صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

خاطرة اليوم الثاني من يوميات مجنون
علي حسين الخباز

تعال...
نكتب قصائدنا سوية ...أنت بالسيف، وأنا بالقلم، إن أبعدتنا الأزمنة من الممكن أن تجمعنا كلمة من كلمات المصير، لا بد أولا أن أقر لك بأن التناص في عرف الشعراء سرقة، أما في حضرة الشهادة يصبح فعل احترام، والتزام، ووجود.
دعني أقدم لك تبريري عساي أفلح...
أنا إنسان تغريني الكثير من الأشياء
تغريني الكثير من الأسماء
وتغريني الكثير من الأفعال
واسمك دون الفعل لا ينفع
تعال...
لنقرا سوية (صدقت أمك إذ سمتك حرا) لهذا أقول لك دائما ونعم الأم أمك...
يؤسفني أن الموضوع لا يتوقف على ما نقول، بل على ما نفعل، والميدان بعيد عني، قريب منك والورقة الآن بين يدي...
أعرف أنك الحر بن يزيد الرياحي وأنا لست إلا شاعر على قدر الحال، أتسلق خرابي في كل غصة طيف، المشكلة أن الأرض التي كانت ذات يوم أمك، هي الآن أمي، والسماء ندية...
الفعل يوقفني بين مفردة روح وروح، والعبارات خباء!
الغريب أن أي خطاب أرسله لك أحاور فيك الذات، أرى صورتك في صوتك، وصوتك في ظل كلمة...
أتمنى أن تتحمل فضولي، جنوني، وعقليتي الفوضوية، التي تدخل في حقائق الشخصيات دون هوية، دون تميز إلى كرم أخلاقها، علمني الجنون مواظبة، وحضور في زمن الغياب، حتى بلوغ الهدف.
أعرف أنك من سادات الكوفة وأشرافها ورؤسائها، ومع هذا هناك الكثير من الأشياء المبهمة، ما زلت لا أعرفها، يقال أن الحوارات اختيارات، واختبارات، وانتماء، وهي جسور تمتد... وتمتد، وأنا جدي (محمد الأعور) قاوم الإنجليز فوجدوه مقتولا وسط أنبوب نفط هشمت رأسه إطلاقة مستوردة من بلاد الإنجليز.
دعني أبني حوارك أولا... هل هي لعنة المنصب والمكانة وإتكيت السيادة، وجلالة الكرسي، والزعامة، جعلتك تقاد تحت ظل عروش عاهرة، يقول النقاد إن أهم عنصر من عناصر الكتابة وجود متلقي، وجود إحساس، وعقل وذكاء، وموهبة الجراح لا تتشابه، فلا تناص ولا استعارة ولا تشبيه.
لا تهمني صحة النظرية، بل ما يعنيني أن لا أخاف إلا من الله، لا من حاضر ولا من مستقبل، إحساس لا بد أن أتعامل معه، ماذا لو كنت أنا أنت وأنت تنحني الآن على الورقة والكلمات بين يديك سيوف، يا حر ابشر بالجنة، كيف والشعور ذات، وذاتي منكسرة بأمرة الواهين؟
 كيف والحسين (عليه السلام) على مقربة من سيفي، وبعض الآراء مواقف.
-يا ابن الحرف، هل تعلم أن الذنب هو إننا نهمل الحقائق في أحاديث مضائف ومجالس ونشوه التواريخ، مثلما تريد المسارات الطاعنة في التيه.
ليست الميادين ورق لتكتب فيها (ألف فارس كانوا تحت أمرة الحر بن يزيد الرياحي)، بل اكتب الف سيف، والسيف لا يعرف صاحبا ولا صديقا، لا تؤتمن السيوف ما دام المسعى زيف، والطاعة الظالمة، جرم يعيق الحياة، من يستهين بدم الحسين سيد شهداء أهل الجنة من أجل رغيف جوعان، وظل أمان ذليل، كيف تريد منه الأمان، وكل ما في كيس ابن زياد مفلس ورخيص، علينا أولا أن نقدر ذواتنا لنعرف معنى أن نكون.
الماضي كله بين يدي اللحظة، كي نختار معنى الآن والأوان والقدرة على إصلاح الذات والتقييم بين الضعف والقوة والرغبة في التغيير.
-روى لي عبد الله بن سليم، أحد أنصار الحسين كبر لله، وقال رأيت النخل من بعيد.
-ليس في هذا المكان نخل ولا ماء، بل هي الخيل
وإذا بك أنت الحر وأسيافك الألف، العطش وحده كان كفيل إبادتكم، لولا كرم الحسين (عليه السلام) الذي جئتم لقتله، والفتك بهذا النبل الهاشمي المكين، لهذا قلت لك إن الكلمة تقدر أن تبني مدنا أو مدارس، وجسور محبة وسلام، أين كنت عنها يا حر وجذورك تؤهلك لهذا الحضور، أعرف حكمة’ قالها لي أبي أن لا ولادة دون عسر، وقسمة المصير
-اسقوا القوم كي لا يموت في حماكم الرشد أو يتيه.
سؤال... ماذا لو كان الماء عندك يا حر والعطش يفتك بكبد الحسين؟
 الله اكبر قد قامت الصلاة
كم يسعد قلب الكاتب حين يزف الدفء من جمرة التواريخ، ليبارك النبوغ ويبني الأمل بين تباريح التوقع، هكذا يشيد أفق المصير
-كلنا نصلي بصلاتك يا أبا عبد الله
مهمة الكاتب المتمكن تقويم سلوك شخصياته، لتزهو الموقف فكرا، لكن متى نفهم أننا نتعامل مع أكثر من ذات، وكثير من الذوات لا توائم مزاعم التغيير.
-رغم قصر قامتي أدرك أن الماضي لا يغير، لكن الذي يمكن التغيير هو سلطته، تمكنه منّا تلك هي المحنة لهذا أنا صديقك يا حر يرضيني موقف ويزعلني آخر، البذرة إذا شتلت في تربة لا حياة فيها شلت
-ماذا تريد يا حر؟
-أريد أن أنطلق بك إلى عبيد الله بن زياد، وأن لا أدعك، ولو كانت الأوامر تبيح بقتلك لما ترددت،
-كيف يا حر، قبل قليل أنقذ حياتك ومن معك، أ هكذا يرد الأحرار الجميل؟ والله أشعر أن الذليل وإن طال النخيل قصير، انهض يا حر ولا تجعلني أخمن أنك لست الثائر الحر.
-أسوء ابتلاء معاملة الإنسان لنفسه بما لا يليق.
-اسأل النفس، وابحث في السيرة عن حقل يبعث البهجة في الروح، وافتتح باسمه الفصول، وإذا بك تخذلني فأكتب في ورق مخذول.
-ينادي الحر... يا حسين، إن أبيت فخذ طريقا لا يدخلك الكوفة، ولا يردك إلى المدينة، فتكون بيني وبينك نصفا، لعل الله يأتي بأمر يرزقني فيه العافية، قبل أن ابتلى بشيء من أمرك.
-أين كانت الفطرة والشجاعة والضمير، كيف تستحكم العروش عبيدها، وأنت بين يديك الكون بهيئة الحسين، أنت معك الأرض والسماء... معك عدل القران، لو تدرك معنى الصلاة.
احتاج إلى معجزة كي أفهم... هل كان الأمر مبهما عليك إلى هذا الحد؟
اني أخجل أن أسميك قصيدة... قصة... حكاية... رواية، أو مضمونا، هو محض جنون أن أكتب عنك... محض جنون.
-لا تتفلسف براسي يا ابن الحرف، لولا هذه العقدة ما خلدتني التواريخ... الإدراك يعني أن تجيد التعامل مع الخوف.
-لقد أسرفت في الصلف يا حر، حتى كدت أمزق الورقة، أ مثلك يهدد الحسين بالقتل يا حر؟
-أ بالموت تهددني؟ وهل يعدو بكم الخطب أن تقتلوني؟
-الإدراك خطوة متمرس من كيد مضمر، هو الشروع بتكوين الفعل، ولكي لا تؤخذني العزة بالإثم أو يأخذك تيه بحجم فراغ، أنت وما تكتب وكل ما تكتب ما كان وما يكون لولا تجاربنا ومخاض أوجاعنا والعلة والصراع، العالم كله كان عبارة عن مخيلة مريض، اشتد به الهوس، أكتب بلا استعارة وكناية أو مجاز، أنا لا أخجل من حقيقتي وأعلم ليس لك فضل علي أن تكتب شيئا عني أنا المتفضل عليكم يا أبناء الحرف.
أنت عندي تقدر أن تعرف قيمة الفكر حين يكون إيجابي المسلك والسيرة، وما يدركه العقل من هبات نسميها (الموقف) فتعلم حكمة يقين، إن الشر يعجز أن يهزمك إلا حين تشعر أنه قادر عليك.
-لكن يبقى للإيمان والتفاؤل والأمل النزيه، وما نفع الإقدام بلا حكمة، والشجاعة بلا عقل، أو دون ضمير؟
-يكفيك يا ابن الحرف ما عندك من كلام، وضع في راسك، نحن من دفع الثمن، انظر إلى المعنى المضيء في حياتي، أو ارحل إلى جنون آخر.
أين أنت عن هذا الموقف الثمرة 
-سيدي يا حسين دعني أتمرغ في التراب بين يديك.
-ارفع رأسك لأعرف من تكون.
-أنا يا سيدي من حبس عنك الفرات، فداك أمي وأبي، أنا الذي حبست النجاة عنك، ما كنت أعلم أن القوم مجرد وهم، هياكل بلا روح، أنا لم أر في حياتي حقدا بهذا الجحيم، تارة يبررون الحرب بغضا لأبيك، وتارة بهوى السلطان يتحدثون.
-صرخت من شدة بهجتي، هذا أنت يا حر، هذا هو اليقين فهنيئا لك الشهادة يا حر، هنيئا لي هذا الجنون.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/03/15



كتابة تعليق لموضوع : خاطرة اليوم الثاني من يوميات مجنون
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net