صفحة الكاتب : علي جابر الفتلاوي

( ليبرمان ) يوعز ببدء ( الربيع ألأيراني ) !
علي جابر الفتلاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 أصطلح على حركة الشعوب العربية المطالبة بحقوقها المشروعة في الحرية والديمقراطية والعيش الكريم ،  بالربيع العربي ، وتحركت هذه الشعوب على أمل التغيير نحو ألأفضل ، والظاهر من خلال مؤشرات سير ألأحداث في هذه البلدان الثائرة ، ومؤشرات المواقف الدولية ، ومؤشرات مواقف الدول ألأقليمية المهادنة للكيان الصهيوني ، أنّ الحراك الذي بدأته الشعوب الثائرة ، وقدمت التضحيات من أجله  وتفاءلت به الشعوب المحبة للحرية والديمقراطية ، وأسمته  الربيع العربي، قد تحول هذا الربيع لصالح الجهات المتحالفة مع السعودية وقطر ، والتي تسمى بالحركات الوهابية او السلفية ، وكأنّ ألأمر مرتب دوليا وأقليميا ، لدفع الشعوب نحو الثورة ، ومن ثم جني ثمار الثورة لصالح الفئات السلفية الوهابية ، المدعومة من السعودية وقطر ، ومن المحور ألأمريكي الصهيوني في المنطقة والعالم ، لهذا فقد تحول الربيع العربي في بعض هذه البلدان الى خريف ، أو شتاء قارص ،  وأُسقطت الآمال والمنى التي أرادت الشعوب الثائرة تحقيقها من خلال الربيع العربي .
الملفت للنظر ان الحكام الذين ركبوا موجة الربيع العربي ، وسرقوا ثمرات الحراك الشعبي في بلدانهم ، هم من السلفيين أتباع الخط السعودي القطري ، وهذا الخط معروف مستوى علاقته مع أمريكا والصهيونية ، فهم من دعاة التطبيع مع أسرائيل ، والاعتراف بها دولة على حساب حقوق الشعب الفلسطيني التأريخية ، وعلى حساب أهانة ومسح المقدسات ألأسلامية والمسيحية من القدس الشريف ، ونحن شاهدنا مقدار الاندفاع السعودي القطري الامريكي ومحورهم من الدول الاخرى ، في دعم الخط السلفي الوهابي لغرض سيطرة هذا الخط على السلطة في البلدان الثائرة ، وبذلك توضحت النوايا ، التي أراد سراق الربيع العربي تحقيقها من خلال حركة الشعوب الثائرة ، أذ أستخدمت الثورات الشعبية جسرا لعبور السلفيين والوهابيين ، أنصار السعودية وقطر وتركيا المتعاونة مع الخط السعودي القطري ، لأن هذا الخط يصب في مصلحة اسرائيل وأمريكا حليفتا تركيا ، ووفق حسابات الحكومة التركية أنها ستحصل على فوائد ومصالح مادية على المدى القريب ، وعلى نفوذ تركي في البلدان التي يجري التغيير فيها على المدى البعيد .
 وفي خضم هذه ألأحداث  التي جرت في البلدان العربية المجاورة لأيران ، العدو رقم واحد لأسرائيل ، يطل علينا وزير خارجة أسرائيل وهو يبشر بربيع آخر في المنطقة ، ومعه جوقة مَنْ مروجي الربيع العربي ، لكن هذه المرة ليس في البلدان العربية ، بل في أيران ، أذ سمعنا تصريحا للوزير الصهيوني المتطرف ( ليبرمان ) وهو يتكلم بلهجة الواثق من نفسه ، ببدء ( الربيع ألأيراني ) خلال فترة زمنية قريبة ، وكأن هذا الربيع ألأيراني سيعلن عن نفسه بمجرد الطلب من ( ليبرمان ) .
المراقب والمتابع للموقف ألأمريكي ألأسرائيلي من أيران يلاحظ أمورا  عديدة منها ، أنّ اسرائيل زادت من ضغطها على أمريكا ، والمعسكر الدولي المتعاون معها ، وعلى منظمة الطاقة النووية الدولية ، من أجل الضغط على أيران  بفرض العقوبات ألأقتصادية أو غيرها من العقوبات ، لغرض أنهاء النشاط النووي ألأيراني، الذي يعتبر مصدر قلق وخوف لأسرائيل ، وأستجابة للرغبة الصهيونية هذه ، تحرك المحور ألأمريكي الصهيوني ، ومعهم منظمة ألأمم المتحدة التي أصبحت وكأنها دائرة تابعة للمحور ألأمريكي الصهيوني ، خاصة مجلس ألأمن الدولي ، لغرض اصدار قرار لصالح الموقف ألأمريكي الصهيوني ، لكن هذا الموقف جوبه بمعارضة الصين وروسيا ، الامر الذي دفع المحور ألأمريكي الصهوني لفرض عقوبات أقتصادية من طرف واحد على أيران ، ومن جهة أخرى بدأت اسرائيل بتوجيه تهديداتها بضرب أيران ، لغرض تدمير المفاعلات النووية ألأيرانية ، لكن هذه التهديدات جوبهت برد قاس ، أذ اعلنت القيادات ألأيرانية أنّ أي عدوان أسرائيلي على أيران ، معناه مسح أسرائيل من الخارطة .
 أما موقف حزب الله حليف أيران القوي في المنطقة فأنه دخل على الخط  ، أذ فاجأ اسرائيل بطائرة أيوب التجسسية التي وصلت الى عمق فلسطين ، ولم تكتشفها اسرائيل الا بعد ثلاث ساعات ، فأُسقطت في  صحراء النقب جنوب فلسطين ، وطائرة ايوب هذه التي أقلقت اسرائيل هي من صنع أيراني ، وتجميع كوادر حزب الله اللبناني ، هذا الحدث زاد من مخاوف اسرائيل ، اضافة للتهديدات ألأيرانية ، كل هذه  ألمؤشرات جعلت أسرائيل  تعيد حساباتها وتراجع نفسها بخصوص تهديداتها لأيران ، وأني أرى أنّ التهديدات ألأسرائيلية لأيران غير واقعية ، لأن أسرائيل تعرف جيدا ، انها لوهاجمت أيران فستتلقى ردا يؤلمها ،  أنما تهديداتها من أجل الضغط على أمريكا وبقية المحور المؤيد لأسرائيل لفرض المزيد من العقوبات على أيران .
بناء على هذه المؤشرات أرى أنّ أسرائيل قد تراجعت عن تهديداتها ، ولجأت الى طريق آخر للأنتقام من أيران ،ألا وهو أفتعال ما يسمى ( الربيع ألأيراني ) ألذي دعى أليه ( ليبرمان ) وزير خارجية أسرائيل ، ولو أفترضنا أنّ امريكا وأسرائيل ومحورهما ، من الدول الغربية والعربية ، قد نجحوا في تحريك أجزاء من الشارع ألأيراني ، بسبب الضغط  ألأقتصادي على أيران ، وأنخفاض قيمة العملة ألأيرانية ، السؤال المطروح ، أنه لوحصل مثل هذا الحراك الشعبي في أيران ، فهل سيحقق هذا الحراك ألأهداف التي تبغيها أمريكا وأسرائيل ومحورهما من تغيير في أيران لصالح الموقف الامريكي الصهيوني ؟
في رأيي أنّ هذا الحراك لو حصل في أيران لن يحقق لأمريكا وأسرائيل ألأهداف المبتغاة لهما ولمحورهما ، لأسباب اهمها أن  الربيع العربي  الذي تحقق في بعض البلدان العربية ، سيختلف عن ( الربيع ألأيراني ) لوحصل  ، لأنّ من هيأ لصنع  الربيع العربي ونجح في تحريك الشارع ، بدفع الشعوب نحو الثورة ، وتهيأت ألأجواء المناسبة لذلك من خلال ألأعلام الواسع ، والأموال الكبيرة التي بذلت من السعودية وقطر ، لن يستطيع هؤلاء من التأثير في الشارع ألأيراني مثل تأثيرهم في الشارع العربي ، سيما وأنّ الشعوب قد تنبهت أن  الربيع العربي شعار غُررت به الشعوب ، من قبل امريكا والصهيونية والسعودية وقطر وتركيا ، وبقية أتباع هذا المحور ، لغرض تحريكها نحو الثورة ، وفعلا صدّقت الشعوب في البداية  انها تعيش في مخاضات الثورة ، وأجواء  الربيع العربي ، أذ قدمت تضحيات وشهداء لأجل الحرية والديمقراطية والعيش الكريم الذي تنشده هذه الشعوب ،  لكن  الشعوب ألثائرة أصيبت بصدمة ، وهي تشاهد نتائج ثوراتها قد ذهبت لصالح الخط السلفي السعودي القطري ، الخط المهادن لأسرائيل ، وبذلك تنبهت الشعوب لهذه اللعبة الامريكية الصهيونية ، وعرفت أن نتائج ثوراتها قد سرقت لصالح المحور ألأمريكي الصهيوني ، لهذا السبب نقول أنّ ( الربيع ألأيراني ) الذي يدعو ( ليبرمان ) أليه ، سيختلف عن الربيع العربي ، لعدم وجود السلفية السعودية القطرية في أيران مثل ما هي موجودة في الشارع العربي .
من خلال قراءتي ، أرى أنّ ( الربيع ألايراني ) ألذي بشّر به الوزير الصهيوني المتطرف ( ليبرمان ) ، وعلق الصهاينة آمالهم عليه بعد أن أرتطموا بصخرة صمود وقوة أيران ، لن يحقق لهم ما يريدون ، لأنّ مبررات ودوافع أنطلاق ( الربيع ألأيراني ) لوحصل ، سيختلف عن مبررات ودوافع أنطلاق الربيع العربي ، أمريكا وأسرائيل تعرفان تماما هذه الحقيقة ، أضافة ألى أنّ الذين سيقومون ( بالربيع ألأيراني )، ليس بالضرورة سيتجهون بالأمور لصالح أمريكا وأسرائيل ، بل ستكون مطالبهم أقتصادية بحتة ، لأنّ الشعب ألأيراني الواعي يعرف أسباب التدهور ألاقتصادي ، وأسباب أنخفاض قيمة العملة ألأيرانية ، ولماذا يسلّط هذا الضغط على أيران ؟
الشعب ألأيراني يعرف جيدا الدوافع وراء هذه الضغوط ألأقتصادية ، يعرف أن هذه الضغوط تجري لأجل أرضاء الكيان ألصهيوني ، الخائف من أيران ومن تقدمها في المجال النووي ، رغم أمتلاك أسرائيل لهذه القوة النووية ، وهي لا تريد لأي دولة في المنطقة امتلاك القوة النووية ، حتى لو كانت للأغراض السلمية ، تريد ان تكون هي الوحيدة المالكة للقوة النووية في المنطقة ، وممنوع الاعتراض على ذلك من أي جهة كانت ، ومن يعترض على ذلك فهو عدو للسامية ، هذه هي الثقافة الصهيونية التي تتبناها امريكا ، وجميع الدول الداخلة في محورها ،  لكن لا احد يعترض على أسرائيل ، الشعوب تعرف هذه ألأزدواجية في ألمواقف الدولية ألمنحازة لصالح الصهاينة .
نشير ألى مؤشر آخر لو انتبه اليه ( ليبرمان ) لما عوّل كثيرا على ( الربيع ألأيراني) الذي يتمنى وقوعه ، وهذا المؤشر أنّ  الذين يقومون ( بالربيع ألأيراني ) لو حصل ، يختلفون عقائديا عن السلفيين أتباع السعودية وقطر ألذين ركبوا موجة ( ألربيع العربي ) وسرقوا ثمرته ، السلفية السعودية القطرية اليوم هي خادمة امريكا والصهيونية ، وهذه السلفية المتحجرة غير موجودة في ايران ، حتى يعوّل عليها لسرقة الربيع ألأيراني ، مثل ما سرقت الربيع العربي  .
بناء على هذه المعطيات نقول الى ( ليبرمان ) والى كل مَن يعوّل على ( الربيع ألأيراني) ، عليكم أنْ تغسلوا أيديكم ( بالصابون ) جيدا سبع مرات أو أكثر على راحتكم ، لأنّ هذا الربيع لو تحقق وجوده مثل ما تتمنون ، لا يخدم أهدافكم في تغيير الواقع في أيران ، لصالح أمريكا والصهيونية ومحورهما في المنطقة والعالم .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي جابر الفتلاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/10/18



كتابة تعليق لموضوع : ( ليبرمان ) يوعز ببدء ( الربيع ألأيراني ) !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net