صفحة الكاتب : كريم السيد

كربلاء مدرسة الثورات الإنسانية 1
كريم السيد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

القيادة الحسينية والخيار العسكري

لم يعرف تاريخ المسلمين خصوصا ولا تاريخ البشرية عموما زعيم فكرة يقود جيشة بنفسه كما فعلها رسول الله محمد ابن عبد الله (ص) و امير المؤمنين علي ابن ابي طالب وابنه الحسين (عليهما السلام) , فغالبا ما نرى الزعيم ينزوي في قصرة او صومعته موجها جيشة بكلمات الفخر والقوة والنصر بعد ان ينتظر نتائج النصر او الهزيمة ليفكر بما سيحدث بعد ذلك, ال محمد وحدهم من استعملوا الكلم والسيف وقاتلوا لاجل اعلاء كلمة الحق والانتصار للعدل والقصاص من غاشمي الإنسانية,

قد يسأل سائل عن موجبات معركة الطف والخيار العسكري الذي اتخذه الحسين بعد السجال الذي جرى قبلها مع امير ال امية يزيد ابن معاوية ,وهنا ستزدحم الاجابة على هذا التساؤل وفقا لرؤية الحسين من جهه ورؤيتنا كمحبين له, فالحسين وعلى لسانه لم يخرج اشرا ولا بطرا, ولا ظالما ولا مفسدا , انما طلب الاصلاح في امة جده محمد, فدافع تلك الحرب هو دافع اصلاحي قيمي امن به الحسين ومن معه بعد ان انحرفت الامة عن المسار الذي حدده لها محمد رسول الله (ص), ولهذا فان الحسين وكما قلنا استعمل الكلم والسيف معا وكان خيار النصح سابقا لخيار السيف الذي كان اخر الوسائل التي اراد بها ان يقنع الامة بوجوب الاصلاح, فيزيد الذي ورث حكم المسلمين عن ابية معاوية لم يكن ليمثل محمد برسالته السماوية التي كانت لاجل الانتصار على أمثاله من المترفين والفاسقين والاكثر من ذلك انه يطلب البيعة قسرا من المؤمنين, في حين اننا نرى ان يزيد لا يملك الحق بهذه الخلافة واستنادا الى الصلح المزعوم تاريخيا بين الامام الحسن (ع) ومعاوية ابن ابي سفيان, هذا الصلح الذي اشترط ان يكون الحسين خليفة المسلمين بعد معاوية وفقا للشروط التي اتفق عليها , وبهذا نرى ان الحسين حين اختار الثورة على الظالم لم يكن لينطلق الا من الشرعية التي خولها لها ذلك الاتفاق بشكل اساسي, فهو صاحب الحق والاولى بإدارة شؤون المسلمين ليس لقربة من رسول الله (ص) كما يعتقد البعض; انما لأنه كان صاحب الشرعية وفقا للاتفاق وان مسألة الخلافة بدأت وانطلاقا من معاوية تأخذ منحى الملك الموروث, وهذا يعني انتفاء صفة قيادة الامة للرجل الاولى بها علما وحكمة وتقوى ودراية بأمورها, ومثل الحسين لا يبايع مثل يزيد, لذلك قال الحسين (ع) "لا بَيعةَ لِيَزيد ، شارب الخُمور ، وقاتِل النَّفس المحرَّمة" كما وقال " أيها الأمير ، إنَّا أهل بيت النبوة ، ومعدن الرسالة ، ومختلف الملائكة ، بنا فَتح الله وبنا يختم ، ويزيد رجل شَاربُ الخُمورِ ، وقاتلُ النفس المحرَّمة ، مُعلنٌ بالفسق ، ومثلي لا يبايع مثله ، ولكن نصبح وتصبحون وننظر وتنظرون أيّنا أحَقّ بالخلافة"

على اثر ذلك كان خروج الحسين من مدينة جده النبي الى مكة مهبط الوحي والتنزيل ثم الى كربلاء التي ستشهد نهاية رحلة ذلك الثائر على الظلم وعلى هذه الدولة التي اسسها معاوية على اساس هدم منهج رسول الله الذي كان يحمل رايته الحسين نفسه, وعلى هذا فان الحسين لم يكن خياره العسكري الا نهاية ذلك السجال, ومن هنا بدأ الحسين يتخذ الخيار العسكري اخيرا من دون التفكير بواقعية المعركة ومنطقها العسكري حيث ان المبدأ يطغى على المنطق, هكذا يعلمنا الحسين, كلمات الحسين كانت المشعل الذي انار الطريق الى مضامين ثورته العظيمة, فهو بعد ان يأس من كل محاولات الحياد والنصح قال "إِنِّي لا أرَى المَوتَ إلا سَعادةً ، وَالحَياةَ مَع الظالمين إِلاَّ بَرَماً" وقال ايضا " لا وَالله ، لا أُعطِيكُم بِيَدي إعطَاءَ الذَّليل ، وَلا أفِرُّ فِرارَ العَبيد" هَيْهَات مِنَّا الذِّلَّة ، يَأبى اللهُ لَنا ذَلكَ وَرَسولُهُ والمؤمِنون" وايضا "يَا أُمَّةَ السّوء ، بِئسَمَا خَلفْتُم مُحَمَّداً فِي عِترتِه ، أما إنكم لا تقتلون رجلاً بعدي فتهابون قتله ، بل يهون عليكم ذلك عند قتلكم إياي"

ولان الطامع بحكم الناس والتسلط على رقابهم لا يملك الا ان يزيح صوت الحق وصوت الإنسانية, أرسل يزيدُ جيشا من مرتزقة حكومته الاموية قوامة اربعة الاف مقاتل بقيادة عمر ابن سعد لمقاتلة الحسين ومن معه والبالغ عددهم سبعون رجلا بعد ان جلب معه الاهلين والعيال في هذه المعركة التاريخيه, وعلى ذلك فأن الحسين لم يكن سباقا بالخيار العسكري الذي اتخذه بل انه لم يكن البادئ بالقتال لأنه صاحب مشروع الحق, ولم يكن الحسين ليفكر بمنطقية النصر المادي بتلك المعركة لان الهدف هو ان يفي لرسول الله الذي حملة امانة الدين, ولذا نراه يبكي على القوم ويدعو لهم بالرحمة لانهم لا يعلمون,

 وهل شهد التأريخ قائدا يبكي على عدوه في ارض المعركة؟

للحديث تتمة


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كريم السيد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/12/09



كتابة تعليق لموضوع : كربلاء مدرسة الثورات الإنسانية 1
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net