقين ، اولا : لان اسوارها كانت مقر معبد الاله البابلي(سين)- القمر – وثانيا: لان الكتاب العرب افاضوا في تناول عقائد وشعائر سكانها ، فكان لها قصب السبق وظلت على مدى الايام مدينة الصابئة.
وينقل الحمد – ايضا – رواية عن سبب تسميتهم بالصابئة مفادها : ان المأمون أجتاز مدينة حران سنة 218هـ ، فتلقاه الناس يدعون له ، وفيهم جماعة من الحرانيين وكان زيهم لبس الاقبية ، وشعورهم طويلة ، بوفرات كوفرة (قرّة جد سنان بن ثابت ) فأنكر المأمون زيهم ، وقال لهم : من انتم ؟ هل من اهل الذمة ؟ فقالوا : نحن الحرانية . فقال : أنصارى أنتم ؟ قالوا لا .. قال : فيهود انتم ؟ ..قالوا : لا. فمجوس انتم ؟ قالوا : لا ..قال لهم : أ فلكم كتاب أم نبي ؟ فجمجموا في القول . فقال لهم المأمون : فانتم اذن الزنادقة عبدة الاوثان وأصحاب الرأس ايام الرشيد والدي . وانتم حلال دماؤكم ولا ذمة لكم . فقالوا : نحن نؤدي الجزية . فقال لهم : انما نأخذ الجزية ممن خالف الاسلام من اهل الاديان ، الذين ذكرهم الله عز وجل في كتابه . فانتم لستم من هؤلاء ، فاختاروا أحد أمرين :
اما ان تنتحلوا دين الاسلام أو ان دينا من الاديان التي ذكرها الله في كتابه ، وإلا قتلتكم عن اخركم ، فاني انظرتكم الى ان ارجع من سفري هذه . ورحل المأمون يريد بلاد الروم . فماذا حدث بعد ذلك للحرانية ؟ انهم غيروا زيهم ، وحلقوا شعورهم ، وتركوا لبس الاقبية وتنصر كثير منهم ، ولبسوا الزنانير ، وأسلمت منهم طائفة ، وبقي منهم شرذمة على حالهم وجعلوا يحتالون ويضطربون حتى انتدب لهم شيخ من اهل حران فقيه . فقال لهم : قد وجدت لكم شيئا تنجون به وتسلمون من القتل.فحملوا اليه مالا عظيما من بيت مالهم الذي احدثوه منذ ايام الرشيد لهذه الغاية فعدوه للنوائب ، قال لهم الشيخ : اذا عاد المأمون وسألكم عن دينكم فقولوا له :
نحن الصابئون ، فهذا اسم دين ذكره الله في القران ، فانتحلوه فانتم تنجون به . هذه اول اشارة الى واقعة تاريخية هي انتحال الحرانية لاسم الصابئة ومن انتحل منهم الاسلام وخشي العودة ، والارتداد عن الاسلام اعلنوا الاسلام ، واتخذوا الاسماء الاسلامية غطاء ، وهذه هي التقية عند الحرانية .
ويشير الحمد – اعتمادا على صاحب كتاب الجزيرة الحراني الذي اسلم وحسن اسلامه – الى خطورة سلوك الصابئة الحرانية الذين يظهرون الاسلام تقية ، و الذين ظلت نساؤهم على دين ابائهن ، وكانت الديانة الحرانية تؤخذ عن طريق الام .
وبعد هذه الاشارات والتلميحات التاريخية المهمة نطرح بعض التساؤلات حول علاقة ( تقي الدين (يظهرون الاسلام تقية ) وابن تيميّة (ظلت نساؤهم على دين ابائهن) بثقافة مدينته الحرانية.
- لماذا يميل ابن تيمية الى بني امية عامة والدفاع عن الأعرابية ميسون وابنها يزيد ؟. ( مع مراعاة ان ابن تيمية و ميسون ينحدران من منطقة الجزيرة السورية الأعرابية).
- لماذا اعتنق ابن تيمية مذهب ابن حنبل الذي سجنه المأمون العباسي المعتزلي والذي اجبر – في الوقت نفسه - اهل حران على تغيير معتقدهم ؟
- ما سبب انتقال مجلس التعليم في عهد المتوكل ( 232-247هـ والذي يلقب بمحيي السنّة ) من (انطاكية المسيحية) الى ( حرّان الوثنية).
- ما علاقة فكر ابن تيمية التجسيمي بالأفكار التي كانت منتشرة في حران مثل ( الادراك للذات الشخصية هو الرؤية المباشرة لله تعالى ).
- لماذا يصرح ابن تيمية انه من الخطأ التماس شفاعة النبي (ص) او زيارة ضريحة ؟
أما السؤال الاعظم والذي يحتاج الى بحث وتدبر فهو : لماذا يعاد انتاج فكر ابن تيمية في نهاية القرن الثامن عشر في جزيرة الأعراب من جديد ؟ تحت مسمى ( الوهابية) والذين قطعوا سبيل قوافل الحج وخربوا القباب و الاضرحة المزخرفة لأكثر الاولياء قدسية ( دون ان يستثنوا ضريح النبي (ص) نفسه وحطموا الحجر الاسود في الكعبة ( كما يقول نيكلسون).
و اخيرا :
- ما علاقة الفكرة الوهابية التي تقول : ان هيكل الرسول ( ص) الفاني ابعد ما يكون عن الصعود الى السماء ، اذا استقر في ضريح المدينة بفكرة الحرانيين عن أتباع الجيوش السماوية أي ( القوى او الملائكة ) ؟.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
ماجد عبد الحميد الكعبي

ولد ابن تيمية في منطقة ( حرّان ) الوثنية والمعروفة قديما بمدينة ( الأعراب ) . وقد وضح مؤلف كتاب ( صابئة حران و اخوان الصفا ) : محمد عبد الحميد الحمد ، سبب تسمية المدينة بلقبها الثاني استنادا الى وصف المؤرخ البيزنطي (مارسيلنوس اميانوس: 330-400م ) لأهلها الذين ( لم يقبض اي منهم سكة محراث ، ولم يزرع شجرة على الاطلاق ، بل لم يسع اي منهم الى العيش من الحراثة ، بل كانوا يتجولون فوق سهب لانهاية لها ، لا بيت لهم ، ولا سكن ولا قانون ).
و يقول الكاتب الفرنسي ميشيل تارديو في كتابه ( صابئة القران وصابئة حرّان : ترجمة سلمان حرفوش ): ان حران لها منزلتها الاثيرة في نظر المستشرقين ، اولا : لان اسوارها كانت مقر معبد الاله البابلي(سين)- القمر – وثانيا: لان الكتاب العرب افاضوا في تناول عقائد وشعائر سكانها ، فكان لها قصب السبق وظلت على مدى الايام مدينة الصابئة.
وينقل الحمد – ايضا – رواية عن سبب تسميتهم بالصابئة مفادها : ان المأمون أجتاز مدينة حران سنة 218هـ ، فتلقاه الناس يدعون له ، وفيهم جماعة من الحرانيين وكان زيهم لبس الاقبية ، وشعورهم طويلة ، بوفرات كوفرة (قرّة جد سنان بن ثابت ) فأنكر المأمون زيهم ، وقال لهم : من انتم ؟ هل من اهل الذمة ؟ فقالوا : نحن الحرانية . فقال : أنصارى أنتم ؟ قالوا لا .. قال : فيهود انتم ؟ ..قالوا : لا. فمجوس انتم ؟ قالوا : لا ..قال لهم : أ فلكم كتاب أم نبي ؟ فجمجموا في القول . فقال لهم المأمون : فانتم اذن الزنادقة عبدة الاوثان وأصحاب الرأس ايام الرشيد والدي . وانتم حلال دماؤكم ولا ذمة لكم . فقالوا : نحن نؤدي الجزية . فقال لهم : انما نأخذ الجزية ممن خالف الاسلام من اهل الاديان ، الذين ذكرهم الله عز وجل في كتابه . فانتم لستم من هؤلاء ، فاختاروا أحد أمرين :
اما ان تنتحلوا دين الاسلام أو ان دينا من الاديان التي ذكرها الله في كتابه ، وإلا قتلتكم عن اخركم ، فاني انظرتكم الى ان ارجع من سفري هذه . ورحل المأمون يريد بلاد الروم . فماذا حدث بعد ذلك للحرانية ؟ انهم غيروا زيهم ، وحلقوا شعورهم ، وتركوا لبس الاقبية وتنصر كثير منهم ، ولبسوا الزنانير ، وأسلمت منهم طائفة ، وبقي منهم شرذمة على حالهم وجعلوا يحتالون ويضطربون حتى انتدب لهم شيخ من اهل حران فقيه . فقال لهم : قد وجدت لكم شيئا تنجون به وتسلمون من القتل.فحملوا اليه مالا عظيما من بيت مالهم الذي احدثوه منذ ايام الرشيد لهذه الغاية فعدوه للنوائب ، قال لهم الشيخ : اذا عاد المأمون وسألكم عن دينكم فقولوا له :
نحن الصابئون ، فهذا اسم دين ذكره الله في القران ، فانتحلوه فانتم تنجون به . هذه اول اشارة الى واقعة تاريخية هي انتحال الحرانية لاسم الصابئة ومن انتحل منهم الاسلام وخشي العودة ، والارتداد عن الاسلام اعلنوا الاسلام ، واتخذوا الاسماء الاسلامية غطاء ، وهذه هي التقية عند الحرانية .
ويشير الحمد – اعتمادا على صاحب كتاب الجزيرة الحراني الذي اسلم وحسن اسلامه – الى خطورة سلوك الصابئة الحرانية الذين يظهرون الاسلام تقية ، و الذين ظلت نساؤهم على دين ابائهن ، وكانت الديانة الحرانية تؤخذ عن طريق الام .
وبعد هذه الاشارات والتلميحات التاريخية المهمة نطرح بعض التساؤلات حول علاقة ( تقي الدين (يظهرون الاسلام تقية ) وابن تيميّة (ظلت نساؤهم على دين ابائهن) بثقافة مدينته الحرانية.
- لماذا يميل ابن تيمية الى بني امية عامة والدفاع عن الأعرابية ميسون وابنها يزيد ؟. ( مع مراعاة ان ابن تيمية و ميسون ينحدران من منطقة الجزيرة السورية الأعرابية).
- لماذا اعتنق ابن تيمية مذهب ابن حنبل الذي سجنه المأمون العباسي المعتزلي والذي اجبر – في الوقت نفسه - اهل حران على تغيير معتقدهم ؟
- ما سبب انتقال مجلس التعليم في عهد المتوكل ( 232-247هـ والذي يلقب بمحيي السنّة ) من (انطاكية المسيحية) الى ( حرّان الوثنية).
- ما علاقة فكر ابن تيمية التجسيمي بالأفكار التي كانت منتشرة في حران مثل ( الادراك للذات الشخصية هو الرؤية المباشرة لله تعالى ).
- لماذا يصرح ابن تيمية انه من الخطأ التماس شفاعة النبي (ص) او زيارة ضريحة ؟
أما السؤال الاعظم والذي يحتاج الى بحث وتدبر فهو : لماذا يعاد انتاج فكر ابن تيمية في نهاية القرن الثامن عشر في جزيرة الأعراب من جديد ؟ تحت مسمى ( الوهابية) والذين قطعوا سبيل قوافل الحج وخربوا القباب و الاضرحة المزخرفة لأكثر الاولياء قدسية ( دون ان يستثنوا ضريح النبي (ص) نفسه وحطموا الحجر الاسود في الكعبة ( كما يقول نيكلسون).
و اخيرا :
- ما علاقة الفكرة الوهابية التي تقول : ان هيكل الرسول ( ص) الفاني ابعد ما يكون عن الصعود الى السماء ، اذا استقر في ضريح المدينة بفكرة الحرانيين عن أتباع الجيوش السماوية أي ( القوى او الملائكة ) ؟.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat