عباءة العراق: رمزٌ للهوية والتاريخ
هدى الغراوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 عندما ينتشر أمر معين في المجتمع لابد أن تتوفر فيه عوامل عدة مؤثرة وهي، القوة، والقيادة، والصمود. 
وهذه العوامل كانت متوفرة في شخصية استطاعت أن تؤثر في أغلب النساء العراقيات لما تحمله من رسالة سامية. 
وهنا أستطيع أن أشرع عن الموضوع الذي أود العروج إليه: العباءة العراقية هي أكثر من مجرد قطعة قماش ترتديها النسوة العراقيات؛ فقد تخطت محور التقليد فقد كانت رمزاً حضارياً وتراثاً عظيماً ولمّا تزل العباءة تحكي وقائع تاريخٍ طويلٍ ومتنوعٍ، وتعكس هويةً عراقيةً أصيلة. فقد أصبحت رمزاً للأناقة والجمال بالإضافة إلى ما تحمله من انتماء عقائدي. 
فنجد أنها بتصاميمها ودقة خياطتها وجودة قماشها، ومقاسها الفضفاض الذي تميزت به دون غيرها من العباءات.  
ولكن ما نراه اليوم عكس ذلك تماما، بسبب انجرار معظم النساء العراقيات إلى الدخيل من الموضات التي ابتعدت عن التمسك بالهويتين الاجتماعية والدينية. 
وحتى الفتيات الملتزمات بهذين الإرثين اتجهن بعد عام ٢٠٠٣ إلى ارتداء ما تسمى (الجادر) وهو نوع من العباءات تختلف في طريقة فصالها عن العباءة العراقية، فهي مجرد قطعة قماش نصف دائرية، توضع على الرأس لينسدل قماشها على بقية جسم المرأة، التي تتولى بإمساكها من أعلى الرقبة أو الصدر بغية تثبيتها، الأمر الذي يدل كونها عباءة غير عملية بالمرة.
هذه الموضة الدخيلة انتشرت لفترة ثم اضمحلت  تدريجيًا حتى  لتحلّ موضة أخرى بديلًا لها، ولتغزو العباءة النسائية العراقية بتصاميم مختلفة، مما أوجد فرصة للنساء والفتيات لاتباع موضوعة الموضة الدخيلة أو فكرة إلغاء إرتداء العباءة بشكل متعمد ونهائي. بحجة أنها لا تتناسب مع المكان أو الموقف أو الموضة، بعد كل فترة الالتزام الشرعي والمجتمعي بارتدائها، ليتسبب ذلك بانحسار لبسها داخل مناطق محدودة وعلى فئات معينة، بين صفوف الفتيات الملتزمات دينيًا أو النساء كبيرات السن.
المؤلم إن هذا الانحسار بدأ يتلاشى في الآونة الأخيرة بدخول زي آخر تحت مسمى (البشت) الذي تأثرت به الكثير من النساء، باعتباره زي غير خادش للعادات والتقاليد، ولا يلاقي آراءً اجتماعية أو دينية معارضة،  فانتشر سريعًا حتى في المناطق التي غلب عليها الطابع الديني والتقليدي.
وهنا نصل إلى نقطة مهمة وهي التخلي عن التمسك بالهوية الأصيلة، فكم من مرة تخلينا عن هويتنا تحت مسمى التطور والانفتاح؟
لماذا التأثر بكل واردة في الكثير من المجالات؟ 
للأسف الشديد نحن لا نلتفت إلى قضية التمسك بالهوية وبالتقاليد المجتمعية التي تعيب علينا أن نتأثر بكل ما يصدر لنا من منتجات. والتهاون لهكذا مواضيع يشكل  خطر ا كبيرًا على الفتاة العراقية المحافظة، ربما يقودها للانجرار نحو الثقافات الدخيلة علينا بالمظهر والجوهر، فضلًا عن الجوانب السلبية على المستويات العقائدية والاقتصادية والاجتماعية.
ولأننا فقدنا التمسك بارتداء العباءة العراقية، فلقد رضينا بالأقل سترًا، وصرنا نصدّرها في كل مرة بحلّةٍ جديدةٍ، تحت مسمى الموضة. 
وجدير أن أذكر في الختام امرأة عراقية أثرت في الكثير خاصة في النساء العراقيات في شخصيتها وقوتها وقيادتها وزيها، كانت امرأة الموقف والكلمة والثبات، حتى حذا حذوها الكثير من الفتيات اللاتي فهمن معنى أن تكون المرأة نواة المجتمع إن صلحت صلح الرجال والإبناء، وإن فسدت فسد المجتمع، كانت امرأة قوية بفكرها وبكلمتها وانتمائها، كانت العباءة لا تعيق تحركاتها ولا تعيب مكانتها، امرأة مؤمنة، مجاهدة، حقيق أن يقال عنها سيدة العفة والإباء، السيدة الشهيدة السعيدة، آمنة الصدر "بنت الهدى". رحمها الله ورضي عنها وأرضاها في دار قرار الآخرة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هدى الغراوي

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/03/15



كتابة تعليق لموضوع : عباءة العراق: رمزٌ للهوية والتاريخ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net