سلمان رشدي وابن ورّاق .. والإسلام الاموي
ماجد عبد الحميد الكعبي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لاشك في ان سلمان رشدي اكثر شهرة لدى العرب والمسلمين من ابن ورّاق ( هذا الاسم المستعار الذي اتخذه خوفا من ان يلاحق مثل رشدي كما يدعي ) لكن الثاني قد تميز عن سابقه بشدة عدائه للإسلام والرسالة المحمدية وكثرة مؤلفاته في ذم الاسلام والمسلمين ، الاول ينحدر من اصول هندية والثاني من اصل باكستاني فهما ينتميان الى ارض عشعشت فيها ثقافة الاسلام الاموي منذ زمن الفتوحات الاموية الى يومنا هذا .. هذه الارض انجبت صنفين من المفكرين المسلمين (وهنا اتحدث عن الاعم الاغلب) ، صنف اتخذ الافكار الدينية القبلية السلفية الوهابية سبيلا له ، بينما سار الصنف الاخر في طريق الالحاد والتهجم على الاسلام والرسالة المحمدية وكان رشدي وابن وراق مثالين على الصنف الثاني ، و الامثلة على الصنف الاول اكثر من ان تعد او تحصى .
تلك بعض ثمار الفتوحات الاسلامية الاموية التي كانت وبالا وعبئا على الدين الاسلامي وثقافته الإنسانية : اما تطرف و ارهاب ، او الحاد وكفر ، ولا شيء عن الاسلام الانساني المحمدي إلا ما ندر. اليوم يحتفي الغرب بهذين المفكرين احتفاء مبالغا فيه ويدعمانهما في كل الميادين بدءا من نشر افكارهما وانتهاء بتوفير الحماية الامنية لهما خوفا من الاغتيال (بحسب الزعم ) .
ان الاعلام الغربي ومؤسساته – ولاسيما الذي تدعمه المؤسسات الصهيونية - هم الذين يهتمون جدا بهذين الصنفين من المسلمين لانهما وجهان لعملة واحدة تعكس صورة الاسلام والمسلمين السلبية في الذهنية الغربية ، تلك الصورة النمطية التي رسمها الخطاب الاستشراقي الغربي للإسلام والمسلمين ( كفار وزنادقة وغزاة وقتلة ) ، لقد اسهم الخطاب الاستشراقي اسهاما كبيرا في احياء السنن الاسلامية الاموية وتعزيز تلك الصور في المخيلة الشعبية الغربية ، وقد كشف الراحل ادوارد سعيد كثيرا من اسرار ذلك الخطاب ، الامر الذي اثار حفيظة هذين النوعين من المسلمين قبل الغربيين انفسهم ، فعندما كتب سعيد عن الثورة الايرانية وكيف صورها الاعلام الغربي في كتابه ( تغطية الاسلام )- والذي لم يترجم الى العربية إلا بعد مرور اكثر من عشرين سنة – وكتابه الذائع الصيت ( الاستشراق ) قبله ، لم ينل هذان الكتابان رضا اصحاب الهوى الاموي في الشرق والغرب ، لذلك انبرى الباكستاني ابن وراق وبعد وفاة سعيد بعدة سنوات ليؤلف كتابا يرد به على سعيد و افكاره تحت عنوان : ( دفاعا عن الغرب ، نقد كتاب الاستشراق لادوارد سعيد) .
لقد وصف ابن وراق سعيدا وكتابه بقوله : لقد سميت اللهجة العدوانية في كتاب الاستشراق بـ ( الارهاب الفكري) ! ...ان ادوارد سعيد الذي فتح مجالا معرفيا جديدا للبحث الاكاديمي في العالم كله حيث اطلق النقاد على مرحلة ما بعد كتاب سعيد ( الاستشراق ) : عصر ما بعد الاستعمار او عصر ما بعد الكولونيالية ، بدلالة ان الباحث لا يجد كتابا او مقالا او موسوعة قد كتب او دوّن عن الاستشراق او عن صورة من صوره إلا وقد وجد اسم سعيد وكتابه ومنهجه متصدرين صفحات تلك المؤلفات ، يوصف بأنه يمارس ارهابا فكريا ، هذا الناقد الفذ العربي الفلسطيني المسيحي الذي دافع عن الحقيقة والموضوعية المغيبتين في الخطاب الاستشراقي ، يصفه باكستاني مسلم بتلك الاوصاف ويخصص كتابا من (500) صفحة (والمنشور بالانكليزية عام 2007) لكي ينال فقط من سمعة سعيد الاكاديمية وليحط من شأنه ، مع العلم ان تلك المزاعم التي جاءت في هذا الكتاب مليئة بالغيض و الاساءة الشخصية ولم تكن علمية وموضوعية على الاطلاق . انه عبارة عن سب وشتم وتقبيح وتجريح على طريقة الاسلام الاموي في الرد على مخالفيه ، ومن هنا لا نجد فرقا كبيرا بين المسلم المتطرف التكفيري والملحد الكافر بالإسلام لانهما ينهلان من الثقافة نفسها .. وهكذا يكون الحال في كل ارض او وطن يشتهر فيهما فكر الاسلام الاموي .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
ماجد عبد الحميد الكعبي

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat