رمضان كما ادركته ببغداد
د . مجيد السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 شهر الصيام مبارك في كل فصل مستطاب
سهل علي صيامه مالم يكن في شهر اب
عمان _مجيد السامرائي
بعد هطولي فوق ارض بغداد ؛ في اول خطوة لامست فيها قدماي ارض المطار ؛ ادركت عظم الحر الذي يعتقد العراقيون انه لابد ان يكون مدبرا بفعل فاعل
ووجدت من يمزح ويقول : ان هناك مبردة هائله وخرافيه الحجم تتجه فوهتها نحو الاردن ؛ ومؤخرتها نحو العراق ؛ هي السبب في استمرار نزيف عرق العراقيين حتى وهم تحت دش الحمام
وقد شاهدت قبل اقلاعي بليله تقريرا من بابل ؛ عن رجل تبرع ان يرش دون مقابل أي  عابر سبيل بالماء بعد ان يأخذ دشا مجانيا وهو بكامل قيافته ؛لكني التزمت ببدلتي ؛ وكأني برلماني عائد من اسبوع انتعاش في عمان ؛ فيها يتنسم هواء عليلا دون مرافقين في شارع الثقافه او الجاردينز او الرابيه او دابوق او عبدون او الصويفيه او دير غبار
لم تكن بغداد صادمة لي ؛ فقد قوبلت ببشر وموده من الجميع ؛ اخرهم سواق التاكسيات
- تكسي عمى ؟
لكن رجلا بدينا ناصحا غنيا ممتلاء صحة وعافيه ؛ تبرع لايصالي الى حيث اريد وقد كان جاري في مقعد متلاصق على متن الرحله الميمونه
كانت بغداد جافه صيفيه صفراء ؛ يعيث بأجواءها اب الذي يحرق اطنانا من المسامير في ابوابها من المعظم حتى الباب الشرجي
تذكرت الان بيتا للشيخ محمد الخضر حسن شيخ ازهر في زمانه وهو يشطر قصيدة ابن الرومي ويرد عليه
شهر الصيام مبارك في كل فصل مستطاب
سهل علي صيامه مالم يكن في شهر آب
رغم ان بغداد تبدو بمظهر ارملةمرضعه – على وفق صورة اخذناها عن درس المحفوظات للرصافي زمن الابتدائيه- لكن ثمة امل يبرق من عيون اشجار اليوكاليبتوس والدفلى ؛ واشجار حسنة القوام ؛ بدت كأنها فوج مصطف من حرس الشرف على طول طريق المطار ؛ قال من اقلني انها من حسنات مؤتمر القمة ؛ لم اشاهد احدا
يتجاهر بافطاره ؛ رغم ان الحرارة بلغت مبلغا لاتعرفه الافران العملاقه ؛ فقدت وصلت ودرجة الحرارة حسبما قال قبطان الطائرة بلغت46درجة مئويه ؛ لكن هشاشة الوجوة وبشاشة المحيا ؛ اثلجت صدورنا وانوفنا وقلوبنا ؛ هذا هو العراق
صبر العراق ياجمل
بل قطار من الابل ومقطورات من النوق بلا حاد لركبها
قرت عيناي بمشاهد احبها ايام عرفت رائحة الشبوى الفواح في الوزيريه ؛ فبغداد لاتزال تلك الام الرؤوم التي تحنوا علينا رغم البعد والشتات
فوجئت ان الكهرباء مستقيمة مستديمه ؛ ولفحني برد المبردات ؛ وغطست في بئر نوم عميق؛وتذكرت اخر زيارة لي لكهف اهل الكهف بعمان ؛ وكيف الشيخ الحنيطي القيم على المغارة في ابو علندا  قد اطلعني على ماتبقى من عظام الكلب قطمير الذي كان باسطا ذراعيه في الوصيد كما في محكم التنزيل
 صيف ساخن في الخارج تلهث له الجراء والكلاب السائبه ؛ وقيظ لم يذكره احد كما فعل الرصافي في قصيدته عن شارع الرشيد في زمانه
 تصهر الشمس فيه ادمغة القوم
 ان هم تخبطوه نهارا
لم يعد لمدفع الافطار صوت مميز فقد تنفلق اصوات اخرى اعلى منه دويا
 يتناهى لنا  صوتها من بعيد
 مائدة عامرة في بلدة طيبة ورب غفور
 الله ما احلى الرجوع اليها
 
 بغداد
 ماطلعت شمس ولاغربت
 الاوذكرك معقود بانفاسي
 ورحت اردد كمن
 يهذي
 واني لتعروني لذكراك هزة
 كما انتفض العصفور بلله القطر
اكثر من صديق علم بوصولي ؛اخذني بخفة لأطير كفرخ حمام الى مباهج النور في الاعظمية وجارتها الجنب  الكاظميه
 على مقربة من العريشه ؛ وجدت مبتكرات لمرواح تنفث ماءا كأنه  البخور ؛ وثمة خرأطيم مياه دقيقه ؛ تمتد فوقنا ؛ وترشنا بماء معطر ونحن نرتشف الشاي المهيل
 دعيت لمأدبة لاافطار شهيه اقامها الزملاء في صحيفة الزمان بطبعتها في بغداد ؛ ثم جاءني ميناااس السهيل ؛ ليطوف في شوارع متناقضه ؛ بين ضوء ساطع ؛ وعتمة راسخة ..
 كنا على شواطيء دجله ؛ عند منتدى المسرح ؛ كان الظلام ثقيلا ؛ كأنه جحافله السود قد اطبقت على المدينة اطباقا ؛ وشعرت بالاسى القثيل ؛ كان روحي ؛ قد تسرب اليها حبر اسود ؛ ظل يزحف على صفحات كانت قبل قليل مطلية بلون الورد ...
اخطأ ميناس طريق العودة ؛ فدخل بنا في شارع الرشيد
 واستذكرت مجددا قول الرصافي
 تحسب العابرين فيه سكارى
 من عناء تنسموه غبارا
 ساطعا يملاء الفضا مستطيرا
 حاملا في ذراته الاقذارا
الان عدت في لحظة الى الطفوله
 كنا نقول للظلمة الثقيلة : هندس
 ووجدتها في العربية حندس
 هي هنا في شارع مرعب تماما
 لااحد على الاطلاق
 لاجرو ؛ لابزون ؛ لاقمر
ليس فيه نقطة تفتيش واحده ؛لاخبر يأتي ولاطيف يمر
 ورحت اردد
 
 نكب الشارع الكبير ببغداد
 ولاتمشي فيه الا اضطرارا
 
في اليوم التالي دعيت لتناول الافطار في واحد من مطاعم حي المنصور
 لفرط الزحام هناك مع ثمالة ايام رمضان
 اضطررنا الى الوصول الى المطعم الهائل السعه مشيا على الاقدام بعد ان اجتزنا شوارع خالية من السابله تحرسها نقاط تفتيش في ثكنة المنصور المرقطة بلون ملابس الحراس والعسكر ....
وجدت في المطعم حشدا هائلا من الناس ؛ كأنما قد نودي فيهم ؛كأن  لااحد يفطر في بيته ؛ الجميع سعداء جدا ؛ ضاحكين ؛ وانا الذي كنت اظن ان برامج الفرفشه والتحشيش السياسيلا تضحكهم ؛ لان الواقع سريالي غير منطقي ؛ هو اقل بقليل مما يعرض على الشاشات
..
 طبال السحور يمر دائما برفقة زميل له في شوارع يعرف سلفا انها امنه ؛ يمر بها كل يوم ويعود الى بيته سالما ؛ في حين يبدو منظره فولكلوريا تقليديا عابرا ؛ اذ لااحد ينتظر طبله ونداءه ؛ لكي ينهض ويتسحر ؛فهم ساهرون مع فضاء الشاشات التي اخفقت في الاتفاق على تحقيق اعلى نسبةواجماع  مشاهده على برنامج او مسلسل بعينه  بين العراقيين
 تجد ثلة من الشباب المنشغلين من الفطور الى السحور بدردشه وهات وخذ على النت والفيس بوك ؛فرغم ان عدد مستخدمي الفيس بوك في العراق هو بحدود 1303580من اصل عدد سكانه البالغ تعدادهم 30399572في بلد قدبلغ   فيه عدد مستخدمي الشبكة العنكبوتيه ب 1303580  غير ان العراق يوضع في مصاف موريتانيا واليمن من حيث الترتيب الذي تأتي مصر في طليعته ....
 
هذا هو رمضان في مدينة كانت في البلاد كالاستاذفي العباد ؛ لكن الجميع يأملون بجو اكثر اعتدالا ؛ وامن يسود الجميع ؛ وان يفطروا على اصوات مدفع واحد يشنفون اسماعهم بدويه ؛ لامدافع يفقدون ارواحهم بصعف  دويها !!

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . مجيد السامرائي

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/08/26



كتابة تعليق لموضوع : رمضان كما ادركته ببغداد
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net