صفحة الكاتب : مدحت قلادة

تأبين شهداء الإسكندرية
مدحت قلادة

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كالسيل انهمرت دموعي أثناء مشاهدتي  للقاء مصور مع عائلات ضحايا كنيسة القديسين بالإسكندرية، شاهدت وسمعت أنات وآهات أب مكلوم"فكرى ناشد" الذي قدمت أسرته على مذبح الحب الإلهي، شهداء لرب المجد " فقد زوجته وابنتاه "،  ودموع"عبد المسيح صليب مرجان"  المغدور في ابنه"مايكل عبد المسيح "وكلمات أخته لأخيها الراحل صلي لنا علشان نأتي لك... لأنك نلت مكانه كلنا نتمناها، وتنهدات أبيه يا ابني الفراق صعب.. وأنت واحشني، واطلب منك أن تصلى لأجلنا، ودموع أم الشهيد"بيتر سامي"سمعتها تردد قصتها كيف أنها رزقت بعدد كبير من الأولاد لم يعيش منهم إلا بيتر وأخته، كان بيتر بالنسبة لها العين التي ترى بها قلبها النابض، رأيت دموعها تنهمر وقلبها يعتصر ألمًا  وهى تحكى أن بيتر اشترى ملابس العيد.. لم يلبسها واختتمت كلماتها برسالة عتاب للقاتل ماذا استفدت؟! وأي دين يجعلك تفعل ذلك؟! لماذا حرمتني من ابني ... وكلماتها الإيمانية النبيلة جميلة ربنا يسامحك ويهديك للطريق الصحيح..
سمعتها مع انهيار دموعي واكتئاب نفسي وحزني عميق...شاهدت البرنامج عدة مرات وسط حزن وألم ودموع وفرح أيضًا، دموع للقصص المؤثرة وفرح بانضمامهم إلى زمرة الشهداء القديسين.
قارنت بين شهداء وشهداء سفكت دمائهم للاحتفاظ بإيمانهم للنهاية، وشهداء سفكوا دماء الآخرين في أعمال تفجيرية!! تعجبت من هذا اللقب  السحري الذي نسمعه  كثيرًا في الفترة الأخيرة عشرات المرات يومياً، هذا اللقب السحري ذو القدرة الجبارة القادر على تحويل الإنسان إلى وحش كاسر لص قاتل مستحل شرف وحياة وأموال الآخر،  هذا اللقب الذي جعل الغوغاء والدهماء يتسابقون لنيل سبق الفوز بالحور البكر! والجنة المزعومة!

ومن العجيب أن لقب الشهيد نسمعه يوميًا في عمليات إرهابية أصبح يطلق على المجرمين والسفاحين وسافكي الدماء من أبناء أوطانهم المتفقين لدينهم أو المخالفين لمذهبهم، ويقسمون بالله وبعرشه أن هؤلاء القتلة السفاحين وسافكي الدماء هم شهداء.. معتقدين أن الله جل جلاله يسير على هواهم ويتبع خطاهم.
شهداء هذه الأيام السوداء هم مفجري الطائرات والقطارات في لندن وبالي ومدريد، ونيويورك، وقاتلي الأطفال في بيسلان، ومفجري المعوقين ببغداد ومفجري أنفسهم في الأسواق شهداء.. وأصبحت كلمة شهيد حينما يسمعها المرء يصاب بالشك والريبة تجاه أفعال هذا الشهيد، ويتساءل كم من الأفراد اغتالهم هذا الشهيد؟! وبأي وسيلة؟! ومن قتل؟! وكم عمر الشهيد؟! وما هو جنسه ذكر أم أنثى؟! فانتشار وشيوع لقب الشهيد يرجع لجيش جرار من شيوخ التطرف... يمنحون لقب شهيد للشباب، والفتيات، بعد شحنهم أيديولوجياً بفكرهم المتطرف أو إغواءهم بالجنة المزعومة وما بها من ملذات، وأبكار، وغلمان تروي الشبق الجنسي لدى البعض وتحبب للحياة الأخرى هروباً من ظلام الجهل والتخلف الذي يعيشون فيه في الوقت الحاضر.
أصبحت كلمة شهيد عند سماعها تصيب المرء بالريبة والغثيان معًا لالتصاقها بقاتل أو لص أو سفاح لبني وطنه. أو حاكم طاغية أو سافك دم مثل"أبو مصعب الزرقاوى"السني " القاطع رؤوس البشر وهم أحياء أو الشيعي صاحب المتقاب" أو معتوه أٌستخِدم من قبل جماعات الإسلام السياسي! لذا فلقب الشهيد فقد رونقه وسموه عند سماعها من أو عن المتأسلمين.

ولكن ستظل كلمة شهيد في المسيحية محتفظة بجمالها وسموها حينما نتذكر شهداؤنا في الكشح وأبو قرقاص، وأسيوط وقنا ونجع حمادي، والإسكندرية ...." هؤلاء سفكت دمائهم ليس لكونهم قتلة أو مفجري قطارات أو طائرات أو سفاحين لبني أوطانهم بل لكونهم مسيحيين... أرادوا الاحتفاظ بإيمانهم في دولة ضاع فيها العدل واستباح التطرف دماء وشرف الآخر المخالف في الدين فشهداؤنا في الإسكندرية خير مثال لكلمة شهيد، فهم قدموا ذواتهم محرقات حية على مذبح الحب الإلهي متمسكين بإيمانهم إلى النفس الأخير.
طوباهم وطوبى لمن عمل على نشر الخير والسلام والمحبة بين بني البشر..
Medhat00_klada@hotmail.com
www.medhat-klada@com
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مدحت قلادة
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/01/18



كتابة تعليق لموضوع : تأبين شهداء الإسكندرية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net