نقص أم رحمة ؟؟ 
اميرة كاظم شاكر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 (معاشر الناس، إن النساء نواقص الايمان، نواقص الحظوظ، نواقص العقول)(١) كلمة تنسب لسيد البلغاء ووصي الأوصياء الامام علي عليه السلام وحيث إن كلام الأمير أمير الكلام، فهذا يعني أن كل ما يقوله له تأكيد وإثبات وأسباب فهو باب مدينة العلم (٢)، ولطالما أصابت هذه الكلمات النساء بالإحباط عند سماعها؛ لقيام الرجال باستعمالها ضد المرأة في أوقات كثيرة لانهم اخذوا بظاهرها ولم يتمعنوا في باطنها. 

وبما أن الإسلام لا تناقض فيه، فهو من جهة يعظم المرأة ويبجلها ويجعل الجنة تحت أقدامها ويوصي بها كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "استوصوا بالنساء خيرًا"(٣)  
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي"(٤) فكيف يصفها بنقص الدين والعقل والحظ من جهة اخرى؟! 
وسنجيب على هذا التساؤل بنفس جواب امير المؤمنين عليه السلام في نفس الحديث اعلاه قوله:  
"معاشر الناس، إن النساء نواقص الايمان، نواقص الحظوظ، نواقص العقول، فأما نقصان أيمانهن، فقعودهن عن الصلاة والصيام في أيام حيضهن، وأما نقصان عقولهن فشهادة امرأتين كشهادة الرجل الواحد، وأما نقصان حظوظهن فموارثيهن على الانصاف من مواريث الرجال...."(٥) 
اذن تبين ان نقصان دين المرأة  هو أمر 
طبيعي، فسقوط الصلاة والصيام عنها في أيام الحيض والنفاس جعل من دينها ناقصا. 
ولكن هل يعتبر هذا النقص اذلالا لشخصها وكيانها ؟ ام لا 
لنبحر معا في عالم الطب لنعرف الأسباب التي جعلت من دين المرأة ناقصا، ففي أيام الحيض والنفاس تشعر المرأة بعوارض عدة منها:  
اولا :الشحوب والاعياء العام. 
ثانيا :ألم البطن . 
ثالثا :احتباس السوائل، وذلك يسبب الشعور بالانتفاخ ؛ بسبب ارتفاع نسبة هرمون الاستروجين والبروجستيرون، التي تعمل على تغيير ضبط الجسم للصوديوم وبالتالي يسبب احتباس السوائل.  
رابعا: الإمساك: تؤثر الدورة الشهرية على الجهاز الهضمي وتسبب حدوث مشكلة في إخراج الفضلات وبالتالي الإصابة بالإمساك. 
ولأن رحمة الله وسعت كل شيء اسقط الله عن المرأة الصلاة والصوم أيام الحيض والنفاس لما تعانيه المرأة من آلام ومشقات . 
أذن هل نقص دينها هو إذلال لها ؟ ام رحمة لها ؟ 
بعد أن أثبتنا أن نقص الدين هو لراحة المرأة واعفائها من مشقات الصوم والصلاة . 
تعالوا الان لنشرح أمر صغر عقل المرأة، 
صغر عقل المرأة هل هو أيضا استصغار لها ولكيانها ؟ ام هناك رحمة اخرى ؟ 
على مر التاريخ سجلت بعض النسوة القمة السامقة في العقل والحكمة والايمان كمولاتنا خديجة بنت خويلد عليها السلام حيث وقفت مع الرسول الاكرم  
مواقف مشرفة في تحمل المشاق وبذل كل اموالها وثروتها لمساندة الدعوة وتسهيل قيام  الدولة الاسلامية، وقد قال فيها رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: (فضلت خديجة على نساء أمتي كما فضلت مريم على نساء العالمين)(٦) ، فهي التي أقرّ لها رسول الله -صلى الله عليه وآله  وسلم- بأنّها خير نساء هذه الدُّنيا في زمانها كما كانت مريم -عليها السلام- خير نساء الدُّنيا في زمانها 
وقد  أكملت طريقها في نصرة الاسلام مولاتنا فاطمة الزهراء عليها السلام حيث قال عنها رسول الله (صلى الله عليه وآله): كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا أربع: آسية بنت مزاحم امرأة فرعون، ومريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله)(٧)، حيث وقفت مع ابيها كما كانت والدتها، ومن بعد رحيله ساندت زوجها الامام علي عليه السلام بوقوفها أمام زعماء السقيفة وطالبت بحقها في إرث ابيها وطالبت بحق زوجها في خلافة الرسول الاكرم من امته المتخاذلة بعد رحيله صلى الله عليه واله وسلم حتى ماتت مظلومة شهيدة في ريعان شبابها. 
وفي حديث الكساء عندما سأل جبرائيل عليه السلام الله تعالى بقوله : يا رب من هم تحت الكساء ؟ 
اجابه الله عزوجل : انهم فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها، حيث جعل الله تعالى  فاطمة هي المحور الذي تدور حوله النبوة والامامة ، فأي تكريم للنساء اكثر من هذا؟. 
وفي عصرنا الحالي هناك الكثير من الشواهد على ذكاء المرأة  وابداعها وتبوأها مكانة لم يحظ بها الرجال  كالمهندسة العراقية زها حديد، وهي من أبرز الشخصيات التي احتلت المرتبة الأولى في عالم الهندسة المعمارية، والتي كانت تتعامل مع الحديد والمسلح وكأنه قطعة قماش تطوعها كما تريد. 
حصلت زها على لقب واحدة من “أقوى 100 امرأة في العالم” وفق مجلة فوربس عام 2008. 
كما أنها نالت وسام الشرف البريطاني برتبة سيدة قائد عام 2012 والميدالية الذهبية عام 2016، ولا تزال المهندسة زها حديد الشهيرة التي خلقت مكاناً للنساء في مهنة يُسيطر عليها الرجال شخصية بارزة حتى الآن، كما ستبقى تصاميمها المُبهرة رمز فخرٍ في العالم أجمع.
وهي أول امرأة حصلت على جائزة بريتزكر للعمارة حيث صممت 950 مشروع في 44 دولة حول العالم ، ومن أهم إنجازاتها جسر الشيخ زايد في أبوظبي في الامارات، وايضا صممت دار أوبرا غوانزو في الصين والتي تتميز بموقعها الرائع على ضفاف النهر، بالإضافة الى مركز حيدر علييف الشهير في باكو في اذربيجان وهو أحد تصاميم زها حديد الحائزة على عدة جوائز والعديد العديد من إنجازاتها التي أبهرت العالم . 
والأن لنرى عقل المرأة في العلم الحديث لنؤكد أن باطن الكلام اعلاه ليس كظاهره من خلال بعض الحقائق العلمية: 
أولا :أكد الباحثون في العلم الحديث أن  دماغ المرأة أصغر من دماغ الرجل بما معدله نحو 14%، وهذا يؤكد مقولة الامام علي عليه السلام والتي تعني ان دماغ المرأة صغيرا قياسا بدماغ الرجل، ولكن لنرَ من الناحية العلمية عمل هذا  الدماغ الصغير، ان صغر دماغها  يتيح لها  استخدامه بكفاءة أكبر، وهو ما  يجعلها أقدر على رؤية الأمور من جوانبها المختلفة، ويجعلها قادرة أيضا على أداء عدة مهام في آن واحد، وذلك على عكس الرجل الذي يركز في التفاصيل الدقيقة للأمور من جانب واحد.  
ثانيا :المرأة تنظر إلى الأمر ككل، في حين ينظر الرجل إلى تفاصيله، اي ان عقل المرأة يستطيع أن يحل المشكلات بصورة أسرع وأوضح من عقل الرجل . 
ثالثا :المرأة أقدر على التذكر من الرجل. حيث أن هناك أبحاثا في جامعة "كاليفورنيا" أثبتت أن أمخاخ النساء أصغر ولكن يمكنها أن تؤدي بسرعة أكبر بسبب وجود روابط أفضل بين خلايا المخ. 
رابعا : المرأة أقدر وأسرع في تعلم اللغات من الرجل، وهذه حقيقة أثبتت علميا مما يعني أن نقص العقل في المرأءة هو ميزة تجملها لا نقص يقلل من شأنها . 
فإذا كانت المرأءة بعقل ناقص -كما يقولون – هي نصف المجتمع وتربي النصف الآخر وتتبوأ مكانة عالية في المجتمع فماذا ستفعل لو كان عقلها كاملا؟! 
يكفي المرأة فخرا ان جعل الله الجنة تحت اقدام الامهات(٨)، ولم تأتِ هذه المكانة اعتباطا بل لأنها تحمل أعباء مجتمع كامل وتصنع مجتمعا كاملا فهذا هو الكمال بعينه. 

---------------------------------------- 
(١) نهج البلاغة، الشريف الرضي،  تحقيق صبحي الصالح، الخطبة٨٠، ج١، ص١٢٩. 
(٢)اشارة لحديث رسول الله صلى الله عليه وآله: (أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب) بحار الانوار، المجلسي، ج ٤٠، ص٢٠٣. 
(٣)مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج١٤، ص٢٤٣. 
(٤)وسائل الشيعة (آل البيت)، الحر العاملي، ج٢٠، ص١٧١. 
(٥)نهج البلاغة، الشريف الرضي،  تحقيق صبحي الصالح، الخطبة ٨٠، ج١، ص١٢٩. 
(٦)التبيان في تفسير القرآن، الطوسي، ج٢،  ص ٤٥٦ . 
(٧) ميزان الحكمة، الريشهري، ج ٣، ص ٢٧٤٦. 
(٨) اشارة لحديث النبي (صلى الله عليه وآله ): "الجنة تحت أقدام الأمهات " ،  مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج ١٥، ص ١٨٠.

الموضوع السابق (تأملات في كتاب المصابيح لسماحة السيد احمد الصافي)٦٩

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat