صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

حوار مع الشاعر العراقي ....يحيى السماوي
علي حسين الخباز

معنى اللقاء الأدبي يعني اجتياز اللحظة المعاشة إلى خطوتين مهمتين؛ إحداهما تعتني بلمِّ الماضي، وتقديمه كجذر مؤسس لجميع الخطوات المهمة في حياة المحتفى به، والأخرى مستقبلية تشكل بؤرا استباقية، تعطينا محصلة التجربة النهائية، فكان السؤالُ عن البحث في القيمة الشعورية داخل قصيدة الشاعر (يحيى السماوي)، هو الأقرب لنا، عند استقباله ضيفا على صدى الروضتين، بمناسبة دخولها العام السابع.

الشاعر السماوي:ـ يصعبُ على كلّ شاعر الحديث عن تجربته الشعرية بتشخيصات نقدية تعطي محصلة انطباعات تعبر عن الملامح المكونة، والشعر مرآة، ثمة من يرى ملامحي، وقد لايرى الآخر شيئا منها، لكني أستطيع أن أبيِّن لك ما أعيشه لحظة الكتابة، فأشعر بوجع خرافي يشعرني بألمي وحزني ومعاناتي، يحاصرني بكاء مرعب، أشعر أن بي جرحا أحمله أكثر اتساعا من جسدي، فألجأ الى القصيدة بحثا عن طمأنينة غائبة، حتى وصل الأمر بي أن أبحثَ داخل القصيدة عن وطن مستعار، أبكي، أذرف من الدمع أضعاف ما يسيل من حبر. مشكلتي أني لا أتنفس تنفسا طبيعيا؛ إلا حين أكتب الشعر. أتعرف أني أمارس في الشعر طفولة لم أعشْها، أنا رجل بدأت الشيخوخة في العشرين، أتحايل بالشعر على الحياة دفاعا عن الحياة، أقاوم به الموت، ليعيد لي عافية سرقت مني؛ فالقصيدة تعني لي ولادة أخرى، وأحتفي بها لحظة أشيّع بها عمري.

صدى الروضتين:ـ بهذا المعنى تصبح القصيدة تعويضية؟

السماوي:ـ في القصيدة أعوّض ما فاتني من كرامة، نعم حينما أهان بصفعة شرطي، أتعرف ما معنى أن يبصقَ بوجهي شرطي الأمن؟ كل انهزاماتي تذوب في القصيدة، أرسم الحياة التي أريدها بأدق تفاصيلها، أعوّض حطامي، أحلامي الذبيحة، أعوّض الشباب الذي ضاع في المعتقلات، السجون، فصل المطاردة، النقل القسري، ما كان معتما الان صار قوس قزح، الغد أصبح يتسع للفرح، فعلى الأقل أصبح بإمكاني أن أغفو مطمئنا أن أطفالي لن يُجلدوا ذات الجلد الذي جلدت فيه، ولن تعد من ضفيرة أختي مشنقة لمجاهد...

صدى الروضتين:ـ هل كانت القصيدة بالنسبة لك تعني نبوءة التأريخ؟

السماوي:ـ في ديوان زنابق برية كتبت: (لاتقتلوه وإن بدا كهلا *** فغدا عراقنا يعود طفلا). وقد يعني الأمل وأراه بحثا عن النبوءة، التفاؤل، اليقين بأن الخبز لولا جمر التنور لن يصبح خبزا، ولا يستعذب طعمه، جمر القهر الذي عشناه الذي جعل رغيف الحاضر شهياً، دقيق قصائدي كنت أعجنه بدموع الأسى، اليوم أعجنه بندى الغد الجميل الذي بدأنا نطل على تباشيره.

السماوي في الحالتين موجود، وأما في القصيدة، فالمهم أن يتواجد فيها الناس. أنا ساعي بريد بين وجعي والقصيدة، لست شاعرا دونهم، لم أكتب عن نفسي شيئا، ولا سجنت يوما لقضية تتعلق بي، أو عانيت من أجل مصيري الشخصي، هناك دائما قضية أكبر من قضيتي، وهم أكبر من همي، قلت: (أذلني حبي وجرحي الممتد من جدائل النخل الى أرغفة الشعب) بمعنى انه ليس جرحي الذي يتمدد في جسدي، بل هو جرح أمة، فليس ما عانيته يوما دفاعا عن يحيى بن الحاج عباس، بل عن شعب أعطاني إنسانيتي، بفقراء طيبين منحوني معنى المحبة، بأطفال رائعين فرض عليهم أن يحملوا صناديق صبغ الأحذية، بدل الحقائب المدرسية، فاذا عرفنا وظيفة الشعر، ومعناه سنقدر حينها على أن نسهم في إضافة زهرة جديدة الى المحبة الكونية.

صدى الروضتين:ـ أنت تجلس الآن في مكان كل شيء كان فيه مهمّشا، والان تجد فيه هذه المساحة من الشأن الفكري والثقافي، أدب، اعلام، مكتبة، جريدة، دراسات، مرسم، اذاعة، تصميمات ابداعية، ومونتاج أفلام، ومسائل إبداعية كبيرة، هذا التحول ماذا يعني عند السماوي الشاعر.

السماوي:ـ طالما كنا نرفع شأن بعض الرموز الدنيوية، وأعظم رمز فيهم لا يصلح أن يكون مجرد تلميذ صغير عند فخر العطاء والجهاد الامام الحسين وأخيه أبي الفضل العباس (ع)وجميع الذين ساروا على هديهم القويم، فهذه الحومة المقدسة التي نجلس فيها الآن، هي حومة جهاد وعلم وحضارة، ومنها علت الرايات، ولذلك هي المنبر الحقيقي الحر الذي يكشف للعالم غباء الطغاة، فهم نسوا بأنهم إن امتلكوا المجرفة التي تحفر قبر مجاهد، لا يمكن لهم أن يمتلكوا مجرفة تحفر قبرا للفكر والايمان، ولنور القداسة البهي.

صدى الروضتين:ـ زيارتك الثانية لصدى الروضتين، وهي تطل على عامها السابع؟

السماوي:ـ أبارك لها عيدها المبارك، وأنا من قرّائها المثابرين؛ رغم صعوبة الحصول عليها، فهي تصلني دائما كهدايا تهدى لي من الأصدقاء الذين خبروا محبتي لها، رأيتها يوما وهي فسيلة سرعان ماغدت نخلة جميلة، واليوم أراها وقد أضحت بستانا، وأنا واثق انها في القريب ستغدو غابة كثيفة الأشجار. هناك سببان يجعلانني أثق باتساع أفق صدى الروضتين مستقبلا؛ لأنها تنهل من نمير نقي أولا، ولوجود فلاحين خيرين في مقدمتهم سماحة السيد احمد الصافي (دام عزه) ثانيا... فتحية حب الى أهل هذا الصدى المؤمن. 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/10/15



كتابة تعليق لموضوع : حوار مع الشاعر العراقي ....يحيى السماوي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 2)


• (1) - كتب : علي حسين الخباز ، في 2012/10/16 .

لك المودة ايها الرائع الحدراوي وقبل الله لك صالح اعمالك بحق العباس عليه السلام

• (2) - كتب : حيدر الحدراوي ، في 2012/10/15 .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عظم الله لكم الاجر باستشهاد جواد الائمة (ع)
لقاء جمع بين جبلين من جبال الادب العراقي الرفيع .. في رائعة من روائع صدى الروضتين
هنيئا لكليكما سادتنا الافاضل
تقبلوا مني خالص الدعاء





حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net