صفحة الكاتب : هادي جلو مرعي

سوريا، محروق إصبعه
هادي جلو مرعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 أكلة يصنعها الفقراء ، ولطالما صنعناها في العراق أيام الجوع والحصارات لكني أجهل سبب التسمية ، برغم بساطة المواد المستخدمة في تحضيرها ولا تعدو أن تكون (بعض الخبز ،وماء وبصل وبهارات) وتوضع كلها على النار ثم تنضج بسرعة وتقدم بالهناء والعافية ، فهل تعود التسمية الى قيام المسؤول عن التحضير بمد إصبعه في القدر الساخن فتتحرق بحرارة الطعام ؟ الله  أعلم .

الملف السوري يزداد غموضاً وتعقيداً يوماً بعد آخر ، وتمضي الأمور لجهة تدمير الدولة وذهاب هيبة الحكم فيها وربما تقسيمها الى دويلات متناحرة ، حيث يبدو الصراع وكأنه بين الطائفة العلوية ونظيرتها السنية ،وهو صراع سيأخذ هذا البلد الى المجهول خاصة وإن عشرات من دول العالم الكبرى والصغرى والمتوسطة في الحجم تتدخل بشكل فاضح في نصرة هذا الطرف أو ذاك ما أدى الى إبتعاد ظروف الحل الى مديات هائلة ومع تزايد أعداد القتلى والجرحى والمهجرين ودمار يعم المدن فإن أحداً لا يمكنه التنبؤ بما سيحدث في الغد.

القدر السوري أو الطنجرة التي يغلي فيها الماء ومعه الخبز المقطع والبهارات والملح يقف عليها أكثر من راغب في التحضير وأكثر من جائع وكل يرى إن الأكلة يجب أن تحضر بطريقة مختلفة عن التي يراها الآخرون ، وكل يحاول أن يمد إصبعه ليتذوق منها شيئاً قبل أن توضع في الصحون المعدة جانباً.

التدخل الغربي والشرقي في الملف السوري يشبه الى حد بعيد وقوف مجموعة أشخاص على قدر (محروق إصبعه) . فمنهم من يريد التحضير على هواه ومنهم من يريد أن يتذوق ، وغيرهم يريد أن يتناول شيئاً من الطعام ، وهناك من يريد أن يحصل على القدر كله بما فيه من طعام.

يبدو إن السوريين (حكومة ومعارضة وشعباً) جميعهم يفورون في القدر ولا يعلم أحد إلا الله كيف سينتهي بهم الحال (ينضجون ، أو يحترقون)، لكن الذين يدعمون النظام ،والذين يدعمون المعارضة كل حسب مصالحه سيمدون أصابعهم ولا بد أن تحترق ،فملف البلد يمثل جزءاً من المصالح الحيوية للدول الكبرى والصغرى على السواء وهم يتدخلون بسحب القدرات والإمكانات ويعلمون أن أصابعهم ستحترق فالأكلة السورية لم تعد (محروق إصبعه) التي نعرفها بل تغيرت المواد الداخلة في صناعتها وكذلك طريقة تحضيرها.

ملاحظة أخيرة.

لا يمكن أن أصدق أحداً من الذين أوغلوا في التدخل لو أنه إدعى وجود رغبة إنسانية من وراء تدخله . لأن المتورطين الخارجيين إما أن يكونوا مع الحكومة أو المعارضة ، وأما الشعب فهو وقود معركة لا نعرف كيف ستنتهي ، ما نعرفه أن الشعب سوف يضيع.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هادي جلو مرعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/08/28



كتابة تعليق لموضوع : سوريا، محروق إصبعه
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net