صفحة الكاتب : د . سمر مطير البستنجي

(الى العراق)...سمراء يا عرب:
د . سمر مطير البستنجي

 

سمراء بفتنة الكحل او أجمل..بحلاوة التمر أو أحلى ..بطعم الشهد او اطيب ..بعبق الأصالة برائحة البطولة بأريج الخلود بطعم الأجداد أو أزكى.... تغريك بثراء الوجد ووسامة القدّ وبشاشة المحيّا وطيب المقام..ارتدت لباس قوّة كابر عن كابر..وتزيّنت بالعفّة والكبرياء جد عن جد... بأسها منذ خليقتها شديد..لم تبتديء الا واقفة وكلما مرت باعوجاج استقامت شامخة..

فكيف لا نهواكِ يا قوت القلوب..وننشدكِ شِعرا وغزلا.

فيا أيتها البابليّة السمراء :

يا بوابة الله(باب-الي) التي خلبت منذ القِدم بسحرها الالباب..يكفيكِ فخرا أن حدائقك المعلقات المترفات بالالق لا زالت لغزا فاق الاسرار وعجيبة فاقت العجائب ؛ وكيف لا .. والفرات السلسبيل كان شرابها...؟فأعيدي يا "أميتي" رفات"نصّر"ليملأ المكان المقهور بالجفاف بمعلقات الورد وجنائن الدهشة.

يا حمورابيّة التشريع والقانون:

يكفيك فخرا أن شرائعكِ الحكيمة لا زالت دستوراً لشرائعنا ..فأعيدي مجد حمورابي "فالعين بالعين والسن بالسن " قد انتهكت حرماتها مُذ أغرقت في آسن القهر البلاد..وتطاول الظالم على العباد.

يا سومريّة الحضارة ..

يكفيك فخرا بأنكِ أول من نقل البشريّة من عصور الطمس الى ضياء الحضارة..وأنكِ أول من علم البشريّة كيف تقيم مدنها وكيف تكون ديمقراطيّة الفكر ربيبة العلم ملكيّة الحكم مدنيّة الطابع..وكيف تبني ثقافتها.. والأشعار والملاحم المنقوشة بأناملك النورانيّة وحسّكِ العسجديّ وارثكِ التاريخيّ وكذا جلجامش وعشتار كلهم لكِ يا سمراء يشهد...

يا شقيقة فلسطين منذ فجر تاريخكِ،،هبينا "نصّر" من جديد ليحرر "جوديا" ويحرق معبد اليهود،،واخبري "خالد" أن يعود..فالطغاة قد عادوا تربطهم قيود الخيانة المشتركة ، فمن غيره سيفري سلاسلهم ويعيد مجد العروبة من جديد...

سمراء يا عرب...!

سمراء ومذ شُوّهت ملامحها وأحرقت جدائلها ما عادت تلك التمريّة اللون السكريّة المذاق شفاء السقيم ودواء الأليم...

هي كخنساء العرب قد تجّدد حزنها..وعاد نحيبها يقضّ مضجع السبات..وبنيّات الوجع باتت تعي اليها الطريق...ولا زالت على قيد الاحتضار تعاني ..ترثي إرثها المنهوب وحقها المسلوب ونفطها رمز عزّتها الممزوج بكرامتها والمحشوّ بارث الماجدين...تقاوم مجهدة وتبكي بعنفوان وتذوي بهدوء وشموخ..

سمراء اليوم قد دارت عليها الدوائر فالنهار فيها مفضوح الأنين..والليل فيها أوله عقيم وأوسطه سقيم وآخره كظيم..وما بين البكاء والبكاء يستبدّ في جوفها البكاء...

هي ما عادت تلك البشوشة الطليقة  التي تراقص الفرات في افتنانٍ وتغنّي لدجلة في صخب...هي لم تعد  تفقه لهما لغة ، ولا تسمع منهما لحنا ..فلا شيء غير تسابيح تندلق من فاه الفرات استنجادا بالله..وهسيس دجلة وهو يلعن الطغاة..وبكاء الزبد المنسحق على وجه الماء الملوّث بالخيانة وهو يرثي الارث والجاه.

ما عاد قوس قزح يبشّر بمواسم الخيرات..فالسماء واجمة تلونت تضاريسها بالوان الفزع الشاحبة..وهي؛كطارقة الوقت تبيت الليل في جبّ الظلام..وتُصلب في النهار على جدران التاريخ كصورة لتذكار قديم ؛ أو كتمثال بلا روح ، بلا رئتان يَعِدانه بالحياة بعد ان تجلّط الأثير في السديم المنكوب..

يا عريقة موغلة في الاصالة منذ القدم..!

ومليون نخلة تشهد ..وشوق دجلة للفرات يشهد..بأن عروقكِ يا عراق لا زالت حيّة مليئة بالخيرات عابقة بالعطاء فصيحة اللسان سليمة الوجدان بيضاء الجنان عريقة المكان ولو كره الكافرون...

يا رمز حضارتنا..!

بالله ننشدكِ..

ارتدي لباس القوّة من جديد....وتملكي شجاعة العصيان..وغادري الدمع السكيب ..واعتصمي بالله وتجلدي ولا تنتظري بغير الله عزة ، فكل من يرثيك لا يجيد غير الرثاء..وكل من يبكيك لا يفقه غير البكاء وكلهم يحترف الاحتراق ولا يجيد غير كلام مبتور المعاني محطم القوافي..وسوى عشق اليك عاقر لا يجيد..

فيا انت التي انتثرت على أرض الفضيلة نتفا...يا من صامت عن البهجة دهرا..وزُجّت في سجون القهر غدرا...وتوشّحت بالسواد قهرا...اسرجي لدربك نورا من ديجور فضيلتك ..واعيدي بانسياب دجلة والفرات الى نسغكِ مصل الحياة..وتبتلي لله كي يعتصر الغيم خيرا قادما ..

فما عهدناكِ الا تلك الصابرة القوية الشديدة الباس التي لم تبتديء الا واقفة وان مرت باعوجاج اجادت الاستقامة مجددا...

فاعتصمي بالله وتجلدي ..واستفيقي مع الفجر وغنّي أغنية البقاء..واستحمي ببكور النور مع أوائل الطلّ لتعودي فتيّة شابّة نظرة...وبعدها شدّي الرحال الى مناكب عزّتكِ..وارتوي من عصير الكرامة المسكوب في كؤوس تاريخكِ..ولا تدعيهم يصبغوا جدائل الفرات ببياض الكهولة، أو يمزجوا رذاذ دجلة بسواد الفناء..فما احوجنا لهذا النمير الطاهر كي يغسل دروبنا المحنّطة بملح الخيانات والرذيلة..وما احوجنا اليوم الى قوّتكِ..فمن سيعيننا في درب الجهاد ومسيرتنا إن انتحرتِ...ومن سيساندنا لنستعيد مجدنا التليد ان اندحرتِ..ومن سيضيء عتمة الليل الشريد ان خَبوتِ ..وكيف سنتحرر من هوان هو علينا سليط ان هجرتِ...

فاعتصمي بالله وعودي وتجلدي ولا ترتجي بغير الله عزّةً...

اعتصمي بالله وتجلدي...

ودعيني يا عراق انشدك ؛ فالروح وخالق الكون تعشقكِ:

ع..عار علينا ان تبيد ديــارنا .... والتاريـــــخ ينعانا

ر..رقصوا على أوجاعنــــا طربا ..واحتفلــوا بأشلانا

ا.. أقم يا ربّاه صُلبنا ،فالـــذل انهكنا والخذلان أشقانا

ق.. قوّي ؛فقوي اللهُ عزمنا، يا خير من يدري ببلوانا.

__

أميتي:زوجة نبوخذ نصّر والذي شاد من أجلها الحدائق المعلقة.

جوديا:اسم من اسماء القدس القديمة

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . سمر مطير البستنجي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/02/25



كتابة تعليق لموضوع : (الى العراق)...سمراء يا عرب:
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 2)


• (1) - كتب : سمر مطير البستنجي ، في 2013/03/04 .

شكرا..صفيّة الروح..
أخيّة المشاعر والوجد.

• (2) - كتب : سعاد ، في 2013/03/03 .

ياسمر لولاكِ ماوجد الحمام ماءً ليرتوي ، ياسمر الحبيبة البعيدة القريبة لولاكِ ما فجّر الله النورَ في الينابيع ، يا سمر يامنية الروح وضالة الهوى وانشودة القدر وصلاة الحب اليكِ أهفو وأشتاق




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net