صفحة الكاتب : مام أراس

عقلية مام جلال ،وحكمته..درء للمخاطر..وحرص على الوطن...
مام أراس

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 الغريب في عالم السياسة انها لا تتعامل بالعواطف ولا تدنو من أي شيء مهما كان حجمه ومكانته الا بقدر المصالح ، وما يجنيها اصحابها من فوائد ، موازين القوى تنقلب فجأة ليصبح الضعيف قويا ويصبح القوي ضعيفا ،وهكذا دواليك منذ اقدم العصور، بدليل الانسان القديم الذي وجد نفسه في حلبة الصراع الدائم من اجل البقاء ، وما كان يمل من ذلك بل كان يتحدى الطبيعة وغضبها ، وغضب المحيطين به من البشر، وكان مقتنعا بالتمام والكمال ان بقائه مرهون بحجم قواه العقلية، ومدى قدرته على حسم الصراع مستخدما اياها باستمرار لتفادي اية خسارة تؤثر سلبا على وجوده ، وكان ذلك من اهم العوامل التي ساهمت  في الحفاظ على ديمومة الانسان وعطائه على مرور الزمن ليبقى في النهاية هو الغاية والوسيلة في بناء الحياة...
ربما يسالني سائل عن الغرض من هذه المقدمة لمقالة جاءتني فكرتها  ، ونحن الكورد نعيش الاحداث  من حولنا  ولسنا بمعزل عنها  ، ولربما لم يدرك البعض ذلك بسبب ازدواجية التفكير التي يعانون منها والتفسير الغير المنطقي لطبيعة الفرصة التي جلبتها لنا عوامل عدة بالاضافة الى حجم تضحياتنا العظيمة التي فاقت كل التصورات ، وغلبت في ذات الوقت كلمات الشعراء والادباء وتعابيرهم وصدق مشاعرهم الانسانية النبيلة  من حيث وقائعها ، ومن جراءها اصبحنا نحن الكورد نمتلك القرار ، وصار لنا علم ونشيد وقوات لا تقل شانا عن قوات حكومة المركز من حيث التسليح والتدريب والاعداد ،ومن ثم نقاط حدودية  تعود وارادتها  بالخير على اقليمنا دون  ان نشارك احدا بها ،  مثلما تستحوذ الشيعة على واردات السياحة الدينية لمراقد الأئمة في مدن كربلاء والكوفة والنجف، اضافة لعمليات الاستيراد و التصدير التي تدر بفوائدها على كوردستان فضلا من مجلس نيابي منتخب بإرادتنا نحن الكورد  دون أن يفرض علينا من وصايا واملاءات سياسية تضر بمصلحتنا ، ناهيك عن مطالبتنا  الدائمة لحكومة  المركز بكل ما  سمح لنا بها الدستور والقانون من حقوق وطنية وقومية  مستندين  بذلك على حجم مكانتنا السياسية التي تحسب لها الاطراف المشاركة بالعملية السياسية الف حساب ، بدليل تهافتهم  على اقليم كوردستان لبناء تحالفاتهم معنا نحن الكورد الذي يضمن لهم طول البقاء على الساحة السياسية في خضم هذه الصراعات الدائرة التي يحاول كل طرف ان يتجنب الاخطاء التي من شانها ان تضر بمصلحتها السياسية وتؤثر سلبا على دوره ومكانته ، ومن ثم  بمدى المرونة السياسية التي تبديها كل الاطراف للطروحات الكوردية الخاصة بالأزمات السياسية العاصفة ،  وقبولها بالأفكار الواردة فيها خصوصا فيما يتعلق بدعوة فخامة الرئيس مام جلال  لعقد مؤتمر وطني عام لمعالجة التصدع الحاصل في مسار العملية السياسية بسبب الخلافات الدائرة بين القطبين دولة القانون والقائمة العراقية.. وهي بحد ذاتها مؤشر واضح على ان دورنا ليس محصورا بعدد المقاعد التي نشغلها داخل البرلمان أو بعدد من المناصب الوزارية  بل هو دور ريادي يتطلب منا ان نحافظ عليه على ضوء مصلحتنا القومية والوطنية بعقلية سياسية ناضجة ،  ولا نفرط به مقابل  اجتهادات فردية التي تشل من حركتنا ، وتضعنا مجددا على خط البداية التي انطلقنا منها ، وهذا يعني ان أية محاولة لتوسيع رقعة الخلاف مع المركز في هذا الوقت تحديدا ربما سينعكس سلبا حتى مع علاقاتنا بالأطراف السياسية الاخرى التي تطمح ان تحتل مكانتنا وتسلب منا ما حققناه من مكاسب دستورية وقانونية ،  ومن هنا فان ما يجري على الساحة السورية من احداث ستكون تأثيراتها المستقبلية بمدى تفهمنا لأثارها وتداعياتها على الاوضاع السائدة في العراق بشكل عام ، خصوصا ان المخاوف العراقية من ان تنتقل العدوى واردة ، والعراق يبني حساباته وفق هذا المنظور لان ما يجري هناك يحظى باهتمام اكثر من طرف دولي واقليمي ، والاحتمالات الواردة تصطدم بعضها ببعض ، فهناك  دولة تركيا التي وجدت نفسها وسط صراع من نوع آخر ، وهو ان الكورد هناك وجدوا فرصتهم التاريخية لإعلان وجودهم بشكل اكبر مما كانوا عليه قبل هذا الوقت ، وهي بالتأكيد محاولة ستغضب تركيا ، لان اي تحالف كوردي كوردي في حدودها المتاخمة هناك ستقلب الموازين  ، وتفشل ما تخطط لها هذه الدولة الحليفة القوية لأمريكا منذ امد بعيد بشان قربها من فوهة  البراكين التي تغلي تحت اقدام المنطقة كلها ،ولهذا فان وصول قوات عراقية الى هذه المناطق الحدودية لا تعني من حيث اعتقادنا  ان الحكومة العراقية قد اعدت نفسها لإعادة سيطرتها على كوردستان التي انسحبت منها قوات صدام حسين عام 1991،بل هي محاولة استباقية لتفادي خطر النزوح الجماعي  الذي يشهدها سوريا ،  والمخاوف من استغلالها من قبل جماعات مناوئة للعملية السياسية  ، وهذا لا يلغي مبدأ الحيطة والحذر من محاولات المندسين في صفوف هذه القوات من الضباط البعثيين الذين احتضنهم نوري المالكي في اكبر خطا سياسي غير محسوبة العواقب لإثارة المشاكل وخلق اجواء غير صحية تمهد السبيل للمزيد  من التوتر هناك، و الذي لم يحسن  المالكي قراءة تداعيات واثار عودتهم على  مجريات العملية السياسية مستقبلا ....
 لذلك فان الشائعات التي تدور هنا وهناك حول احتمال نشوب تصادم عسكري بين القوات  الحكومية وقوات الاقليم هي بداية الخطوة الجادة لتوسيع رقعة الخلافات   ، وان الايادي الخفية التي تتحرك بهذا الاتجاه مدركة تماما ان افضل وسيلة لايقاع اقليم كوردستان في  اخطر مأزق سياسي ، و هو السير باتجاه تورطه باصطدام عسكري ومن ثم اتهامه بالتجاوز والوقوف ضد محاولات الدولة  لحماية حدودها من المتسلليين ، وحينها فان الاطراف السياسية   التي طبلت وزمرت لسحب الثقة من نوري المالكي ستجد فرصتها للتحالف مجددا مع المالكي ضد الكورد ، وربما ليس ببعيد ان تساند تركيا وايران الحكومة العراقية لتضييق الخناق على الكورد ، لان الحقائق كلها تشير ان دول الجوار وان اختلفت مع بعضها ، فان ما يجمعهم ويوحدهم  هو التخوف من ان يتحول الكورد من  معادلة سياسية صعبة الى أصعب منها ، ويخرج الكورد من خارج نطاق حساباتهم السياسية والاقتصادية ، في ظل التفهم الامريكي والغربي العام بمدى قدرة الكورد السياسية والفكرية على تقبل معالم العصر الجديد لارساء الدعائم الحقيقية للديمقراطية في المنطقة. ...
وعلى هذا الاساس فان خطر انفلات الامور تحكمها العقلية السياسية  وتبقى مرهونة  بمدى استخدامها وسيلة لتعزيز قواعد تجربتنا  الناهضة كالتي يمارسها الرئيس مام جلال ، ويتجنب بها نشوب فوضى سياسية واختلال في مسار الامن والاستقرار في البلاد ، و ربما  لا يخالفني أحد بان غيابه عن الساحة السياسية لأسباب العلاج ترك فراغا واضحا بسبب العقلية والحنكة السياسية التي يتصف بها  ، والتي من خلالها يحسم العديد من المآزق السياسية والازمات بروحية حرصه الوطني والقومي على العراق ، ولهذا نعتقد ان دخولنا نحن الكورد في اجواء هذه الاحداث بدون دراسة مستفيضة لآثارها وتداعياتها ربما سيكلفنا الكثير لان دولة تركيا هي ((تركيا)) التي نعيش تحت مطرقة سدودها المائية التي لم نحسن في ايجاد بدائل لها  الى الآن رغم مرور اكثر من عشرين عاما على تفردنا بواردات اقليم كوردستان وقرابة تسع سنوات على ميزانية سنوية ممنوحة من قبل الحكومة الاتحادية ، وايران كذلك هي ايران نفسها لم ولن تتغير سياساتهما تجاه الكورد الا  بقدر مصالحهما السياسية والاقتصادية في المنطقة ، والتي ينبغي ان تكون مساعينا باتجاه تجنب المخاطر من اولويات اهتمامنا السياسي في هذا الظرف العصيب  الذي لم نكون بمأمن الا بقدر ما  ندفع من  شر مصائده ومكائده بعقلية سياسية تحمي مكتسباتنا القانونية والدستورية ، ولأجل ذلك لا نشعر بالحرج حين نؤكد بان الظروف الحالية بحاجة ماسة الى عقلية مام جلال السياسية وحكمته المشهودة لها من قبل كل الاطراف السياسية لدرء المخاطر ، وقدرته على حسم الخلافات ، وايجاد البدائل التي ترضي الجميع دون استثناء ، وذلك بحكم علاقاته السياسية  المنفتحة مع كل الاطراف التي يكرسها باستمرار من اجل ضمان  ونجاح العملية الديمقراطية الجارية في العراق لضمان وقوفه مجددا بقوته السياسية والاقتصادية المشهودة على الساحة الدولية والاقليمية.......
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مام أراس
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/08/08



كتابة تعليق لموضوع : عقلية مام جلال ،وحكمته..درء للمخاطر..وحرص على الوطن...
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net