الأقدام السوداء تدب على ارض الانبياء
ماء السماء الكندي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ماء السماء الكندي

إن سياسية الاستيطان تعتمد على قوة الدولة والركائز التي تستند عليها لوجستياً وذاتياً ولا ضير من التحالف مع من يتمتع بالقوة والنفوذ والتأريخ الاستيطاني التوسعي وسرد أرشيفه الحافل بالاستعمار النظري والتطبيقي ولإتمام عملية الاستيلاء الشاملة يتوجب وضع أدوات استخباراتية للإفصاح عن مكامن الخلل في البلد للحد من الوقوع في أخطاء معلوماتية تشحب بصيرة الهجوم .
ظهرت طرق الاحتلال بحلة جديدة وأفكار مستحدثة واستخدمت المنظور الاقتصادي بديلاً عن المكوث داخل البلد لإفضائه من سكانه ، كان الاحتلال الفرنسي لدولة الجزائر اشد احتلال وأكثر حنكة وخفية وعمد منظميه إلى وضع دالات تمخضت عنها مكوث الفرنسيين المدنيين أولا داخل الأراضي الجزائرية لتكوين خلية كبيرة من شأنها ان تحدث فقاعة مهيبة تهدد استقلالية الشعب ، لقد بخس النظام الجزائري حقوق المواطنين من السكان الأصليين وعمم القانون فقرة التخلي عن الهوية الإسلامية وبخلافه سيجرد المواطن من حق المواطنة وهذا ما ساعد على تهيأت الأجواء ومد اذرع الاحتلال الفرنسي للإحاطة بالجزائر بصورة كاملة، وقد مكث الأوربيون في الجزائر وهم محاطون بحقوق المواطنة وشأنهم شأن سكانها الأصليون من الذين انظموا إلى السلك المخابراتي المتحالف مع قوى الاحتلال وقد تجمهروا تحت يافطة ( النخبة ) .
لم يولد الاستعمار سوى حالات من الفوضى والتهجير القسري والقتل العشوائي، ما جعل الجزائر تمتاز باسم ( بلد المليون ونصف المليون شهيد) وتأتي هذه التسمية بناءاً على ما كان يحدث حين تقاتل الطرفان لان الفرنسيون يتمتعون بأسلحة و اعتدة كثيرة ووفيرة ما الحق الضرر الكبير بالشعب وخلف تلك الحصيلة ، ولم يترك الاحتلال ذلك الصقع فرها بلا بصمة تــُذكر فقد خلف هجيناً يحمل اسم ( الأقدام السوداء) وهذا نتاج المستوطنين من الأوربيون إبان الحرب الدامية .
إن التحالفات في ظل هذه الأجواء يعتبر قوة كاسرة تطحن الخصوم كما الرحى تطحن الحنطة ، وهذا منهجاً تخلف عنه العالم الحديث لكن الكويت أبت نسيانه وأصرت على تهذيبه بشكل ارفع مما كان عليه وألحقتها تركيا وسبقتهما إيران والسعودية ، لان سياسة الاستيطان لم تعد ترجح كف أي دولة وليس هناك ما يدعي لفرضه لان الدول كافة قد دخلت في تحالفات وعقدت اتفاقيات وبنت أسسا تعمل على طمر تلك الحالات لكن ..... إلا ما كان خارج قوسان تلك الشروط .. فالاستيطان السلعي لا يزال ماكثة في بيوت العراقيين ومنه المنتجات الصينية والتي أصبحت سيدة في كل منزل، والاستيطان الفكري الذي يضرب البلد بين تارة وأخرى ، والاستيطان الاقتصادي الذي أحاط بما يدره البلد من موارد وهو النفط ، إن للكويت مساوئ مع العراق أهمها معتقل البند السابع الذي لم ينال العراق فرصة الخروج منه إلا بعد أن تمتص رحيقه الأسود بالكامل وها هي تمد خراطيمها لشفط مورد البلد الوحيد بعد أن عزف العراق عن بث الروح في الجانب الزراعي كما وقد بذل جهداً مشكوراً السيد بول بريمر حين رفع التعريفة الكمركية لإغراق البلد بالسلع وتعطل الاقتصاد الذاتي المتمثل بالشركات والمصانع المحلية، ليكون البلد ساحة لتجربة مزابل البلدان من صناعات رديئة لا يستخدمها حتى سكانهم لافتقارها الجودة والكفاءة، وقد تم استغلال ثغرة انزواء العراق في خندق التخلف تكنولوجياً بسبب المقبور الذي طمر البلد وغيبه بالإكراه عن العالم طيلة أربعة عقود.
وصل الحال بتلك الشقيقة الصغيرة ( الكويت) التي لا تتجاوز مساحتها 18 ألف كيلو متر مربع وبتعداد سكان بلغ ما يقارب اربعة ملايين نسمة ، أن تهدد العراق اقتصادياً بدءاً بالمماطلة حول التفاوض مع العراق لإخراجه من طائلة البند السابع ومن ثم تضييق الخناق على اقتصاده ببناء مينا ( اللا مبارك ) وصولاً إلى التطاول على جغرافيته واحتلال آباره النفطية ، كل هذه الأفعال التي من شأنها أن تخلق حرباً دامية لم تأتي صدفة أو عفوية لان الكويت عضو في جامعة الدول العربية وعضو في الأمم المتحدة ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتلك المؤهلات من شأنها أن تعيد حرب العراق على الكويت بصورة معكوسة وهذه المرة ستحظى الكويت بدعم ملحوظ للأخذ بثأرها من شعبٍ ممزقٍ تتلاعب بمصائره حفنة من اللاتكنوقراطيين والرأسماليين ، خصوصاً بعد أن سعت الدول لإرجاع العراق إلى قافلة العروبة التي ساعدت على تدميره وخلق مسخاً همجي بأدوات عربية وأجنبية عمل على طمر شعبه وإنعاش مرتزقته.
إن تبادل الأدوار وحل محل المغيب يضج في أزقة الدولة عامة والبرلمان خاصة ، إذا كان للوزير صلاحية مطلقة للتفاوض حول أمور خارجة عن نطاق عمله فلا بأس بالانتظار عسى أن يتحرك احدهم ويلحق كتاباً رسمي يحد من تصرفات الكويت المهينة كما فعل وزير الخارجية وخلق دوامة من التساؤلات حين صرح بان مبارك لن يؤثر على اقتصاد العراق بحرياً وهذا خارج نطاق عمله وجاء بأفكار مبطنة استباحة فكرة الميناء لتعليل أسباب بنائه وملاغاة تنصُ بعدم تأثيره على العراق.. هذا هو الاستيطان وهذا هو النفوذ والأدوات المستخدمة للشروع به ، ففي السابق كان ترويض المدنية واستخدامها لإعلان الاستيطان اقل وقتاً مما تسعى الدولة المبادرة لفكرة الاحتلال بينما اليوم أصبح السلك السياسي السبيل الأنقى والأسرع لوضع أهداف تسهل عملية الاختراق.
هل ستخط أنامل صناع القرار مرسوماً رسمياً لدحض تحرك الكويت أم إن الانبار شغفت قلوب قائميها وكبلت السياسة بأصفاد الانتظار وخلقت سقفاً زمنياً قد يصل الى عدة شهور ليعطل باقي المقتضيات التي تهم مصلحة الشعب عامة ؟ .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat