خالد مشعل رئيساً للمكتب السياسي
علي بدوان
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يُتوقع أن تعلن حركة المقاومة الإسلامية حماس في نهاية شهر رمضان الفضيل، عن التشكيلة القيادية الجديدة لإطارها الأول المسمى بالمكتب السياسي، ولإطارها القيادي الأوسع المسمى بمجلس الشورى العام، بعد سلسلة متتالية من الأعمال والانتخابات الداخلية التي كانت قد بدأت بها قبل أكثر من ثلاثة شهور.
فقد قاربت الانتخابات الداخلية في حركة حماس على الانتهاء بعد أُنجزت انتخاباتها الداخلية في الحلقتين الأولى والثانية، في الحلقة الأولى في قطاع غزة، وفي الحلقة الثانية التي تضم الضفة الغربية والكوادر الموجودة في سجون الاحتلال. وباتت في طور الانتهاء في الحلقة الثالثة المتمثلة بتنظيم حركة في حماس ومختلف مؤسساتها خارج فلسطين.
حركة حماس، في خطواتها الداخلية الأخيرة، تكون قد قطعت شوطاً مهماً على طريق تكريس دور المؤسسة، وتفادي مطب تكريس دور الأفراد أو الأشخاص مهما علا شأنهم، مستفيدة من تلك الدروس الثمينة التي أفرزتها التجربة الفلسطينية المريرة لعموم القوى السياسية في الساحة الفلسطينية، تلك الساحة التي تضج بكل الألوان والمشارب الفكرية والأيديولوجية بشكل لاتضاهيها فيها أي ساحة سياسية في أي من بلداننا العربية.
وبالطبع، فان صيرورة الحياة الداخلية لأي حزب أو ائتلاف سياسي، لاتستمر دون تباين في وجهات النظر في محطات مفصلية معينة، أو في لحظات محددة تجاه موضوع اشكالي ما قد يبرز على سطح الأحداث. فالقوى السياسية المستندة في بنيتها التنظيمية لقاعدة ديمقراطية حقيقية ومؤسساتية، قادرة على التغلب على ظاهرة التباين في الآراء تجاه مواضيع معينة، وبالتالي في تفادي التفكك بتفعيل التعايش بين الآراء المتباينة، وتوفير هوامش حرة تدفع نحو تلاقح وجهات النظر والأفكار المختلفة، والاحتكام في سيرها ومواقفها إلى مبادئ ثابتة وواضحة يصعب مناهضتها ويصعب الخروج عليها، ليحفظ هذه الأحزاب بالحصانة التي تصونها من الصراعات الداخلية التي قد تتطور إلى انشقاقات، وربما إلى انهيارات متلاحقة تعصف بكيان الحزب أو التنظيم أو المؤسسة أو الكيان السياسي.
فالاختلافات والتباينات في حياة الأحزاب السياسية واقع معاش، وهو إفراز طبيعي للتباين في تقدير الأمور بالنسبة للعقل البشري، وقراءة الواقع، واستخلاص النتائج، وتصور الحلول المناسبة للمشكلات المطروحة، هذا مع افتراض أن الاختلافات يجب ألا تتطور إلى خلافات حادة ومن ثم إلى صراعات مريرة تفرق الصف وتشتت القوى، وتزرع الفتنة، وتلقي الإحباط في النفوس كما جرت العادة في غالبية أحزابنا العربية من مختلف المشارب الفكرية والسياسية.
وفي هذا الصدد فإن حركة حماس كغيرها من القوى والأحزاب والتشكيلات السياسية ظهر ويظهر في صفوفها أصحاب وجهات نظر تجاه بعض القيادات السياسية في لحظات معينة، لكنها في هذا الجانب حافظت على ضبط وتوحيد ايقاع خطواتها وعلى مسار بوصلتها بالرغم من اللحظات الصعبة التي مرت فيها أمام خيارات وأزمات كبرى ليس أقلها مايجري في بعض بلداننا العربية.
إن استقرار الحياة الداخلية لحركة حماس واجراء الانتخابات الداخلية بطريقة ديمقراطية وشفافة، وفي هذه المرحلة بالذات، أمر تُحسد عليه. فالعواصف التي هبت وتهب على المنطقة طالت الجميع من أنظمة ومن أحزاب وحركات داخل أو خارج مواقع السلطات الرسمية. وفي ذلك المعمعان استطاعت قيادة حركة حماس المحافظة على وتيرة ورطانة مواقفها تجاه عواصف الرياح المندلعة في المنطقة، بل واجتازت تلك القطوع باجراء الجردة الداخلية وانتخاب مؤسسات قيادية جديدة والمتوقع لها أن تكون كما يلي :
مكتباً سياسياً جديداً مؤلفاً من تسعة عشر عضواً هم : ثلاثة من الضفة الغربية وثلاثة من قطاع غزة وثلاثة من الشتات، يضاف اليهم أول ثلاثة أسماء من الفائزين بشورى الحركة في الضفة والقدس، وأول ثلاثة أسماء من الفائزين في مجلس شورى قطاع غزة، وأول ثلاثة اسماء من الفائزين في مجلس شورى الشتات، ليصبح المجموع تسعة عشر عضواً مع رئيس السابق المكتب السياسي.
أما مجلس الشورى العام، فيضم في عضويته المنتخبين الخمسة عشر لمجلس شورى الضفة الغربية، ومعهم المنتخبون الخمسة عشر لمجلس شورى قطاع غزة، والمنتخبون الخمسة عشر لمجلس شورى الشتات، ليصبح مجلس الشورى العام مؤلفاً من (45) عضواً يضاف لهم رئيس المجلس ورئيس المكتب السياسي، وخمسة اعضاء يختارهم أعضاء المجلس ليتم تعيينهم في عضويته، وبذا فان عضوية مجلس الشورى يتوقع لها أن تصل الى نحو (52) عضواً، مع الاشارة لوفاة رئيس مجلس الشورى العام محمد حسن شمعة، ليتبقى العدد الكلي المتوقع لمجلس الشورى الجديد (51) عضواً.
وفي هذا الصدد، يتوقع للمكتب السياسي الجديد أن ينتخب رئيسه لدورة جديدة، كذلك بالنسبة لمجلس الشورى العام. حيث تتجه الأنظار نحو الأستاذ خالد مشعل لانتخابه على رأس المكتب السياسي نظراً لتشكّل اجماعا على شخصه لقيادة الفترة التالية، بالرغم من رغبته المعلنة بالاحجام عن ترشيح نفسه.
ان الاشارة لخالد مشعل، ولموقعه المرتقب في قيادة المكتب السياسي أو مجلس الشورى العام لاتتأتى من مفاهيم (تأبيد) المواقع التي "هجيناها وذممناها". إنما تتأتى من منطلق خصوصية المرحلة التي قاد فيها خالد مشعل حركة حماس وهي تمر في قطوع وأزمات صعبة، كان من بينها أن حركة حماس وجدت نفسها أمام خيارات حادة وصعبة تجاه أكثر من موضوع محدد، ليس أقلها الأزمات الجارية في بعض البلدان العربية، وأن يوجه دفة القرار الحمساوي، وأن يحقق حالة الحياد الايجابي، التي توافق الفلسطينيون عليها كقوى وأحزاب وعموم الناس بالنسبة للأزمات العربية الداخلية، في ظل تجربة مريرة علمتهم معنى النأي بالنفس.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
علي بدوان

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat