الحكمة الإلهية أظهرت واكدت الولاية التكوينية للانبياء والرسل والأئمة صلوات الله عليهم اجمعين
خضير العواد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
خضير العواد

الولاية التكوينية اذا كان المقصود منها ان أمر التصرف في العالم قد اوكل الى الامام عليه السلام من دون اشراف وأذن من الله سبحانه وتعالى فذلك هو التفويض الباطل والموجب للشرك والكفر .
وأما الولاية التكوينية وهي التصرف الخارق للعادة الصادر من الأنبياء والرسل والأئمة عليهم السلام بأذن الله سبحانه وتعالى اي الامتداد الطولي لقدرة الله سبحانه وتعالى فهذا ثابت لهم صلوات الله عليهم أجمعين، وقد أكد القرآن الكريم على هذا واظهره في ايات كثيرة منها ما ثبت لعيسى عليه السلام ( إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا ۖ وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ ۖ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي ۖ وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي ۖ وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِي ۖ وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ)(سورة المائدة اية 110) , وكانت ثابت لآصف بن برخيا ( قال الذي عنده علم من الكتاب انا آتيك به قبل أن يرتد اليك طرفك)(سورة النمل اية 40) علما ان وصي سليمان عليه السلام عنده علم من الكتاب وقد أظهر الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز ولايته التكوينية وما بالك من عنده علم الكتاب الا يمتلك الولاية التكوينية (قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب)(سورة الرعد اية43) وقد فسرت هذه الآية في روايات أهل البيت عليهم السلام وفي جملة من روايات اهل السنة بأن من عنده علم الكتاب المراد منه هو علي بن أبي طالب عليه السلام ، والقرآن الكريم يحدثنا عن قصص الانبياء والرسل صلوات الله عليهم اجمعين وقصص اممهم ليكون عبرة وموعظة لنا ولأجل أن يبين للناس أن رسالة الرسول محمد صلى الله عليه واله ونبوته ليس شيئا جديدا وإنما هو امتداد لخط الأنبياء والرسل صلوات الله عليهم أجمعين( قل ما كنت بدعا من الرسل) (سورة الاحقاق اية 9) اي ما ثبت للانبياء والرسل صلوات الله عليهم اجمعين (الولاية التكوينية) فقد ثبت لرسولنا الكريم صلى الله عليه واله فهو افضلهم كما ثبتت الروايات الصحاح والأئمة سلام الله عليهم هم اوصياءه وخلفاءه فما ثبت له ثبت لهم سلام الله عليهم وهناك روايات كثيرة تشير إلى هذا كحضور الإمام زين العابدين في دفن جسد أبيه الحسين عليه السلام واجساد الشهداء في كربلاء وحضور الإمام الجواد عليه السلام في تغسيل وتكفين والصلاة على أبيه الإمام الرضا عليه السلام في خراسان وغيرها كثير تعج بها كتب سيرتهم سلام الله عليهم.
وأما من يشكل على أن الأنبياء والرسل والأئمة صلوات الله عليهم أجمعين بشر (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) (سورة الكهف 110) ولا يمكن أن يختلفوا عن باقي البشر في تكوينهم لان هذا يقف حائل في اتباعهم والاقتداء بهم لأن الناس لا يملكون ما يملك الائمة والأنبياء والرسل صلوات الله عليهم أجمعين بالإضافة إلى أن امتلاك الأنبياء والرسل والأئمة سلام الله عليهم الولاية التكوينية وهم عانو من الظلم والعذاب والاضطهاد والقتل كما أن الإمام الحسين عليه السلام كان يصرخ في ارض كربلاء هل من ناصر ينصرني هذا يتناقض مع كون أن الإمام الحسين عليه السلام والأنبياء والرسل عندهم الولاية التكوينية ولا يرفعون عن انفسهم الظلم والعذاب والقتل ؟؟؟؟ .
الجواب:
الأنبياء والرسل والأئمة صلوات الله عليهم أجمعين بشر ولا يختلفون عن باقي البشر بلحمهم ودمهم وغرائزهم ويأكلون ما يأكل الناس ويشربون ما يشرب الناس ويمشون في الأسواق وغيرها من أفعال البشر قال الله سبحانه وتعالى (وَقَالُوا مَالِ هَٰذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ ۙ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا) (سورة الفرقان اية7) ولكنهم يمتازون عن باقي البشر بما فضله الله بهم وهذا التفضيل ساري حتى ما بين الأنبياء والرسل قال الله سبحانه وتعالى (ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داود زبورا )(سورة الإسراء 55) وقال الله سبحانه وتعالى ( تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس )(سورة البقرة اية 253) , وهذا التفضيل بما يخدم الرسالة الإلهية لان المفضل هو من اختاره الله سبحانه وتعالى وكل طاقاته تنصب في تنفيذ أوامر الله سبحانه وتعالى حتى قال الله في كتابه العزيز (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَٰنُ وَلَدًا ۗ سُبْحَانَهُ ۚ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) (سورة الانبياء ايات 26,27) وهم يمثلون الله في الأرض وهم غضب الله سبحانه وتعالى ورضاه ولهذا السبب لم يستعمل الأنبياء والرسل والأئمة صلوات الله عليهم أجمعين الولاية التكوينية الا في الظرف الذي يخدم به الرسالة الإلهية السمحاء ولهذا نلاحظ الامام الحسين عليه السلام على الرغم من امتلاكه الولاية التكوينية ولكنه لم يستعملها وذهب شهيدا عطشانا وهذا يمثل قمة اليقين والعطاء في سبيل تحقيق ما يريده الله سبحانه وتعالى منهم صلوات الله عليهم اجمعين ، وأما عدم القدرة على الوصول إليهم فقد صرح به أئمة اهل البيت عليهم السلام إذ قال أمير المؤمنين عليه السلام (ألا وإن لكل مأموم إمام يقتدى به ويستضيء بنور علمه ألا وأن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمرية، ومن طعمه بقرصيه ألا وإنكم لا تقدرون على ذلك ولكن أعينوني بورع واجتهاد وعفة وسداد (شرح نهج البلاغة بن أبي الحديد المعتزلي ج16ص205) , فالولاية التكوينية يمتلكها الأنبياء والرسل والأئمة صلوات الله عليهم أجمعين اداة من ادواتهم في نشر وتبليغ الرسالة الإلهية ولا تستعمل الا اذا كان الرسالة السماوية تحتاج أن تستعمل لغاية الله سبحانه وتعالى يعلمها وقد أظهر الله سبحانه وتعالى هذه الولاية بصورة جلية لا لبس فيها في كتابه العزيز .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat