(مذكرات أقدم مدرس تاريخ في كربلاء، الأستاذ عبد الرزاق الحكيم) (المطابع الكربلائية والصحف)
اسعد عبد الرزاق هاني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
اسعد عبد الرزاق هاني

كلما أسمع وأقرأ ما يحزنني أرجع إليه أشكو عنده المشكلة، أحد الأخوة المعلمين قال أن كربلاء مدينة عالمية فيها تجتمع الهويات وتتعدد الثقافات، الكلام جميل يا أستاذي لكن الاستنتاج مؤلم وهذا أثّر حسب رأيه على تأخر الحركة الثقافية والإعلامية في كربلاء أي بمعنى أن الحركة الثقافية بدأت متأخرة وما زالت متأخرة
أعرف معنى أن يبتسم لي الأستاذ أبو ثامر في هذا الكلام الكثير وأعرف نظراته تطالبني أن أهدأ وأن أثبت لهم العكس، كربلاء من المدن الأولى في معرفة الطباعة، وشهدت وجود المطابع وأخرجت كتبا وصحفا ومجلات ورسائل في كل المجالات الثقافية وهذا يعني أن الانفتاح الكربلائي على الهويات شكل تحديا ثقافيا فكريا كبيرا، نجحت فيه كربلاء حين تفاعلت وتنامت الثقافات الواردة تحت ظلالها ولم تفقد هويتها، فالميدان الثقافي والفكري له تأثير واضح على لمِّ الثقافات.
وتلعب البيئة المحيطة والأشخاص في هذه الأماكن دورًا في شعور المرء تجاه الثقافة التي هي روح الانتماء الوجداني، لخلق التوافق مع ثقافة كربلاء، بمعنى أن كربلاء تؤثر أكثر مما تتأثر بالثقافات الواردة، هل تعلم أن أول مطبعة حجرية جلبت إلى العراق في كربلاء
واختصت بنشر الأدعية والرسائل الدينية واحتوت أدب الزيارة كما طبع فيها مقامات الألوسي، سالته قلت له مهلا أستاذ في أي سنة عملت هذه المطبعة الحجرية، أجابني تأسست عام 1856 م وبعدها نشأت مطبعة الحسيني لصاحبها محمود المظفري عام 1910 م، وتوالت المطابع مطبعة الشباب عباس علوان الصالح عام 1935م، مطبعة أبراهيم الكتبي، مطبعة أهل البيت لجاسم محمد الجلجاوي، ومطبعه كربلاء لجواد كاظم الموسوي، ومطبعة تموز للمحامي محسن المعمار ومطبعة الشمسي، مطبعة الرسول العربي، مطبعه الشمس لمنى مناتي فاضل، ومطابع أخرى استثمرت نشأتها عبر السنوات، مثل هذا التقييم يعكس عدم التمحيص قلقة الخبرة والمعلومات وسرعة إطلاق الأحكام، الذي أعرفه أن كربلاء أقدم المحافظات التي نشأت فيها الصحافة.
قلت والأكثر حزنا أن لا أحد يعرف أن لكربلاء مطابع وصحف دينية وفكرية وثقافية، قال لي حينها موجود عندهم كتاب كربلاء في الذاكرة، لمؤرخ كربلاء الشاعر سلمان هادي آل طعمة، واغلبهم تفاعل معه، ذكر الكتاب في عام 1916 تأسست جريدة الاتفاق سياسية وجريدة أخرى لصاحبها عباس علوان الصالح جريدة الأسبوع وجريدة الندوة لمحمد مهدي آل وهاب والقدوة ورسالة الشرق مجلة أدبية صاحبها السيد صدر الدين الحكيم والشهرستاني.
كربلاء من مدن الثقافة والفكر والجمال وانفتاحها على العالم والهويات لا يعني فقدانها هويتها بل يعني متانة الهوية جعلتها مأوي لجميع الثقافات، ويبدو أن الأمر جعل الأستاذ عبد الرزاق يتكلم بألم وحسرة ويكرر إنها كربلاء، وراح يعدد لي الصحف والمجلات
هناك جرائد كثيرة مثل "شعلة الأهالي" رئيس تحريرها المحامي عبد الصاحب يوسف الأشقر صدرت عام 1960 "مجلة اقتصاد" لغرفة تجارة كربلاء أيضا عام 1960 وكانت بإشراف السيد هاشم حسن آل نصر الله وجريدة "المجتمع" مديرها المحامي جواد الظاهر و"الرائد" مجلة تربوية من نقابة المعلمين ومجلة "الحرف" فكرية تربوية صادرة من مديرية تربية كربلاء "وصوت الإسلام" والأخيضر وأجوبة المسائل الدينية ومن وحي ذكرى أهل البيت الأخلاق والآداب، صوت المبلغين ومنابع الثقافة الإسلامية وصوت شباب التوحيد وذكريات المعصوم والنداء الإسلامي الرائد الجديد العهد وصحف كثيره صدرت في كربلاء.
في كربلاء الكلمة بلغت رشدها، والإبداع تسامى ليرتبط العلم بالدين بالثقافة بالسلوك، هذه هي كربلاء والكربلائيون لم يكتفوا بصحفهم الكربلائية، بل توسع العمل الصحفي لجغرافية كربلاء رغم أن تلك الصحف تعرضت لمضايقات وملاحقات أدت بها إلى الغلق والاحتجاب عن الصدور ومحاكمة أصحابها وفرض غرامات جزائية جسيمة عليها.
ومنذ نهاية العشرينات حتى أوائل الخمسينات صدرت صحف ومجلات في بغداد استقطبت أقلام الكثير من الأدباء والباحثين، واعتنت بنشر البحوث والمقالات التي تتعلق بالتربية والتعليم والإصلاح الاجتماعي مضافاً إلى الدراسات الأدبية والنقد البناء الموجه، وتوجت صحائفها بنشر الشعر الرصين، مما كان لها أثر واضح في بلورة مسار الحركة الثقافية في العراق.
ومن بين هذه الصحف والمجلات الصادرة آنذاك هي:
"المرشد" مجلة دينية شهرية صدرت ببغداد في كانون الأول 1925م لصاحبها محمد الحسيني ومديرها الإداري صالح الشهرستاني عاشت أربع سنوات، ثم توقفت من تلقاء نفسها.
"الأحرار" جريدة يومية سياسية عامة مبدأها الحق والوحدة، صدر عددها الأول ببغداد (الخميس 14 صفر 1352هـ / 8 حزيران 1933م) صاحبها الدكتور عبد الجواد الكليدار آل طعمة. تعرضت كبقية الصحف السياسية الحرة للتعطيل على أثر نشر مقال لأحمد جمال الدين في العدد 30 عن سر مقتل الملك غازي، فعطلت شهرا ثم لمدة ستة أشهر بعد أعداد
قليلة وحكم على صاحبها بالسجن والغرامة ثم احتجبت نهائياً، لقد عارضت هذه الجريدة الوزارة الكيلانية معارضة شديدة أدت إلى تعطيلها شهراً كاملاً، ثم عطلت ستة أشهر وسجن صاحبها وعلى الرغم من ذلك لم تغير خطتها.
"جريدة المنادي" أسبوعية سياسية منحت الامتياز ببغداد في 17 آذار 1948 لصاحبها عباس علوان الصالح ومديرها المسؤول المحامي عبد الجبار محمود وجريدة "الأنباء المصورة" يومية سياسية منحت الامتياز ببغداد في 17 آذار 1948 لصاحبها عباس علوان الصالح وصدرت متقطعة حتى أواخر سنة 1952م، وكان آخر مدير مسؤول لها المحامي عبد الجبار محمود صدرت بتاريخ 26/3/1950 واستمرت بالصدور كصحيفة سياسية يومية لغاية 2/1/1952.
وكان يشرف على صفحة (الأدب والحياة) صالح جواد الطعمة. وساهم في تحريرها رعيل من الشباب المثقف حينها التفت لي وقال هذه هي كربلاء زهرة الثقافة العراقية والعربية وهي التي رسخت الثقافة الإسلامية والثقافة الملتزمة في العالم العربي الإسلامي حينها هدأت وشعرت بالبهجة والفخر
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat