الصفحة الرئيسية
أخبار وتقارير
المقالات
ثقافات
قضية رأي عام
اصدارات 
المرئيات (فيديو)
أخبار العتبات
أرسل مقالك للنشر


صفحة الكاتب : ا. غالب الحبكي

جمعة اللامي: ذاكرة الأدب والقلم العراقي الذي لا ينسئ .
ا. غالب الحبكي

جمعة اللامي، ذلك الصوت الأدبي الذي حمل الوطن في قلبه، وترك أثراً لا يمحى في لوحة عظماء الأدب العربي.

 

لم يكن مجرد كاتب أو روائي، بل كان شاهداً على تحولات العراق الكبرى، يعيش تفاصيل الألم ويبحث عن بصيص الأمل ليزرعها بين الكلمات التي يخطها، لقد عاش حياة مليئة بالتحديات، لكنها صنعت منه شخصية استثنائية، ترى العالم من زاوية مختلفة، زاوية من عرف منها للقيد معنى وعاش مرارة الحرمان، لكنه أيضاً فهم معنى الحرية وأهمية الكلمة في إعادة تشكيل الوعي وصناعته وأحياءه .

 

ولد في ميسان عام 1947، وسط بيئة غنية بالحكايات الشعبية والموروث الثقافي العريق، مما شكل وعيه الأول وأثر في أسلوبه الأدبي لاحقآ، لكنه سرعان ما اصطدم بالواقع القاسي، فكان السجن محطة بارزة في حياته، حيث قضى ست سنوات خلف القضبان، تجربة حولته إلى كاتب يرى ما وراء الظواهر، ينقب في تفاصيل الحياة، ويعيد تشكيلها بأسلوب أدبي يمزج بين السرد العميق والتأمل الفلسفي. لم تكن الكتابة بالنسبة له مجرد سرد للأحداث، بل كانت وسيلة للكشف والبحث عن المعاني المخفية، عن الحقيقة التي تكمن خلف الكلمات.

 

في عام 1979، غادر العراق، لكن العراق لم يغادره، استقر في الإمارات العربية المتحدة منذ عام 1980، وبدأ رحلته الصحفية، فكان قلمه حاضراً في صحيفتي "الخليج، و، الاتحاد"، يكتب عن الإنسان، عن الحرية، عن العراق الذي ظل يسكنه رغم البعد الجغرافي والمسافات، لم تكن كتاباته مجرد مقالات صحفية، بل كانت شهادات على الواقع، ومنها محاولات مستمرة لفهم جوهر الحياة والسياسة والثقافة، أذ كان هو الصحفي الذي لا يخشى قول الحقيقة، والكاتب الذي يضع الأدب في خدمة الوعي.

 

على مستوى الأدب، كان جمعة اللامي متفرداً في أسلوبه، حيث لم يكتب لمجرد السردية والكلام الفائض ، بل ليكشف ويضيء، ويترك أثراً لا يزول في ذاكرة القارئ. من أبرز أعماله" المقامة اللامية"، و، "مجنون زينب" و، "الثلاثية الأولى" ، وهي أعمال التي حملت بصمته الخاصة، عبر مزج السرد العميق بالنظرة الفلسفية للحياة والوجود. لم يكن الأدب مجرد حكايات سردية وقصص ، بل تأملات في طبيعة الإنسان والمجتمع، في الألم والأمل، في الوطن والمنفى، في القيد والحرية.

 

رغم حصوله على جوائز عدة، مثل "جائزة السلطان قابوس للإبداع الثقافي"، و، " قلادة بغداد للإبداع" ، فإنه لم يكن يبحث عن الألقاب والمهرجانات والجوائز ولم تزيدة شيء وتضيف أخر ، بل عن الكلمة الصادقة التي تصمد أمام الزمن، عن الأدب الذي يبقى، عن الحقيقة التي يجب أن تقال مهما كان الثمن.

 

كان يرى أن الكتابة مسؤولية، وأن الأدب ليس ترفاً، بل وسيلة لفهم العالم وإعادة تشكيله.

 

في 17 أبريل 2025، رحل جسداً، لكنه لم يرحل روحاً ، ويبقي في حاضراً، في كل كلمة كتبها، في كل فكرة زرعها، في كل قارئ تأثر به، وفي كل لحظة من لحظات العراق.

العراق الذي أحبّه ولم يفارقه يوماً.

 

جمعة اللامي لم يكن مجرد كاتب، كان ذاكرة، كان شهادة، كان صوتاً لن يختفي، بل سيظل يتردد في فضاء الأدب العربي، كنهر ثالث لا ينضب، وكشعلة لا تنطفئ.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ا. غالب الحبكي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/04/18



كتابة تعليق لموضوع : جمعة اللامي: ذاكرة الأدب والقلم العراقي الذي لا ينسئ .
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
أدخل كود التحقق : 5 + 2 =  



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net