سمة العصر و العراق الجديد
ماء السماء الكندي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ماء السماء الكندي

حين تهاوت اركان الاتحاد السوفيتي السابق و تداعت المنظومة الاشتراكية في نهايات الألفية الثانية للميلاد , عزز هذا الانهيار قوة عسكرتارية بالغة الضراوة , متمثلة بالإدارة الامريكية حيث منحها السلطة للهيمنة سياسيا و اقتصاديا على مقدرات شعوب الكوكب , لأن ميزان القوى اصبح أحادي القطب رغم وجود قوى عظمى في آسيا و اوربا .
هذا التغيير منح الادارة الامريكية صلاحية الخروج عن مبادئ الدستور السياسي الذي كتبه مهندس سياسات الشرق هنري كيسنجر في سبعينيات القرن الماضي حيث ان هذا الدستور ( وفقا لمنطق البنتاغون ) يصلح لأجواء الحرب الباردة و ليس للصراعات العسكرية , و هذا الخروج تمثل في الكثير من الاحداث العسكرية التي اختلقها البنتاغون في آسيا و افريقيا و امريكا اللاتينية , و من ثم , توّجها بمسرحية برج التجارة بداية الألفية الثالثة كي يوفر الغطاء الدولي الشرعية لبدايات توسع عسكرتاري جديد يمنح امريكا نفوذا اوسع في المناطق المتنازع عليها بين الشرق و الغرب فكانت البداية احتلال العراق تحت ذريعة اسلحة الدمار الشامل , ثم تلته افغانستان بحجة مكافحة الارهاب و امتد التحرك تجاه ايران تحت غطاء الملف النووي الايراني فاحتشدت شواطئ الخليج و البحر الاحمر و الابيض المتوسط الشرقية بالعشرات من حاملات الطائرات و سفن الإمداد و الزوارق الحربية , و اكتظت القواعد العسكرية الامريكية و الاوربية بمئات الطائرات مختلفة الاصناف و الآليات الحربية المتطورة و اصبحت المنطقة برمتها ساحة حرب .
هذه التطورات المتلاحقة أدت الى اسقاط النظام الدكتاتوري البائد بعد احتلال العراق تحت غطاء الشرعية الدولية و أثمرت نظاما ديمقراطيا تعدديا لم يعش العراقيون اجوائه مذ تشكلت اول حكومة عراقية في عشرينيات القرن العشرين إبان الاحتلال الانـﮝليزي البغيض , و نتيجة للفترة المظلمة التي عاشها العراقيون طيلة نصف قرن من الزمن تقريبا تحت وطأة التسلط الشمولي البغيض و سلطة الاجهزة القمعية , لم يكن بوسعهم استيعاب فكرة التعامل مع اجواء ديمقراطية و تعددية سياسية بسبب الحكم الشمولي الذي جثم على صدورهم في الفترة الماضية , و هذا التصرف لا يمكن ان ندينه من خلاله المواطن الاعتيادي المحكوم بمنظومة فكرية دينية و عشائرية و تقاليد اجتماعية مترسخة في الذهن الجمعي للمجتمع , لكن , ما يثير الاستغراب , ان السادة صناع القرار السياسي الذي امضوا حياتهم في مقارعة النظام البائد , هم , من يرفض التعامل مع التعددية الفكرية و السياسية و العقائدية , و حق الآخرين في التمتع بمناخ ديمقراطي تقدمي ينظم العلاقات الاجتماعية و السياسية وفق منظور ديمقراطي
يتيح للجميع ممارسة أدوارهم في عملية البناء السياسي – الاجتماعي – الفكري للعراق و العراقيين على حد سواء , و يمنح المواطن المضطهد طيلة عقود من الزمن المر المظلم استحقاقاته التي اقرتها التشريعات الجديدة , و يتيح له التمتع بثروات وطنه و تأمين مستقبله و مستقبل الاجيال الآتية .
ما يثير التساؤل بقوة هو إصرار صُنـّاع القرار على إثارة النعرات الطائفية في كل مناسبة , في الوقت الذي يتصدى فيه المواطن الى هذه المحاولات و يجهضها في مهدها , و الدلائل على ذلك لا تعد و لا تحصى , حيث ان ابسط مثال هو , حين تسأل المواطن إن كان يؤمن بهذه المسميات الطائفية البغيضة ؟ ستراه ينتفض بوجهك رافضا هذه التقسيمات الدخيلة , و يؤكد لك ان العراقيين عائلة واحدة لا تعرف هذه المسميات .
الآن , و نحن غارقون في خضم الصراعات السياسية بين الكتل , ما بين تشكيل تحالفات , و تفكيك كيانات , و استحداث تشكيلات جديدة و حراك محموم في دهاليز الرئاسات الثلاث , نريد ان نطرح على السياسيين هذه الأسئلة , رغم قناعتنا بعدم إجابتهم عليها , هذا فيما لو أصغوا لها في الاساس ...
- هل هناك دور للمواطن في هذه الفوضى اللا سياسية ؟
- هل ستتمخض هذه الصراعات عن نتائج تصب في صالح المواطن ؟
- هل بإمكاننا العودة الى ساحات الهدوء و الامان و الازدهار ؟
- هل ستكفـّون عن التفكير بمصالحكم الشخصية و تهتمون بأمرنا ؟
مجرد تساؤلات نكتبها على بوابة الانتخابات !!!
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat