صفحة الكاتب : عبد الهادي البابي

النائب الشيخ محمد الهنداوي في لقاء صحفي مهم حول القضاء العراقي :
عبد الهادي البابي

·       نحن نريد قضاءً يتماشى مع التغيير الذي حصل  في العراق..!!

·       علينا أن نأتي بقضاة يحملون [علم القانون ] و[ثقافة الدين] ..!!

·       نحن نحتاج إلى الإ يمان والتقوى كعنصر أساس في تشريع القوانين..

·       أخلاقيات القاضي يجب أن ترتب على أساس أن الإنسان العراقي بعد السقوط أصبحت له كرامة ...

يعد النائب الشيخ محمد الهنداوي من السياسيين الإسلاميين القلائل الذين يتمتعون برؤية واضحة حول مختلف القضايا التي تهم الإنسان العراقي ،وهو اليوم يمارس دوره السياسي كممثل للشعب العراقي في مجلس النواب وكذلك هو رئيس أحدى لجانه المهمة جداً (لجنة الشهداء والسجناء السياسيين ) ، طلبنا من سماحته أن نجري معه لقاءً مهماً حول القضاء العراقي وما تمر به هذه المؤسسة الدستورية الحيوية من فاصلة تاريخية مهمة من تاريخ العراق الحديث ، فاستجاب لطلبنا فكان لنا معه هذا اللقاء :

أجرى اللقاء : الصحفي عبدالهادي البابي .. 

البابي : بعد التغيير عام 2003 وحلول الديمقراطية وتمتع الناس بقدر من الحرية ، برزت ظاهرة خطيرة تهدد النظام القضائي في العراق وهي التظاهرات والأحتجاجات  والأعتصامات التي يقوم بها أقارب المتهم أو عشيرته أو حزبه أو جماعته  بعد كل عملية تنفيذ أمر قضائي أو محاكمة تقوم بها الجهات المختصة وفق القانون ..مما يعرقل أجراءات القضاء وتعطيل لدورالقانون ، فما هو تحليلكم لأسباب ودوافع هذه الظاهرة ..؟

النائب الهنداوي : أن التصريحات التي تصدر من بعض المسؤولين والتي تشكك بالقضاء العراقي فإنها بلاشك ستهز القضاء من الداخل ، وتجعل من هذا القضاء مسلوب الثقة في نظر الشعب العراقي ، وعندها سيقول أبناء الشعب:  (من فمك أدينك ) ..!! فها هو المسؤول الكبير يَقر بأن القضاء مسيس ..وبهذا تخدش عدالة القضاء ..!! وإذا كان القضاء مسيساً فعلاً ، فإن كل إنسان يحتمل أن يتحول الجرم الصغير إلى كبير ، وقد يتحول الجرم الكبير إلى (لاجرم) ..! فبالتالي إذا كان القضاء هكذا فلابد من خطوات عملية لأصلاح شأن القضاء ، وإذا كان القضاء سليماً فيتعين على المسؤولين وغيرهم أن يعطوا صورة طيبة عن عدالة القضاء العراقي وسلامة موقف القضاء ..

وأن هذه الضجة التي تحصل إذا ماأدين شخص أو أتهم أو بعد كل حكم يصدره القضاء العراقي فتخرج مظاهرات أو أحتجاجات أو أعتصامات وماإلا ذلك من أجل الضغط على القضاء والتأثير على سير المحاكمة ماهي إلاّ أساليب رخيصة..فيجب علينا أنتظار قرار القاضي وأن نتعامل مع قرار القاضي  وفقاً للطرق القضائية والآليات القانونية المعمول بها ، وهناك أستئناف وهناك تمييز ، وإذا صادق التمييز على قرار القاضي في أي مكان كان ، هذا يعني بأن الأدلة التي وصلت إلى القاضي كانت صحيحة ولذلك صدقها التمييز ..

فلاداعي لهذه الأحتجاجات ولاداعي للتشكيك بالقضاء ، وأنا لاأتخدث عن القضاء العراقي وأقول هذا قضاء سليم لاتشوبه شائبة ..نعم لدينا بعض القضاة تستميلهم المادة والرشوة ، ولكن أيضاً هناك  التفتيش القضائي يتابع ذلك ، وإذا ثبت أن قاضياً أرتشى أو ظلم أحداً ، فبالأمكان رفع دعوى ضد هذا القاضي من داخل القضاء ..فلذلك يمكن معالجة بعض المشاكل الموجودة في القضاء على مستوى الأشخاص ، لكن القضاء بشكل عام هو ليس منحازاً ، وليس ظالماً ..نعم هناك أشخاص يظلمون في القضاء ، هذا صحيح ..ولكن ليس الجميع ..

البابي : ذكرت أنه إذا كان هناك خللاً في القضاء فيجب أن تكون هناك خطوات لأصلاح هذا القضاء ..فماهي - برأيكم-  هذه الخطوات الأصلاحية بأعتباركم عضواً  في أعلى سلطة تشريعية في البلاد (مجلس النواب العراقي ) ..؟

النائب الهنداوي : أول شيء أنا لاأتحدث عن القضاء كمنظومة ، بل تحدثت عن مصاديق القضاء ، وقلت بأن هناك نفوساً مريضة ، والنفوس المريضة موجودة في كل الشرائح التي تدير مؤسسات الدولة العراقية ، مثلما يكون الوزير فاسداً ، يكون القاضي فاسداً ، وكما يكون شيخ العشيرة ظالماً ، يكون القاضي ظالماً ، فشيخ العشيرة أيضاً له سواني وله قوانين عشائرية ، لكنه يجور ويظلم في بعض الأحيان ، فكذلك القاضي  يتأثر بالقرابة ويتأثر بالعشيرة ويتأثر بالمنطقة ويتأثر ببعض القضايا العاطفية وربما يتأثر بالمال ..!

فأول شيء بالأصلاح هو أن نأتي بقضاة يحملون علم القانون وثقافة الدين ، ويركز على تأصيل العدالة من خلال المفاهيم الدينية ومن خلال المفاهيم القضائية ،ليركز على العدالة بمعنى (الضمير ) وبمعنى شرف المهنة ، وليس بالمفهوم الديني من خلال  (الثواب والعقاب) وهذا الشيء بالنسبة للإنسان قد يكون الأمر لايتعلق بالدنيا أصلاً، فنحتاج إلى تقوية الروح الأيمانية والأخلاقية من خلال المفاهيم الدينية ، ولذلك أنا كنت من الداعين بقوة إلى حق الفيتو للفقهاء الشرعيين في المحكمة الأتحادية ، وقلت في أحد الأجتماعات - وأعترض علي أحد القادة الكرد -  أحفظ وأسلم للقضاء أن يكون هناك فقهاء شرعيون يساهمون في عمل المحكمة الأتحادية لأنهم أقرب إلى الله ، ولأنهم الأتقى ، ونحن نحتاج إلى الأيمان والتقوى كعنصر أساس في تشريع القوانين ، وهذا الفيتو يستخدمه الفقهاء الشرعيون إذا كانت هناك مخالفة في القوانين العراقية للدين الإسلامي ..بأعتبار أن المادة الثانية من الدستور العراقي تنص على أنه لايشرع قانون يعارض جوهر أحكام الأسلام ، فمن الذي يشخص معارضة هذا القانون لجوهر أحكام الأسلام ..؟ هل هو القاضي الذي درس في الجامعة العلوم المختصة بالقضاء فقط ..أنه لايستطيع ذلك ..!! فالقاضي اليوم لايملك المفهوم الديني ، فهو مختص في مجال علمه وعمله ، أما فقهاء الشرع فهذا هو أختصاصهم ، فلذلك أعترض هذا الأخ النائب وقال : أنا إين فقهاء وأنا إبن علماء والتقوى موجودة عند جميع الناس ..قلت : أن هذا ليس صحيحاً لأن التقوى نسبية وهناك درجات للتقوى ، فمن يملك التقوى بنسبة كبيرة ، ليس كمثل من يملك منها القليل  .. فالأول عنده التقوى متأصلة (ملكة ) ، أما الثاني فالتقوى ربما تنتابه كصحوة عابرة ..!

فالقضاء يحتاج إلى أعادة  هيكيلية ، ونقصد بها ترتيب هذه المؤسسة العظيمة ، ومع الأسف فان الضوء لم يسلط على القضاء العراقي ، واليوم الضوء مسلط فقط على مجلس النواب  وأعضاء مجلس النواب وبمقدار ما على الحكومة ، مالفرق بين القاضي وعضو مجلس النواب ..؟ مالفرق بين مجلس النواب ومجلس القضاء الأعلى ..هذا إنسان وهذا إنسان ، هذا يشرع قانوناً ، وذاك يصدر أحكاماً ، وكما نحتاج المراجعة لأي مؤسسة في البلد ، نحتاج إلى مراجعة القضاء العراقي ..

ونحن نعتقد أن القضاء العراقي قد مر بحالات تأثر إلى حد ما بالفكر الصدامي وتأثر بسياسات النظام المقبور ، وأُخضع القاضي العراقي إلى توجيهات وأملاءات ، وأصدر القاضي العراقي أحكاماً ظالمة وجائرة ،  وطبق قرارات ظالمة لمجلس قيادة الثورة المنحل ..وهناك اليوم لازال الكثير من القضاة الذين أجرموا بحق الشعب العراقي أبان الحكم الدكتاتوري البغيض  ، وقاموا بأصدا القرارات الظالمة بحق المواطنين الأبرياء..! وحتى بعد التغير كان لهم أحكاماً جائرة وظالمة ، لأن خلفيتهم خلفية صدامية .مازالوا يعملون بها في القضاء العراقي.!

البابي :  سيادة النائب الشيخ  الهنداوي : كيف ترى مستقبل القضاء في العراق ..؟

النائب الهنداوي : إذا تشكلت المحكمة الأتحادية وفق القانون الجديد فأننا نتفائل خيراً في القضاء العراقي ، وأحب أن ألخص ماقلناه : بأن القضاء العراقي يشكو من خلفية النظام البائد التي مازالت سائدة في القضاء العراقي ، نحن نريد قضاءاً يتماشى مع التغيير الموجود في العراق ، وهذا التغييرشامل ، ولانريد القاضي أن يحكم بأهواء السياسيين أو مشتهيات الكتل السياسية ..ولكن يجب أن يخرج القاضي من قوقعة الأخلاق السابقة ويتعامل بأخلاق تتناسب مع كرامة الإنسان حالياً ، فقد كان الإنسان العراقي مهاناً ، وكان القضاء يساعد على أهانة الإنسان ، واليوم نجد بعض التعسف لدى بعض القضاة بأستعمال سلطتهم على المواطن ، وحتى الآن نسمع بأن القضاة يسبون الناس ويتكلمون بكلام جارح والقاضي لايريد أن يسمع من المواطن الكلام الذي يكشف فيه عن حقه أو يطالب بحقه ، وإذا ماحاول المواطن أن يناقش القاضي يأمر بحبسه ثلاثة أيام لأنه جادل القاضي ..!! وكأنه أعترض على رسول الله (ص) ..! مع ذلك كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسامح ويعفو ، فقد دخل عليه أحدهم وأمسكه من تلابيبه وقال له : يامحمد أعدل -  وكأن القضية في مجال قضاء -  ليس المال لك ولأبيك ..! فقام الصحابة إلى هذا الرجل وأرادوا قتله ..قال (ص) : [ دعوه ..إن لصاحب الحق مقالاً ....] ..!!

 أين هذا من قضائنا وقضاتنا في العراق ..؟؟؟ ألا يوجد شيء أسمه أخلاقيات القاضي ، أخلاقيات القاضي يجب أن ترتب على أساس أن هذا الإنسان العراقي بعد السقوط أصبحت له كرامة بعد أن لم تكن له كرامة ، ولم تكن له حقوق زمن النظام البائد ، وليس من حقه أن يقول أن هذه السياسة ظالمة ، ففي ذلك الوقت كان من يقولها يأخذونه فوراً للأعدام ..أما اليوم فالناس تخرج وتتظاهر وتقول هذا بصراحة  بوجه رئيس الجمهورية وبوجه رئيس الوزراء وبوجوه المسؤوليين الكبار في الدولة ( وبعض المواطنين رمى الأوراق بوجه رئيس الوزراء ) ولم يسجن ولم يضرب ولم يفعلوا له أي شيء ..!

فنحن نريد من القضاء أن يتعاطى أكثر مع المواطن ، وأن يتفهم حقوق المواطن ، ويجب أن تكون له أخلاقيات غير القانون الذي يحكم به ، وأن يغادر العقلية القديمة من العهد البائد   ويتفاعل مع حركة التغيير التي حصلت في العراق بعد عام 2003 ..

البابي : شكراً حضرة النائب الشيخ محمد الهنداوي على هذا اللقاء ..

الهنداوي : أشكر أهتمامكم بهذا الملف وتحياتنا لكل العاملين في الإعلام العراقي .. 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الهادي البابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/10/21



كتابة تعليق لموضوع : النائب الشيخ محمد الهنداوي في لقاء صحفي مهم حول القضاء العراقي :
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net