الليل يرفل حولي تَصوّفا...والظلمة تزجّ بي في رحى الأفلاك الفارغة، وحنين قاتم يتغشاني..يَستدرجني الى مسارح الفقد وبيوت الخواء ،والاتجاهات تنكرني ،تعبث بخرائطي فأتعثّر..
فآهٍ يا ليل ما أشقاني بك..!
كل شيء في مدّك مذبوح الأضواء،موؤود الوداد،مسلوب الوئام...
ووحدي من قبّة اللااتزان أقاوم،وفي بحّتي من هدير النوح علامة...
فهل تجرد الوجود إلاّ من ظلامه؟
أم هل نسي الكون انتظامه؟ أم تلبّسته من ذنوب الآدميين قتامه؟
يا ربِّ...!
انّي رأيت الليل ساجٍ يلملم مفاتيح الوسن من عيون الكون..والنجوم قد تبعثرت،والكواكب قد انتثرت..
والصبح تسلل حزينا وبلا اتقّاد ، من بين ظهرانيه قد اصفرّ الوداد ..والشمس لم يبق من خصالها سوى لون السعير المنسكب نارا تلظّى في أوردة النهار..وكأن الكون؛كل الكون انهيار.
فهل حزنت الشمس لأجلي؟أم انهار الكون لحزني؟
أم أنها مجرد صور قد ارتسمت في خيالي الموبوء بحمى السراب ووهم الانكسارات؟
وحدها حرائر الروح تتلو معي طقوس النجاة، تهذي بالسلام وتنادي للضياء..وسطوة النبض تنبش قبور شراييني كي تختلس الضوء من ارتعاشات فتيل العمق المهدد بالأفول...تستنهض بقايا بصيرة مذابة في اليقين...تبحث لي عن مكان في الحياة الخالية ريثما ينقاد لمشيئتي وعيي،ويرتدّ إليّ هدايَ بصيرا...وريثما تشرق من بين أخيلتي الشمس.
فهل ستشرق الشمس؟
ولمن ستشرق الشمس؟
وكيف ستشرق بلا صباحات الجَوى..حيث النهار قد انهار وقار أُنوثتة تحت خيمات الظلام...وتَبعثر يقينه هباءا في فضاءات الله..فعليكِ السلام يا أرواحا ما استطاعت أن تَهدي الشمس رُكنا للشروق وقت اجتاح طوفان الظلام قبّة اليقين وتمكّن،فلا نادى عادلٌ بالشروق ولا احتجّ قاضٍ وقور على الظلام.
بي نبوءة سخطٍ تقودني نحو الجنون قد وشوشني بها الدُجى .. تقارع صَبري وتهديني لدروب التفتّق أشتاتا.
فأنّى لي يا ليل بفاعل خير يُزجي بمركبي نحو أمواج الضياء وأنهار السلام ..يخرجني من ظلماتٍ سبعٍ الى بحور النور..وهل من سامع فيدركني؟وكيف يسمعني وشَغب البوم في الأجواء يُربك الكلام..ويُضفي الى بحّتي نكهة الصَّديد؟
تحكمني في هذا الأفول قبضة جنون..ويزفرني الغيظ شهقة من سموم...فالأنفاس والأحلام وعوالم النور وطوارق الجان تشهد أن الذي أفتى بأفول الشمس عن مداراتي هو من أحببت..أن الذي بعثرني هو من لملمني قبلا..ان الذي أفتى بقتل الروح فيّ هو من أحياها قبلا... ان الذي أفتى بقتل الروح كلّي...إن الذي أفتى بقتلي كلّي..
أفبعد هذا الحديث يمكن أن يتنحى عسس الليل وعبيده عن دربي،أو تشرق الشمس من جديد في فضاءات عوالمي ؟
فيا قاتلي؛والشمس..!
يا غدي والأمس..!
عُد بصيرا ،عُد حكيما حليما وليفا قرينا معينا وقلّ لي:
لو أشرقت ؛لمن ستشرق الشمس؟
لمن ستشرق بعدنا الشمس؟
لمن ستشرق إن افترقنا الشمس؟
لمن ستشرق الشمس؟
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat