صفحة الكاتب : ماجد عبد الحميد الكعبي

قطعان الأعراب جريا ..خلف ( يوحنا الدمشقي) ..ومرورا بـ (لورنس) واستمرارا مع ( برنار ليفي ) ..
ماجد عبد الحميد الكعبي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 في محاضرة له تحت عنوان : ( موت النقد ) يقول تيري ايغلتن : ( من يدري ربما يعيد التاريخ نفسه). لكن التاريخ مع ثقافة الأعراب ثابت ومتأصل وليس بحاجة الى ان يعيد نفسه ، و انما هو يكشف عن نفسه اكثر مع مرور الزمن على انه خطاب متأصل ، فما كان غامضا في مرحلة ما ، يصبح اكثر وضوحا في مرحلة لاحقة ، و اذا اراد القارئ ان يعرف ما الذي جرى في الماضي فما عليه إلا ان ينظر في النسخة التاريخية الحاضرة ليدرك مدى ما تم اخفاؤه عمدا في بطون التاريخ .
فمثلا لم يذكر التاريخ معلومات وافية عن شخصية ( يوحنا الدمشقي ) الذي مارس دورا سلبيا مؤثرا في حياة الأعراب والعرب السياسية والثقافية في زمن بني اميّة ، ويختزل فعله  الخطير في بطون التاريخ تحت عبارة ( كان مستشارا لمعاوية) ، ثم تذكر عبارات اخرى مختصرة عن مشورته ليزيد  في تولية عبيد الله بن زياد على الكوفة . وعلى الرغم من ان يوحنا هو واحد من اسرة تعاقبت على تقديم الاستشارة للحكم الاموي إلا ان حضوره الحقيقي بوصفة شخصية نمطية كان مرافقا لحياة الأعراب في حقب تاريخية مختلفة ، فمثلا تقمص (لورنس العرب) في الربع الاول من القرن العشرين الدور الذي نفذه يوحنا قديما ، فقاد الأعراب ( حسب القصة التي ذكرها في سيرته) - بعدما أغراهم بالدنانير الذهب – نحو الشام ليسقط الحكم العثماني هناك.
ويعود يوحنا في وقتنا الحاضر بجلباب جديد ، لكن بفعل قديم ، ليطلق على نفسه (محرر العرب) ! ، ذلك هو برنار ليفي اليهودي الفرنسي . لقد نعت برنار بأوصاف  ومسميات كثيرة لكنه يحبذ ان يوصف بـ (لورنس العرب) فهذه الشخصية تعد مثله الاعلى في النضال ضد العبودية والرق ! ..فيا عجبا للأعراب .. الى يومنا هذا يحتفظون بذكريات جميلة عن السيد لورنس في بادية الشام و لازال وجهاؤهم الكهول يكنون له الاحترام ، لأنه قادهم الى النصر ، فعلى يديه تنعموا بالدنانير الذهبية التي زودته بها ادارة المستعمرات البريطانية ، وعلى يديه غنموا الذهب الذي خلفه الجنود الاتراك وراءهم ، فهم - الى يومنا هذا - يحتفظون بحكايات الكنوز الذهبية التي خلفها الاتراك في بادية الشام. كما تغنوا بدنانير بني اميّة التي وهبت لأجدادهم بمشورة يوحنا الدمشقي.
الأعراب .. المال والجاه لاشيء اغلى منهما عندهم ، فهما يتربعان فوق كل القيم الروحية : الدينية والإنسانية ، وهم لا ينظرون الى وجه من يمنحهم ولا يتأملون في سيرته ، لان الذهب قد اعمى ابصارهم عن كل منظر سواه ! هؤلاء و اولئك هم الذين لا يميزون بين الناقة والجمل اذا دعا داعي الغزو : حي على الجهاد ! .. هؤلاء الذين عميت بصائرهم عن كل ما قيل ويقال عن برنار ليفي ودوره المشبوه في تشويه الاسلام ، وعميت ابصارهم عن كل الصور التي التقطت له مع رموز الشر والدمار.
هؤلاء ينحدرون من ذلك الأعرابي الذي ذكره البخاري في حديثه الاتي : ( حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، قَالَ : بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ ، جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ذِي الْخُوَيْصِرَةِ التَّمِيمِيُّ ، فَقَالَ : " اعْدِلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَالَ : وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ ، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَهُ ، قَالَ : دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِ ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِ ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ ، يُنْظَرُ فِي قُذَذِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ، ثُمَّ يُنْظَرُ فِي نَصْلِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ، ثُمَّ يُنْظَرُ فِي رِصَافِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ، ثُمَّ يُنْظَرُ فِي نَضِيِّهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ، قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ ، آيَتُهُمْ رَجُلٌ إِحْدَى يَدَيْهِ ، أَوْ قَالَ ثَدْيَيْهِ ، مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ ، أَوْ قَالَ مِثْلُ الْبَضْعَةِ ، تَدَرْدَرُ ، يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ " ، قَالَ أَبُو سَعِيد : أَشْهَدُ سَمِعْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيًّا قَتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ ، جِيءَ بِالرَّجُلِ عَلَى النَّعْتِ الَّذِي نَعَتَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )  
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ماجد عبد الحميد الكعبي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/12/06



كتابة تعليق لموضوع : قطعان الأعراب جريا ..خلف ( يوحنا الدمشقي) ..ومرورا بـ (لورنس) واستمرارا مع ( برنار ليفي ) ..
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net