صفحة الكاتب : فوزي صادق

أسرة واحدة .. وطن واحد !
فوزي صادق

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لم يكن اعتناق أهل المنطقة الشرقية خوفاً أو وجلاً عندما وصلتهم رسالة من النبي صلى الله عليه وآله وصحبه الكرام إلي أميرهم حينذاك المنذر بن ساوى ، أمير بلاد البحرين ، وهو مسمى سابق للمنطقة الشرقية وجزيرة أوال ، حيث كان المنذر يقطن بأطراف أحدى القرى من الأحساء ويحكم مادون القرين ( الكويت ) شمالاً حتى حدود البريمي ( الإمارات ) جنوباً إلي الشاطئ  حتى جزيرة أوال ( البحرين ) ، وكان مسمى البلاد أيام فجر الإسلام بالبحرين كما عرفها المؤرخون وذكرها البخاري ، ومن ثم عرفت بالأحساء ، وقد ذكر إن بها أول مسجد أقيمت به ثاني جمعة بالإسلام ، وهو مسجد جواثاً بالأحساء ، وكذلك ذكر المؤرخون بعظمة خراج البحرين المرسل إلي بيت مال المسلمين ، إذ كان يعادل خراج نصف بيت المال .

 لقد دخلوا الإسلام بورقة تملأها بضع كلمات ، لكن هذا إذا دل فإنما يدل على ثقافتهم وعقليتهم وطيبة قلوبهم ، ورجاحة وبعد تفكيرهم ، ولم يتعنتوا ويصروا على البقاء فوق أثار عبادة أجدادهم ، وقد عاش أهل المنطقة أربعة عشر قرناً ، بحب وسلام ، مع اختلاف مذاهبهم ونحلهم وأفكارهم .

ففي الأحساء يوجد الشيعة الإمامية ، والسنة الشافعية والمالكية والحنبلية ، وغيرهم ، وهم إخوة متحابون ، ومتفاهمون ، ومتصالحون ، ومتجاورون بالسكن والعمل ، فترى جدران بيوتهم متلاصقة ، كتلاصق قلوبهم ، وسعف نخيلهم متعانقة تتمايل مع رياح المحبة و الوئام التي تهب من مدنهم وقراهم .

وهذا ماهو عليه الحال بزماننا هذا ولله الحمد والمنة ، وفي عهد القيادة الحكيمة بالمملكة العربية السعودية ، تجد أهل المنطقة لم يبرحوا إيمانهم وحبهم لأخوتهم ووطنهم بالمصالحة والمفاهمة ، والعيش بذكاء اجتماعي مع إختلاف المذهب ، وهذا لا خلاف ولا غبار عليه ، وهو الإسلام الحقيقي وجوهر الإنسانية الحقة ، إذ لا عيب في أن أختلف معك مادمنا نحترم ونحب بعضنا ، ولا يقصي أحدنا الأخر ، وهذا السلوك لم نأخذه من بعيد ، بل ما ورثناه وتعلمناه من سيد الخلق ومعلم البشرية ، النبي العظيم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وصحبه الكرام ، إذ لم يكن خلاف لديه بأن يجاور يهودياً أو نصرانياً ، ويعوده في مرضه ، ويسأل عنه في حله وسفره ، فما بالك بمن يشاركك الدين والوطن والرزق والقبلة والهواء ، ويلازم كتفك بالصفا والمروة ، ويتدافع معك بالطواف ويدرس ويعمل معك !

الحمد لله على وجود تلك الأرواح الجميلة والطيبة ، فكل أهل المنطقة إخوة بالعرق والنفس ، فلم يولد أحد من كمأة ، فكلهم أبناء الضاد ، وكلهم أكلوا الأقط والتمر ، وكلهم شربوا من عيون واحدة ، وتجاوروا بالسكنى والقبور .

وإن حدثت هنا أو هناك بعض الإشكالات والمواجهات الفردية ، والشخصية ، فهي كوقـوع حصحصة فوق جبل كبير أشم ، وهو جبل الحب والتفاهم والإخوة والمصالحة ، من أجل دين واحد ووطن واحد ، فهنيئاً لهذه الأرض الطيبة أنتم ، وهنيئاً لكم هذا الوطن الجميل ، ولعن الله كل من يريد بنا سوءاً ، ولنكن جداراً منيعاً أمام كل الظروف المعاكسة ، وليحمي الله وطني بأهله الطيبين .

حتى باليت الواحد يوجد أختلاف ، وحتى أنا أختلف مع نفسي ، وحتى أنت تختلف مع زوجتك ، وهذا أمر طبيعي ، والكل يعبد الله نحو قبلة واحدة بتكبيرة واحدة ، مع وجود الإختلاف الجميل المحتوي لا المنفر ، فأنا أجمع بصلاتي ، وأنت تفصل ، وكلنا نعبد الله  الواحد القهار .

في بيتنا عبدالله ومحمد ، وكذلك في بيتك ، فيا له من اختلاف جميل .. ولنعتبر أنفسنا ومصيرنا كقلم الرصاص ، تبرينا عثراتنا وظروفنا ، لنكتب مستقبلاً بخط أجمل وتفكير أفضل ..  فلنبتسم لأرواحنا وللوطن ، ولنؤمن مستقبل أولادنا . 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فوزي صادق
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/03/03



كتابة تعليق لموضوع : أسرة واحدة .. وطن واحد !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net